أمانة الدفاع والأمن القومي ب"الجبهة الوطنية" تبحث سبل دعم مرشحي الحزب خلال الانتخابات البرلمانية    بدايًة من 12 يوليو.. أماكن امتحانات كلية التربية الفنية في المحافظات لتأدية اختبارات القدرات لعام 2025-2026    مرشحان في اليوم الخامس.. ارتفاع عدد المتقدمين لمجلس الشيوخ بسوهاج إلى 24 مرشحا    البابا تواضروس يلتقى وكيل «إكليريكية الإسكندرية» وراعى الكنيسة المرقسية (صورة)    أسعار العملات العربية والأجنبية بختام تعاملات اليوم 9 يوليو 2025    متبقيات المبيدات يشارك في ندوة علمية حول أهمية معامل سلامة الغذاء    شاهد.. بيان مهم من المصرية للاتصالات بعد حريق سنترال رمسيس وعودة الإنترنت والاتصالات    «الحكومة» تبحث الموقف التنفيذي لتسكين مقراتها الخالية بعد الانتقال إلى العاصمة الإدارية    فتح باب التقديم مجددًا للمستبعدين من إعلان «سكن لكل المصريين 5»    وزير الخارجية الإسرائيلي: إذا توصلنا لهدنة مؤقتة بغزة فسنتفاوض على وقف إطلاق نار دائم    بدعم من الصين وروسيا.. البرازيل والهند تطالبان بعضوية دائمة في مجلس الأمن    الوطنى الفلسطينى: مجازر الاحتلال بحق العائلات أبشع أشكال الإبادة الجماعية    وزير خارجية هولندا يشيد بجهود مصر فى مباحثات التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة    خلاف فى البيت الأبيض.. "AP": ترامب فوجئ بقرار تعليق أسلحة لأوكرانيا    «ضحكة من القلب».. أول رد فعل ل زيزو بعد شكوته ضد الزمالك (شاهد)    «نيران الخلاف يتزايد».. الشروط التعجيزية تضع الأهلي فى مرمى غضب «أبو علي»    اتحاد الكرة يحدد 14 يوليو موعدًا لجلسة استماع الزمالك في شكوى زيزو    الصفقات التبادلية سلاح الزمالك في الميركاتو الصيفي    وزير الرياضة يشارك في تدشين "عمّان عاصمة الشباب العربي 2025"    الصفقة المستحيلة تقترب من ريال مدريد    الأمن يكشف ملابسات فيديو السير عكس الاتجاه بطريق "القطامية – العين السخنة"    رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2025 بالاسم ورقم الجلوس    التصريح بدفن جثة طفلة لقيت مصرعها في حادث بالشرقية    السجن 3 سنوات لمتهم بإحراز سلاح نارى بدون ترخيص فى سوهاج    مصرع سيدة سقطت من الطابق الثالث فى أبو النمرس    وزارة الثقافة تُعلن نجاح تفعيل خدمة الحجز الإلكتروني بالمسرح القومي    وصل ب إيراداته إلى 132.6 مليون جنيه.. تفاصيل أحدث أفلام كريم عبدالعزيز    كلية الفنون الجميلة تُناقش مشروعات تخرج طلاب دفعة 2025 بحضور نخبة من كبار الفنانين والأكاديميين    مذكرة تفاهم بين مكتبة الإسكندرية ومتحف نظم تاريخ الكتابة بكوريا الجنوبية    أفضل دعاء للرزق بالولد وفقًا للقرآن والسنة    هل يبطل وضوء الطبيب إذا مس عورة المريض أثناء الكشف.. الافتاء تجيب    الأمن يفرغ الكاميرات.. مستشفى جامعة بنى سويف توضح حقيقة العثور على طبيب مضروب فى رقبته    صحة الوادي الجديد: جميع شبكات الاتصال تعمل بكفاءة عالية    إجراء 12 عملية قلب خلال أول يومين عمل بمستشفى طنطا الجديدة    لم يعد مرضا نادرا.. إطلاق دمية باربى للأطفال مصابة ب السكر ومعها أنسولين    وكيل الأزهر: «المشروع الصيفي القرآني» مبادرة تعزز دور الأزهر في خدمة كتاب الله وتحفيظه للنشء    جيش الاحتلال يعلن تنفيذ عملية برية جنوب لبنان بذريعة تدمير بنية تحتية لحزب الله    رئيس مجلس الدولة يستقبل وفدًا قضائيًا عمانيًا للاطلاع على جهود التحول الرقمي في المنظومة القضائية    الخميس.. فتح باب الطعون على أسماء المرشحين في انتخابات نقابة الأطباء    انطلاق منافسات تتابع الناشئين والناشئات ببطولة العالم للتتابعات للخماسي الحديث    مجلس الوزراء يقف دقيقة حداداً على أرواح شهداء الدائري الإقليمي وسنترال رمسيس    وزير الخارجية الروسي يزور كوريا الشمالية هذا الأسبوع    ضبط (3643) ألف واقعة سرقة تيار كهربائي ومخالفة شروط التعاقد    سقوط عنصر جنائي بتهمة النصب والتزوير بالطالبية    جوزيف عطية يعيش حالة نشاط غنائي خلال شهر يوليو الجاري    ذكري وفاة أستاذ "الكوميديا" عبد المنعم مدبولي صاحب مدرسة الضحك الراقي    إريكسون تنشئ مقرًا إقليميًا جديدًا لها في الرياض    عودة خدمات فوري إلى كفاءتها التشغيلية بعد حريق سنترال رمسيس    لاول مرة مساعد رقمى يتنبأ بالخطر بالمحطات النووية قبل وقوعه ب30 دقيقة    مبيعات فيلم ريستارت تصل إلى 676 ألف تذكرة في 6 أسابيع    "قلبي ارتاح"، لطيفة تعلن موعد طرح أغاني ألبومها الجديد    الاستماع لأقوال شهود عيان لكشف ملابسات مقتل سيدة على يد طليقها بأكتوبر    ارتفاع في الطماطم.. أسعار الخضار اليوم الأربعاء في أسواق مرسى مطروح    وزير الصحة يبحث مع المدير الإقليمي للصحة العالمية التعاون في ملفات المبادرات والتحول الرقمي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 9-7-2025 في محافظة قنا    تنسيق الدبلومات الفنية 2025.. مؤشرات كليات ومعاهد دبلوم سياحة وفنادق    عاجل.. الزمالك يستهدف ضم نجم جديد من بيراميدز    أمين الفتوى يحذر من الزواج العرفي: خطر جسيم على المرأة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمر طاهر يكتب: طعام العامة
نشر في الدستور الأصلي يوم 28 - 02 - 2012


عمر طاهر
مر على وجود برما فى أسوان يومان. اتصلت به لأسأله عن أهم اكتشافاته فى هذه الفترة فقال: شخص يمتلك فاترينة لبيع ساندوتشات الطعمية على بعد خطوات من بوابة السوق، يعمل لمدة ساعتين حتى ينفد مخزون العجين. زحام هائل والمحظوظ فقط من يلحق بقرصين.
اندهشت من كلام برما فقال: الطعمية سحر مصرى، لا أعرف من أين أتى اسمها لكننى أعتقد أنه مشتق من مصطلح (طعام العامة) إذا دمجت الكلمتين مع قليل من التحريف المصرى الشائع عبر السنوات ستحصل على كلمة (طعمية). أفخر بكونى واحدا من العامة فى مواطن كثيرة أهمها اللحظة التى أقف فيها أمام الطاسة، ممسكا بقرطاس من ورق المصرى اليوم.
قلت له ومن أين يأتى السحر؟ فقال: فى العالم كله لا يوجد ما هو أشهى من نصف رغيف بلدى طازج يحتفظ بسخونته، تلقى بداخله حبة طعمية ساخنة وتسندها بشريحة من الطماطم البلدى ثم تزينها بنطرة ملح ونطرة شطة، هل تريد مزيدا من الإعجاز؟.. ضع معهما شريحة من الباذنجان المقلى. الباذنجان معجزة أخرى به شىء يتماسّ مع الطفولة، فهو لا يحتاج إلى أسنان بالمرة ويفرز سكرا ما فى جنبات الفم دون تجزيع، سكر لا يثير العطش لكن يبل الريق بطريقة ما.
اليوم ضربت ساندوتش ساخن، كانت قطعة الطماطم الباردة بداخله بمثابة لمسة حانية مثل تويتات هبة رؤوف عزت. كنت أسند القضمة بقضمة أخرى من حبات الفلفل الحار المقلى ثم أستعين على البلع برشفة من كوب شاى أحمر سكر زيادة يتصاعد منه البخار حتى كاد يختلط بدموعى من فرط اللذة. أنهيت طعامى، ثم طلبت من المقهى كوبا جديدا من الشاى لكن بالنعناع هذه المرة وجلست فى الشمس أتأمل السعادة التى وهبنى الله إياها.. رحيل العسكر نفسه لا يستطيع أن يقودنى إلى تلك الروحانية التى وضعنى فيها طعام إفطارى وجعلنى كأننى فى حضرة صوفى خفيف الدم.. فالحمد لله.
قلت له: يرحمكم الله.
ضحك برما ثم قال: سنموت قبل أن نعرف ما الذى يجعل طعمية الشارع تتفوق على طعمية البيت، لكننى أستطيع أن أميز طعمية شارع عن شارع آخر بلونها، فكلما كانت ذهبية تتآلف فى حضنها حبات السمسم كفصوص أحجار كريمة مع حواف ذات قرمشة بفعل قشر الكسبرة الناشفة كانت السعادة حتمية، ولكن عندما يذبل لونها ويسود أعرف أن صاحب المحل أفرط فى استخدام الكسبرة الخضراء والكرّات أثناء صنع العجينة، وهنا سينالك من شر الطعمية أكثر مما سينالك من خيرها، ولكن فى كل الأحوال ستظل طعمية البيت باهتة لأنها تسعى إلى الكمال، ولا أحد كاملا فى الكوكب. طعمية الشارع مصدر رزق ولا حيلة فى الرزق، بأن تبحث عن زيت نظيف لم يسبق استخدامه ومقادير مضبوطة وخضراوات مغسولة جيدا وفول مدشوش منتقى بالواحدة ومناديل ورقية تجفف فيها الحبات بعد انتشالها من الطاسة. سر عظمة طعمية الشارع فى الشاب ذى الشبشب ورجل البنطلون المرفوعة يجلس على كرسى الحمام أمام المحل يقطّع الخضراوات فى بستلة الغسيل، وماكينة عجن الخلطة المستوحاة من فكرة الأطراف الصناعية بيد معدنية واحدة تهرس العجين فى الصاج ونصف السيجارة الموضوعة إلى جوار طاسة القليّة ينتقل بينها الرجل القلاى وبين العجين بخفة ومهارة، ثم تلك النظرة الخبيرة التى يمنحها للحبات، وهى تتقافز فى أمواج الزيت المغلى حتى يمد يده بالمغرفة الشبيكة التى كللها السواد حتى يرفع الحبات بها ثم يخبط بها طرف الطاسة بحكمة وثقة قبل أن يلقى بها فى المصفاة فتتخاطفها الأيادى. إنها عظمة طقس يشبهنا تماما، وضع فى بالك دائما أنه كلما كان المطعم متواضعا كلما كانت الطعمية أشهى، المطاعم البسيطة تقدم الطعمية بفلسفة «كل واشكر»، بينما المحلات ذات الواجهات الزجاجية التى تقدم الطعمية إلى جانب الشاورما فهى تقدمها بفلسفة «كل وانجز».
قلت له: طب والطعمية الشامى يا برما؟، فقال: الفرق بين الطعمية المصرية والطعمية الشامى مثل الفرق بين رمضان فى القاهرة ورمضان فى بيروت.
قلت له: ألا تراها طعاما مخترعا من قبل العامة كما قلت ليملؤوا به بطونهم فقط دون أى قيمة تذكر؟، فقال: لقد ربتنا الطعمية كما ينبغى على مدى سنين عمرنا كوجبة غذائية متكاملة. البروتين موجود فى الفول، الفيتامينات موجودة فى الخضراوات، الدهون موجودة فى الزيت، مضادات الأكسدة موجودة فى البقدونس والسمسم، النشويات موجودة فى الخبز.. عايز إيه تانى؟
قلت له: السكريات. فقال: وهل تستقيم الطعمية بدون كوب الشاى؟، سكريات وكافيين كمان يا معلم.
قلت له: كنت أتوقع منك حديثا فى الشأن العام. فقال: هذا هو الفرق بينى وبينك.. أنا أسعى لفتح النفس بينما أنت تسعى لسدها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.