لا شك أن هناك كثيرون يريدون أن يفسدوا فرحتنا بذلك النصر الثوري الذى حققناه بفوز الدكتور محمد مرسي بمنصب رئيس الجمهورية في إنتخابات رئاسية حقيقية يختار فيها المصريين رئيسهم بإرادتهم الحرة وبدون أى تزوير يفرض عليهم شخص بعينه دون إرادتهم وهو مما لا شك فيه نصر عظيم قد مّن الله به علينا لأول مرة منذ فجر التاريخ تقريباً هذا النصر وذلك الإبتهاج الذى نراه اليوم على غالبية وجوه المصريين لم نره من قبل وأعتقد لم يره أيضاً أجدادنا . لكن ... وأه من لكن هذه فغالباً ما تحمل خلفها ما يقلق ففي الوقت الذى عمت فيه الفرحة ربوع الوطن بنتيجة الإنتخابات في جولة الإعادة تلازم معها فى نفس الوقت دلائل تشير إلى أن هناك من يسعى ويدبر لإفساد تلك الفرحة على المصريين كما بدا واضحاً أيضاً فى الوقت نفسه تخوف بعض المواطنين من هذه النتيجة ومعهم كل الحق في هذا التخوف وذلك لسببين :
الأول : المحاولات التى يقوم بها رؤوس الفلول لإثارة القلق والفزع في نفوس المواطنين من نجاح الدكتور مرسي حتى ينقم الناس على الرجل حتى من قبل أن يبدأ مهامه فينقلبوا عليه تمهيداً لإسقاطة .
الثاني : إنتماء الدكتور محمد مرسي لجماعة الإخوان المسلمين تلك الجماعة التى يختلف معها الكثير من الناس في سياساتهم وأساليبهم من أجل تحقيق مصالحهم وأهدافهم و يتساوى في هذا التخوف الكثير من المسلمين وكل المسيحيين على حد السواء وإن كان تخوف المسيحيين أكثر من المسلمين ولهم كل الحق في ذلك فحتى الآن لم تقم الجماعة بإتخاذ أى إجراءات من شأنها أن تطمئن الإخوة المسيحيين على أمنهم و مستقبلهم سوى بعض الكلمات التى ترددها الجماعة من فترة ليست بالبعيدة ومهما بلغت قوة تلك الكلمات ومهما حملت من بلاغة التعبير فهى لن تطمئن النفوس وتهدئ القلوب ، فلن تطمئن وتهدئ هذه القلوب سوى بالأفعال التي تثبت صدق هذ الكلام .
وقبل أن أذكر ما يجب على الرئيس ومايجب علينا فعله لزم التنويه عن طبيعة تلك المحاولات التى سيقوم بها فلول ذلك النظام الذى لم يسقط بعد وهى كالتالي :
- إفتعال بعض الأزمات والفتن وخاصة الفتن الطائفية التى توحى بعدم قدرة الرئيس على إدارة شئون البلاد والتى من شأنها أن تقلل من شعبية الدكتور مرسي في الشارع السياسى حتى يصل الأمر إلى المطالبة بإقصائه من منصب الرئيس .
- القيام ببعض التصرفات في الشارع المصري التى تزيد من تعميق مشاعر التخوف من التيار الإسلامي مثل بعض الحوادث التى وقعت في اليومين الماضيين على سبيل المثال : ظاهرة الرجال الملتحيين الذين تعرضّوا لبعض النساء مؤخرا في الأماكن العامةً و إسقاط أحد التماثيل بأحد ميادين المنصورة وبعض التصرفات الأخرى وهي تصرفات أعتقد أن التيار الإسلامى بعيد عنها تماماً فلا يُعقل أن يقوم الإسلاميين بمثل هذه التصرفات التى ستقضى على شعبيتهم إلى الأبد فى الوقت الذى يحاولون فيه الآن إستعادة شعبيتهم التى فقدوها .
- تفسير كل تصرف للدكتور مرسى بأنه تصرف قد إتخذه من أجل صالح جماعة الإخوان المسلمين وليس في صالح مصر وشعبها حتى يتم التفرقة بين الرئيس والشعب فينقسم المجتمع ما بين ناقم على الثورة وكاره للإخوان والتيار الإسلامى .
- شحذ الإعلام المأجور بكل صوره لتغذية مشاعر الخوف والقلق في نفوس المصريين من جراء قيادة الدكتور مرسى للبلاد .
ليس معنى ما ذكرته أننى لا أختلف مع الإخوان فى كثير من سياساتهم ولكن في هذا الوقت لابد و أن ننحى خلافتنا جانبًا ونتمسك بوحدتنا بالرغم من إختلافنا مع سياسات التيار الإسلامى وذلك من أجل تحقيق أهداف الثورة مع ضرورة التخلى عن فكر التكذيب والتخوين إلى أن يثبت العكس من أجل صالح هذا الوطن وإلى أن يثبت ذلك العكس فهناك أشياء يجب على الرئيس فعلها وأشياء يجب علينا أن نفعلها .
أما ما يجب على الرئيس فعليه : - أن يحل الرئيس نفسه من بيعته للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين فبجلوس الدكتور مرسى على مقعد رئيس الجمهورية قد أصبح رئيساً لكل المصريين بلا إستثناء بما فيهم المرشد العام فلن يقبل الشعب المصري أن يكن رئيسهم تابع لأى أحد .
- أن تعدل يا سيادة الرئيس بين كل المصريين بلا أى إستثناء فلا تأخذك العاطفة تجاه جماعة الإخوان المسلمين على حساب أى فرد من شعبك حتى وإن إختلف معك فكرياً وسياسياً ودينياً .
- بث الطمأنينة في نفوس المصريين وإثبات أن ولائك للمصريين فوق ولائك لجماعة الإخوان المسلمين وذلك بالإفعال لا بالأقوال .
- إقرار الحريات وإطلاقها بكافة صورها دون فرض قيود على حرية الرأى والتعبير ، وتحصين و تحرير الإعلام من كل مظاهر سيطرة السلطة التنفيذية عليه وقبول الرأى الآخر حتى وإن إختلف معك .
- الإقتراب من المواطنين والإستماع إلى شكواهم بشخصكم الكريم وليس عن طريق التقارير الأمنية التى سيرفعها لك معاونوك مع التحلى بالحلم وسعة الصدر فنحن فى أشد الحاجة إلى رئيس يستمع إلينا بنفسه ولا ينعزل عنا في قصر الرئاسة .
- إتخاذ كافة الإجراءات التى من شأنها بث الطمأنينة والأمان في نفوس إخواننا المسيحيين والقضاء على إحساسهم بأنهم غرباء في وطنهم فهم شركاء الوطن وأبنائه الذى ضحوا من أجله بدمائهم وأرواحهم فى سبيل إعلاء شأن الوطن وتحرره من ذلك النظام الفاسد الذى جثم على صدور المصريين جميعاً بلا إستثناء لسنين عِدةَ .
- التخلص على الفور من حاشية الفساد ومساحى الجوخ الذين سيحيطونك بهالة من التمجيد والتقديس فحاشية السوء هى أول أسباب تردى الحكم وتعجيل سقوط الحاكم .
- ما رأيته بالأمس في ميدان التحرير يدل على مدى حب الناس لك وأملهم بعد الله في أن تحقق أحلامهم وطموحاتهم فلا تخيب أمل كل من أحبك وأيدك فمن أحبك اليوم سينقلب عليك غداً إذا خاب أمله وضاع حلمه .
- لقد بدأ حساب المائة يوم فالحذر الحذر فالشعب لم يَعُد يتحلى بالصبر . أسأل الله أن يوفقك لما فيه خير الوطن وصالحه وأن يعينك على ما أنت مُقدم عليه وأن يحقق بك آمال المصريين ويثبتك على طريق الحق والعدل وأن يحفظ بلادنا من كل مكروه وسوء . أما ما يجب علينا فعله : - يجب علينا أن نتحلى بالصبر ولا نتعجل فى الحكم على الرئيس فالتركة التى آلت إليه ثقيلة والمهمة شاقة وعسيرة فالرئيس لا يحمل فى يديه عصى موسى لكى يبدل الحال بين لحظة وضحاها . - عدم الإنصياع للإشاعات والأقاويل التى من شأنها ترسيخ الإحباط وتمكين مشاعر اليأس فى نفوس الناس . - دعم الرئيس بكل قوة حتى يستطيع إنجاز مهمته وحتى لا نكون عقبة أو سبباً نتحمّل به مسئولية عدم تنفيذ ما وعد به الرئيس لا قدر الله . - يجب أن تُنحّى القوى السياسية خلافتها جانباً والوقوف خلف الرئيس مع مراقبة أدائه فى نفس الوقت مراقبة دقيقة دون أى تحّامل على هذا الأداء . - التخلى عن نظرية المؤامرة التى باتت السمة الغالبة فى تعاملاتنا وفكر التكذيب والتخوين الذى يقذف به كل فصيل الآخر و كأن ذلك الفصيل قد إحتكر الوطنية وحب الوطن لنفسه فقط دون غيره . - وأد كل محاولات الفتنة فى مهدها بالتعقّل والتبصّر والتى سيفتعلها الفلول للوقيعة بين طوائف الشعب المختلفة سواء بين المسلمين والمسيحيين أو الإخوان والسلفيين والصوفيين أو بين الشعب وأحد هذه الطوائف . - على كل منا أن يعلم أنه رقيب على نفسه أولاً قبل أن يكن رقيباً على غيره فمن أراد الإصلاح فعليه أن يبدأ بنفسه أولاً . قال تعالى :بسم الله الرحمن الرحيم (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ) للثورة أعين تُراقب وضمائر تُحاسب محمد نور الدين محمود [email protected]