«الخصخصة» أنتجت أوضاعاً احتكارية غير منطقية.. وقانون إدارة الأصول لن يحقق كفاءة الإدارة هاني توفيق «نعم.. شاركت في الجريمة» بادر هاني توفيق الرئيس التنفيذي السابق لشركة النعيم القابضة للاستثمارت المالية ضاحكا في اتصال هاتفي لتحديد موعد لإجراء الحوار معه في إشارة لمشاركته في إجراءات طرح عدد من شركات القطاع العام للبيع. فالرجل الذي يشغل منصب رئيس الجمعية العربية للاستثمار المباشر يعترف بأنه يسعي للاستثمار في أسواق المال في أي قطاع يدر الربح «باستثناء المخدرات والسلاح» علي حد تعبيره، ويضمر بطبيعة الحال وبحسب ما يقول قناعة قوية بالسوق الحرة من حيث المبدأ، يروي مع ذلك في حواره مع الدستور عما أفقده الثقة في جدوي الخصخصة في مصر، بالرغم من كونه أحد من صاغوا مصطلح «الخصخصة» نفسه، وقدموه للغة العربية لأول مرة في مصر في الثمانينيات من القرن الماضي.. لماذا تهاجم الخصخصة في مصر؟ - لأنها أنتجت عدة مراكز احتكارية عندما تركت الحكومة السوق لاحقا بعد إتمام البيع دون ضبط الأسعار. أي الأسواق تقصد؟ - الأسمنت بصورة خاصة. فسعر الطن جاوز 500 جنيه بينما تكلفة إنتاجه تتراوح بين 150 و200 جنيه فقط. هذه الأرباح الهائلة التي يدفع ثمنها المستهلك ناتجة بالطبع عن أوضاع احتكارية. لكنك شاركت في الخصخصة؟ - نعم، لكني لم أكن أعلم أن الحكومة سترفع يدها عن منع الاحتكار وإلا لكنت اقترحت أنماطا أخري للخصخصة قد تكفل علي الأقل أن تؤول تلك الأرباح الهائلة للدولة ولو جزئيا. أي أنماط مثلا؟ - كان الأولي مثلا البيع بحق الانتفاع لمدة معينة تعود بعدها ملكية تلك الشركات للدولة من جديد، أو الاحتفاظ بنسبة تصل إلي 49 % من هيكل الملكية في يد الدولة. لماذا استبعدت تلك الأنماط وقتها إذن؟ - كانت الأولوية وقتها هي الحصول علي أعلي سعر، علي حساب أمور أخري أري الآن أنها أكثر أهمية، لكن النتيجة كانت تمييز جيل وحرمان أجيال تالية من عائدات تلك المنشآت. أحد أبرز الأمثلة هو بيع رخصة التشغيل مدي الحياة لشركات الهاتف الجوال الثلاثة التي تتمتع بمراكز احتكارية والتي كان الأجدر بالحكومة من وجهة نظري أن تحدد الرخصة بمدة انتفاع، أو أن تشارك القطاع الخاص بنظام المشاركة بين القطاعين العام والخاص «ppp». ما رأيك إذن الآن في مشروع قانون إدارة الأصول الجديد الذي يعده محمود محيي الدين وزير الاستثمار وينص علي استئناف برنامج الخصخصة عبر طرح نسبة 49 % من شركات تابعة لقطاع الأعمال العام في البورصة؟ - أسلوب غير علمي علي الإطلاق لأنه لا يحقق كفاءة الإدارة وهي الهدف في رأيي من تبني الخصخصة. فمع احتفاظ الدولة بحصة الأغلبية ستحتفظ بحقها في الإدارة في تلك الشركات. ومع ذلك فربما يمكن تلافي مساوئ هذا الأسلوب في حال نص مشروع القانون الجديد مثلا علي فصل الإدارة عن الملكية. كيف تصف دورك في برنامج الخصخصة؟ - شاركت بناء علي طلب من الحكومة بوصفي عضوا في «المجموعة المالية المصرية» في تحديد أنسب الطرق للخصخصة، وكمستشار للطرح، كما شاركت في تقييم الشركات المطروحة للخصخصة. ومتي بدأ دورك؟ - أوائل تطبيق البرنامج في مصر في منتصف الثمانينيات، حتي إن المجموعة المالية المصرية كانت المسئول وقتها عن ترجمة المصطلحات المتعلقة بتحرير السوق للغة العربية لأول مرة في مصر ومنها مصطلح «الخصخصة» نفسه. أي صفقات الخصخصة تلك التي بدأت بها دورك في البرنامج ؟ - صفقات بيع شركة أسمنت السويس وفندقي شبرد وهيلتون الفيروز في شرم الشيخ التي شاركت في تقييمهم وتحديد أسلوب الطرح الأمثل لكل منهم. وآخر صفقة؟ - صفقة بيع شركة المشروعات الصناعية والهندسية التي كانت تتبع قبل البيع عام 2000 الشركة القومية للبناء والتشييد قبل أن تتقلص حصة الأخيرة إلي 20% فقط بعد طرح الشركة في البورصة. بينما انتقلت الحصة الباقية كلها لصناديق استثمار وأفراد عبر التداول الحر في البورصة. وكيف تقيم تلك الصفقة؟ - الصفقة تمت علي هذا النحو لأن توجه الحكومة وقتها كان محاولة تنشيط البورصة بأي صورة. وأري الآن أن الحصة الأكبر كان لابد أن تنتقل ليد مستثمر استراتيجي بدلا من احتفاظ الدولة بها كما أني لست راضيا عن تفتت الملكية بهذه الصورة. فالشكل الحالي للملكية لا يحقق كفاءة الإدارة التي يفترض أنها الهدف من وراء الخصخصة لأنه يبقي الإدارة في يد الدولة. أنت لا تعتقد إذن في إمكانية تحقيق الدولة لكفاءة الإدارة في مثال كشركة المشروعات الصناعية والهندسية؟ - الدولة في نظري مقاول فاشل، لابد أن تخرج من عملية الإنتاج أو علي الأقل من ممارسة الإدارة اليومية للشركات. لكن الدولة مقاول ناجح في شركة المقاولون العرب علي سبيل المثال؟ - المقاولون العرب شركة مثقلة بالديون. ما دمت ضد ممارسة الدولة للإدارة فلماذا تطالب بتطبيق نمط حق الانتفاع في الخصخصة مادام سينتهي لعودة الشركات لإدارة الدولة؟ - ما أطالب به في هذا الصدد هو إعادة طرح المشروعات بسعر جديد وشروط جديدة بعد انقضاء مدة حق الانتفاع الأول.