حين تلقيت دعوة من كلية الألسن جامعة عين شمس لحضور فعاليات الاحتفال بيوم المترجم المصري ، وهي الكلية التي تخرجت فيها منذ عدة سنوات مضت، عقدت العزم على ترك كل شيء خلفي لتلبية تلك الدعوة. وكان كافيا بالنسبة لي مجرد الحضور واسترجاع الذكريات القديمة ولقاء بعض زملاء الدفعة والأساتذة الأفاضل، ناهيك عن التكريم. حدث رائع التنظيم والجهد نبيل الهدف كرم فيه ابناء رفاعة الطهطاوي ممن نالوا شرف التخرج من كلية الألسن وكانت لهم اسهاماتهم في حركة الترجمة وعلى رأسهم دكتورة كاميليا صبحي التي تشغل الآن منصب رئيس المركز القومي للترجمة، وهي المؤسسة لتي نأمل أن تصبح أكثر فاعلية وتأثيرا في حركة الترجمة واللغة والادب بشكل عام بعد ثورة التصحيح. وقد أعلنت صبحي خلال حفل التكريم عن دعوة المركز لعقد جلسة في فبراير القادم لتاسيس رابطة المترجمين العرب لتقنين مهنة الترجمة. وهي مبادرة جيدة من جانب المركز من شانها ان تلم شتات المترجمين الذين لا يتمتعون بأي حقوق مهنية، بل وحرم الكثير منهم من مجرد التمتع بحقهم الأدبي. قرر المترجمون انتزاع يوم الخامس عشر من أكتوبر وهو يوم ميلاد الشيخ رفاعة رافع الطهطاوي للاحتفال بالمترجم المصري وعلى الرغم من عدم رسمية المناسبة، إلا أنها تظل خطوة جيدة في سبيل الاعتراف بأهمية الدور الذي يلعبه المترجم المصري. ولم يقتصر الاحتفال بالمترجم على كلية الألسن التي سبق واحتفلت به العام الماضي، بل امتد إلى المركز القومي للترجمة الذي احتفل به على المسرح الصغير بدار الأوبرا كما نظمت ساقية الصاوي فعالياتها للاحتفال باليوم هي الأخرى للمرة الأولى.
وقد عزم المترجمون على التعبير عن أنفسهم هذه المرة من خلال الاحتفال بعد أن بح صوتهم في نداءات مطالبة الجهات التنفيذية المعنية بالكيانات النقابية المهنية في مصر للعمل على انشاء صرح لغوي يضم كافة اللغويين والمترجمين من كليات الألسن والآداب واللغات والترجمة ودار العلوم والتربية وغيرها من كليات خاصة وما يعادلها بالخارج، إلا أن تلك النداءات لم تجد الأذن الصاغية حتى يومنا هذا.
لم يكل المترجمون ولم يملوا عن المطالبة بكيان لهم متمثل في نقابة مستقلة، وذهب بعضهم حاملا حلمه ومشروعه ليعرضه على لجنة المقترحات بمجلس الشعب عام 2009، التي قبلت الموضوع شكلا لتأتي بعض الجهات التنفيذية لتعرقل الأمر ثانية ويتوقف المشروع. وربما كانت احتفالية الخامس عشر من الشهر الجاري هي إحياء جديد للحلم الذي طالما راود أصحابه من اللغويين الذين يأملون ما هو أفضل في العهد الثوري الجديد.
ويتم العمل الآن على استقطاب كافة المترجمين واللغويين الدارسين منهم والأساتذة على حد سواء من أجل تكوين نقابة تحت التأسيس، يقوم أعضاءها بملىء استمارات لعضوية النقابة مرفق بها صورة من شهادة التخرج والبطاقة الشخصية. وهاهم قد تجاوز عددهم إحدى عشر ألف مترجم من مختلف الكليات، سيتقدمون بملف مشروعهم على البرلمان القادم المنتظر، آملين أن يجدوا فيه ما يسرهم بعد فترة طويلة من التخبط وطول الانتظار.