القدرة والقوة    ارتفاع في الطماطم.. أسعار الخضار اليوم الأربعاء في أسواق مرسى مطروح    هبوط جديد بسعر الفراخ اليوم في مطروح    سعر الدولار اليوم الأربعاء 9 يوليو 2025    المصرية للاتصالات تعلن استعادة خدمات الانترنت والمحمول بعد نقلها الى سنترالات بديلة    البورصة المصرية تعلن استئناف التداول اعتبارًا من اليوم الأربعاء بعد توقفها بسبب سنترال رمسيس    بعد بيان هيئة التأمينات.. موعد صرف معاشات أغسطس 2025 بالزيادة (طريقة الاستعلام)    رانيا المشاط تتابع مع البنك الأوروبى الاستفادة من برنامج خفض الانبعاثات بقطاع الصناعة    تراجع أسعار المستهلك في الصين بنسبة 0.1% شهريا خلال يونيو    "أكسيوس" يكشف تفاصيل 90 دقيقة لاجتماع ترامب ونتنياهو.. ورسالة خاصة إلى حماس    رئيس الوزراء يستقبل رئيس مجلس الدولة الصيني بمطار القاهرة الدولي    أوكرانيا: روسيا أطلقت 728 طائرة مسيرة و13 صاروخا خلال الليل    موقع واللاه العبري: السعودية أفشلت مخطط تهجير الفلسطينيين من غزة.. ترامب يوقف المشروع    سول تعيد 6 صياديين من كوريا الشمالية إلى بلادهم بعد إنقاذهم في البحر    مجلس الوزراء يوافق على نظام تملك غير السعوديين للعقارات    جيش الاحتلال يعلن اغتيال قيادي في وحدة بدر بحزب الله جنوب لبنان    ترامب يعلن حضوره نهائي كأس العالم للأندية 2025 على ملعب ميتلايف    انطلاق منافسات تتابع الناشئين والناشئات ببطولة العالم للتتابعات للخماسي الحديث    رئيس الوزراء يتفقد سنترال رمسيس    ضبط 10.5 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    هربا من الحر للموت.. وفاة طالبين غرقًا داخل ترعة في قنا    ارتياح بين طلاب الأزهر بالفيوم بعد امتحان التفسير: 'نهاية هادئة لماراثون صعب"    «الداخلية»: ضبط مواد مخدرة داخل بؤر إجرامية بعدة محافظات بقيمة 34 مليون جنيه    تعليم الوادى الجديد: اعتماد القبول بمدرسة التكنولوجيا التطبيقية ب240 درجة    الاستماع لأقوال شهود عيان لكشف ملابسات مقتل سيدة على يد طليقها بأكتوبر    مصرع طفلة أسفل عجلات سيارة في الشرقية    ما بين السينما والدراما.. نجوم في بلاتوهات التصوير    الثانية هذا العام.. محمد عساف يكسر صمته الغنائي في ليلة من أجل غزة بمهرجان قرطاج الدولي    تعيين وتجديد تعيين 59 قيادة جامعية بكليات ومراكز جامعة القاهرة.. وإعادة تشكيل 6 مجالس إدارات    تشغيل وحدة القسطرة القلبية بمستشفى طنطا العام وإجراء 12 عملية    وزير الصحة يبحث مع المدير الإقليمي للصحة العالمية التعاون في ملفات المبادرات والتحول الرقمي    تنسيق الدبلومات الفنية 2025.. مؤشرات كليات ومعاهد دبلوم سياحة وفنادق    60 فيلمًا و120 مسرحية.. ذكرى رحيل عبد المنعم مدبولى في كاريكاتير اليوم السابع    تامر حسني يسلم ماستر ألبومه الجديد "لينا معاد".. والإصدار الرسمي غدًا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 9-7-2025 في محافظة قنا    مدرب الزمالك السابق يحذر الإدارة من التسرع في ضم نجم بيراميدز: "تحققوا من إصاباته أولًا"    البابا تواضروس يلقي محاضرة بالكلية الإكليريكية ويلقي عظة روحية بكنيسة القديسين (صور)    تعرف على آخر مستجدات إنشاء المحطة النووية بالضبعة    لليوم الخامس على التوالي.. بدء تلقي أوراق الترشح لانتخابات مجلس الشيوخ    اكتشاف فوائد غير متوقعة لحليب الإبل في مكافحة مرض يصيب الملايين حول العالم    كل ما تحتاج معرفته عن اختبارات القدرات 2025 لكليات الفنون التطبيقية (التواريخ الرسمية)    المسرح القومي ينشر فيديو تحية الجمهور في افتتاح «الملك لير»    بصوت لبناني يصل إلى غزة، ماجدة الرومي تفتتح "أعياد بيروت" بعد غياب أكثر من 15 عامًا (فيديو)    بعد تجديد رونالدو.. عرض من النصر السعودي لضم وسام أبو علي (تفاصيل)    دعاء الفجر| اللهم ارزقني الرضا وراحة البال    الاتحاد المنستيري يرفض استعادة الجفالي.. والزمالك يتحرك لإعارته وتوفير مكان للاعب أجنبي    بوصفات الطب الصيني.. نصائح لعلاج السكر في الدم    الخارجية الإيرانية: تلقينا رسائل من واشنطن للعودة إلى المفاوضات    الجبهة الوطنية: قادرون على إحداث نقلة حقيقية في تاريخ الحياة الحزبية    بعد ترميمهما.. وزير السياحة ومحافظ القاهرة يفتتحان قبتين نادرتين بالفسطاط    مدرب الزمالك السابق: يجب أن نمنح جون إدوارد الثقة الكاملة    الفيفا يفتتح مكتبا داخل برج ترامب استعدادا لمونديال 2026    مجلس الكنائس العالمي يدعو لحماية حرية الدين في أرمينيا: "الكنيسة الرسولية الأرمينية تمثل إرثًا روحيًا لا يُمس"    الرمادي يكشف أفضل 2 مدافعين في مصر    غالبًا ما تمر دون ملاحظتها.. 7 أعراض خفية لسرطان المعدة    أمين الفتوى يحذر من الزواج العرفي: خطر جسيم على المرأة    أمينة الفتوى: «النار عدو لكم فلا تتركوا وسائل التدفئة مشتعلة أثناء النوم»    ندوة بالجامع الأزهر تُبرز أثر المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار في ترسيخ الوَحدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمر طاهر يكتب: طعام العامة
نشر في الدستور الأصلي يوم 08 - 07 - 2012

مر على وجود برما فى أسوان يومان، اتصلت به لأسأله عن أهم اكتشافاته فى هذة الفترة فقال: شخص يمتلك فاترينة لبيع ساندوتشات الطعمية على بعد خطوات من بوابة السوق، يعمل لمدة ساعتين حتى ينفد مخزون العجين، زحام هائل والمحظوظ فقط من يلحق بقرصين.


اندهشت من كلام برما فقال: الطعمية سحر مصرى، لا أعرف من أين أتى اسمها لكننى أعتقد أنه مشتق من مصطلح (طعام العامة) إذا دمجت الكلمتين مع قليل من التحريف المصرى الشائع عبر السنوات ستحصل على كلمة (طعمية)، أفخر بكونى واحدا من العامة فى مواطن كثيرة، أهمها اللحظة التى أقف فيها أمام الطاسة ممسكا بقرطاس من ورق المصرى اليوم.


قلت له ومن أين يأتى السحر؟، فقال: فى العالم كله لا يوجد ما هو أشهى من نصف رغيف بلدى طازج يحتفظ بسخونته تلقى بداخله حبة طعمية ساخنة وتسندها بشريحة من الطماطم البلدى ثم تزينها بنطرة ملح ونطرة شطة، هل تريد مزيدا من الإعجاز؟ ضع معهما شريحة من الباذنجان المقلى، الباذنجان معجزة أخرى به شىء يتماس مع الطفولة، فهو لا يحتاج إلى أسنان بالمرة، ويفرز سكَّرا ما فى جنبات الفم دون تجزيع، سكرا لا يثير العطش لكن يبل الريق بطريقة ما.

اليوم ضربت ساندوتشا ساخنا كانت قطعة الطماطم الباردة بداخله بمثابة لمسة حانية مثل تويتات هبة رؤوف عزت، كنت أسند القضمة بقضمة أخرى من حبات الفلفل الحار المقلى، ثم أستعين على البلع برشفة من كوب شاى أحمر سكر زيادة، يتصاعد منه البخار حتى كاد يختلط بدموعى من فرط اللذة، أنهيت طعامى ثم طلبت من المقهى كوبا جديدا من الشاى لكن بالنعناع هذه المرة وجلست فى الشمس أتأمل السعادة التى وهبنى الله إياها.. رحيل العسكر نفسه لا يستطيع أن يقودنى إلى تلك الروحانية التى وضعنى فيها طعام إفطارى وجعلنى كأننى فى حضرة صوفى خفيف الدم.. فالحمد لله.

قلت له: يرحمكم الله.

ضحك برما ثم قال: سنموت قبل أن نعرف ما الذى يجعل طعمية الشارع تتفوق على طعمية البيت، لكننى أستطيع أن أميز طعمية شارع عن شارع آخر بلونها، فكلما كانت ذهبية تتآلف فى حضنها حبات السمسم كفصوص أحجار كريمة مع حواف ذات قرمشة بفعل قشر الكسبرة الناشفة كانت السعادة حتمية، ولكن عندما يذبل لونها ويسْوَدُّ أعرف أن صاحب المحل أفرط فى استخدام الكسبرة الخضراء والكرّات فى أثناء صنع العجينة، وهنا سينالك من شر الطعمية أكثر مما سينالك من خيرها، ولكن فى كل الأحوال ستظل طعمية البيت باهتة لأنها تسعى إلى الكمال ولا أحد كاملا فى الكوكب. طعمية الشارع مصدر رزق ولا حيلة فى الرزق بأن تبحث عن زيت نظيف لم يسبق استخدامه ومقادير مضبوطة وخضراوات مغسولة جيدا وفول مدشوش منتقَى بالواحدة ومناديل ورقية تجفف فيها الحبات بعد انتشالها من الطاسة، سر عظمة طعمية الشارع فى الشاب ذى الشبشب ورِجْل البنطلون المرفوعة يجلس على كرسى الحمام أمام المحل يقطع الخضراوات فى بستلة الغسيل، وماكينة عجْن الخلطة المستوحاة من فكرة الأطراف الصناعية بيد معدنية واحدة تهرس العجين فى الصاج ونصف السيجارة الموضوعة إلى جوار طاسة القليَّة ينتقل بينها الرجل القلَّاى وبين العجين بخفة ومهارة، ثم تلك النظرة الخبيرة التى يمنحها للحبات وهى تتقافز فى أمواج الزيت المغلى حتى يمد يده بالمغرفة الشبيكة التى كللها السواد حتى يرفع الحبات بها، ثم يخبط بها طرف الطاسة بحكمة وثقة قبل أن يلقى بها فى المصفاة فتتخاطفها الأيادى.

إنها عظمة طقس يشبهنا تماما، وضع فى بالك دائما أنه كلما كان المطعم متواضعا كلما كانت الطعمية أشهى، المطاعم البسيطة تقدم الطعمية بفلسفة «كل واشكر» بينما المحلات ذات الواجهات الزجاجية التى تقدم الطعمية إلى جانب الشاورمة فهى تقدمها بفلسفة «كل وانجز».

قلت له: طب والطعمية الشامى يا برما؟، فقال: الفرق بين الطعمية المصرية والطعمية الشامى مثل الفرق بين رمضان فى القاهرة ورمضان فى بيروت.

قلت له: ألا تراها طعاما مخترَعًا من قِبل العامة كما قلت ليملؤوا به بطونهم فقط دون أى قيمة تذكر؟، فقال: لقد ربّتنا الطعمية كما ينبغى على مدى سنين عمرنا كوجبة غذائية متكاملة، البروتين موجود فى الفول، الفيتامينات موجودة فى الخضراوات، الدهون موجودة فى الزيت، مضادات الأكسدة موجودة فى البقدونس والسمسم، النشويات موجودة فى الخبز.. عايز إيه تانى؟

قلت له: السكريات، فقال: وهل تستقيم الطعمية بدون كوب الشاى؟، سكريات وكافيين كمان يا معلم. قلت له: كنت أتوقع منك حديثا فى الشأن العام، فقال: هذا هو الفرق بينى وبينك.. أنا أسعى لفتح النفس، بينما أنت تسعى لسدها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.