منذ أيام كنت أتصفح الفيس بوك لأفاجأ بترشيح صداقة لسيدة ذات اسم معروف وجمال مبهر. السيدة كانت فى وقت من الاوقات حديث مصر كلها لأن اسمها ارتبط بحملة واسعة من الإقالات لعديد من أبرز رجال الدولة وقتها كان على رأسهم واحد من أشهر وزراء الدفاع فى تاريخ مصر.
وإلى الآن لا يعرف أحد ما إذا كان هناك سبب حقيقى لتلك الإقالة أم أن وزير الدفاع المحبوب والقوى وذى الحظوة لدى الولاياتالمتحدة كان لابد أن يخرج من الصورة بأى شكل حتى يفرغ المشهد لبطل واحد حتى لو كان من ورق أين الحقيقة؟؟..... لا أحد يعرف.
تحدث النكسة ويتنحى عبد الناصر ثم يتراجع فى التنحى ثم يختفى المشير عبد الحكيم عامر من المشهد ثم يفاجأ الجميع بخبر عن انتحاره ويتهامس الناس أن المشير قد (انتحر) -بضم التاء وكسر الحاء- وأن كوبا من العصير كان كفيلاً بإرسالة إلى الدار الآخرة. أين الحقيقة؟؟.... لا أحد يعرف.
يموت الملك فاروق فى منفاه ويذاع أن الوفاة طبيعية ثم تتناثر الأقوال أن شابا مصرياً قتله بتحريض من مجلس قيادة الثورة.
أين الحقيقة ؟؟؟ .....لا أحد يعرف.
وفاة عبد الناصر....... أغتيال السادات .......مصرع أشرف مروان....... حادث الليثى ناصف ..........طائرة المشير بدوى.....وحتى رحيل سعاد حسنى
ألغاز كثيرة يمتلئ بها تاريخنا ويمضى الزمن دون أن تعرف لها حلاً أو نسمع فيها قولاً فصلاً.
التاريخ فى وطننا ليس كتاباً علميا ولا حتى رواية أدبية لكاتب واحد.
وأنما هو عرض مسرحى يضع فيه الممثلون جميعاً (التاتش) بتاعهم.
منذ أسابيع قليلة ثارت ضجة غير عادية حول إشاعة وضع "حسن البنا" فى مناهج التاريخ.
وثار كثيرون وأخذوا فى لعن أخونة التاريخ قبل حتى أن يتثبتوا من الخبر، ولكنى فى الواقع كنت مشغولاً بشئ أخر، فقد كنت مشغولا بما سيكتب عن حسن البنا وليس بذكر حسن البنا
من الطبيعى أن يكون مؤسس جماعة الأخوان المسلمين موجوداً فى تاريخ مصر المعاصر وحاضراً بقوة فى أحداثه وهو من يملك كل هؤلاء الاتباع والمؤيدين الذين وصل أحدهم إلى كرسى الحكم ويحتل حزبهم موقع الصدارة بين الأحزاب المصرية،ولا أريد لابنى أن يخرج إلى الدنيا فيقع أسيرا للجهل الذى يودى بالإنسان غالبا إلى حيث كان يخاف من أخفى الأمر من بدايته
السؤال الأهم فى رأيى هو كيف سيتم تقديم حسن البنا؟؟؟
كرجل يخطئ ويصيب أم هى غلالة العصمة نسبغها على من ينتمى الحاكم إلى فكره خوفاً من ان يعتقد أننا ننتقده هو؟؟؟
التاريخ ليس أمراً تافها كى نتركه لكل وجهة نظر تعبث به يمنة ويسرة وإنما هو مرجع الأمة وحافظ وعيها وتراثها الذى يعين أبناءها على مستقبلهم ويزيد معرفتهم بجوهر وطنهم وقيمته.
لذلك لابد من أن نكتب تاريخ أوطاننا بطريقة مختلفة تماما حتى نفهم أبناءنا أن ينظروا إلى الأفعال نظرة نقدية تقييمية لا تنخدع بمظهر كاذب ولا بكلمات فارغة.
من المخطئ إذا كان كل رموز وطننا لا يخطئون ولا نقرأ شيئا فى مناهجنا عن إخفاقاتهم وأسبابها.
كيف يكون عبد الناصر زعيما فى كتبنا المدرسية لا يخطئ ولا يتعثر؟
كيف حدثت النكسة إذن؟؟
وكيف يكون السادات بطلاً للحرب والسلام ليس له مثيل ثم يتم اغتياله بتلك الطريقة؟؟؟
ما الدافع؟؟
ماذا يحدث لأبنائنا حين يدرسون أن هذا الرئيس أخذ أقصى اليمين وكان محقا جدا،وذاك الرئيس أخذ أقصى اليسار وكان محقا أيضا!! كأننا ندرس تاريخ بعض الملائكة
كيف ننشئ جيلا لا يعرف أخطاء من ساسوا آباءه وأجداده كى يتعلم منها؟
إننا نرتكب جريمة فى حق وطننا وأبنائنا إذ نخفى عنهم ما ينبغى لهم أن يعلموه من أمر تاريخهم.
وما الذى يضمن لنا أن تاريخنا المعاصر سيكتب بشكل منصف.
رأينا منذ فترة واحداً من المذيعين المعروفين بميولهم "الإخوانية" وهو يكتب سلسلة من المقالات يؤرخ فيها للثورة بشكل استفز الكثيرين من حيث نسبة الفضل إلى أناس بعينهم ونسمع بين الحين والآخر تصريحات أو همسات دائما ما تلحقها تكذيبات من أن الإخوان هم من قاموا بالثورة وحدهم وهم من نصروها دون غيرهم.
كأن صنفا من الناس لا يريد إلا أن يبعد التاريخ أسوأ ما فيه فينتهى عهد صاحب الضربة الجوية ليبدأ عهد صاحب الضربة الثورية فنجد أنفسنا بعد عشرات السنين أمام أمثلة لبشر كان لهم دور عظيم فى الثورة لكن مصيرهم أصبح كمصير محمد نجيب ويوسف صديق وسعد الشاذلى وعبد الغنى الجمسى.
الكثير من شبابنا حتى الآن لا يعرفون إلا أن جمال عبد الناصر هو أول رئيس للجمهورية ولا يعرف بعضهم عن حرب أكتوبر إلا السادات وحسنى مبارك.
ولأننا نكتب تاريخا على مقاس الحاكم وعلى هواه فليس غريبا إذا أن يختفى اسم وصورة رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية خلال حرب أكتوبر من جميع المناسابت والاحتفالات التى أقيمت لأكتوبر، وأن ينسب الفضل الاول لضربة من سلاح كان فى الواقع إحدى نقاط الضعف المصرية وليس إحدى نقاط القوة.
ليس غريبا ألا نسمع ذكرا لمحمد على فهمى قائد قوات الدفاع الجوى ولا لعبد المنعم واصل ولا سعد مأمون ولا فؤاد زكرى ليس غريبا أن نكون معتقداً فى نفسك حتى الآن أن الثغرة كانت عملية تلفزيونية كما قال السادات أو أن سيادتنا على سيناء كاملة كما قال مبارك.
أرجوكم أن تحسنوا إلى مستقبلكم بالتدقيق فى تاريخكم لأن الفرع لابد له من ساق وجذر قويين.