لا أعرف كيف سمح المستشار عادل عبد الحميد وزير العدل فى آخر أيامه فى الوزارة، وهو الذى جلس على كرسى قاضى القضاة قبل أن يكون وزيرا للعدل، بأن يوقّع القرار رقم 4991 الذى يخوّل إلى ضباط وضباط صف المخابرات الحربية وضباط وضباط صف الشرطة العسكرية صفة سلطة الضبط القضائى فى الجرائم التى تقع من غير العسكريين! يعنى طوارئ جديدة بعد أن تخلص الشعب منها بعد 30 سنة من الطوارئ تحت حكم مبارك وسنة ونصف أخرى تحت حكم العسكر.. كأن الثورة لم تقُم، الثورة التى خرجت من أجل الحرية والكرامة والعدالة، وعلى رأس ذلك إلغاء الطوارئ. ويعنى ذلك أنها طوارئ أكثر سوءا لتطبيقها من جانب العسكر.. كأننا فى انقلاب عسكرى. لا أعرف كيف وافق سيادة المستشار وزير العدل ووقع على القرار بليل مستعيدا ما كان يفعله نظام مبارك الاستبدادى الفاسد. فالرجل لم يبذل أى مجهود خلال الفترة الانتقالية وخلال وجوده على وزارة العدل فى وضع تشريعات أو قرارات وزارية تحمى الثورة أو لصالح العدالة بعد الثورة.. لكن يأتى فى يومه الأخير فى الوزارة ليختمها بفعل شائن.. والاستجابة لطلب العسكرى فى فرض طوارئ عسكرية على المدنيين.. كأنهم تحالفوا على الشعب الذى قام بثورة عظيمة ضد الطوارئ والاستبداد والفساد. لم يُضبط وزير العدل فى أى لحظة خلال وجوده فى الوزارة حتى بالتفكير أو الاقتراح فى كيفية محاربة الفساد السياسى الذى سيطر على البلاد من خلال رجال مبارك وعصابته الذين ما زالوا موجودين على رأس مؤسسات الدولة.. والذين استُبعدوا لفسادهم ويحاولون العودة الآن. ولا أعرف كيف سكت البرلمان عن هذا القرار! فلم يُصدِر عنه بيانا.. ولم يدعُ إلى اجتماع طارئ بعد أن وضح أن القرار اغتصاب من شرعية البرلمان ودوره فى الرقابة والتشريع.. أم أن ذلك جزء من الصفقات التى تعقدها جماعة الإخوان مع المجلس العسكرى؟ ومع هذا تصريح نائب رئيس حزب الحرية والعدالة الدكتور عصام العريان حول هذا القرار لا يُسمِن ولا يُغنِى من جوع: «إن قرار وزير العدل بمنح الشرطة العسكرية ورجال المخابرات سلطة الضبطية القضائية والذى صدر فى هذه الظروف الخطيرة التى تمر بها مصر سوف يخضع للرقابة البرلمانية من جهتين: الأولى تتعلق بمدى أحقية وزير العدل فى إصدار مثل هذا القرار، وهل من حق البرلمان رفضه أم لا. وأشار العريان فى تصريحه الصحفى إلى أن الجهة الثانية من الرقابة تتعلق برقابة البرلمان على تطبيق القرار حتى لا تخرج هذه الصلاحية عن نطاقها القانونى والدستورى، مؤكدا أن الثورة المصرية جاءت لتتخلص من الظلم والفساد وكبت الحريات، وهو ما لن يقبل الشعب المصرى أن يعود مرة أخرى». ما هذا الكلام المايع الصادر عن قيادى الإخوان عصام العريان؟! فحتى الآن ليس هناك موقف واضح من البرلمان.. اللهم إلا أنهم ربما مشغولون بحكم «الدستورية» بحله.. ويكتفون بالفرجة! وهذا القرار يوضح أن جنرالات معاشات المجلس العسكرى ما زالوا طامعين فى السلطة.. ويفرضون قوتهم الآن.. وليصل الأمر إلى أن يعترض ضباط صفّ الشرطة العسكرية والمخابرات إلى المدنيين فى أى وقت وأى مكان.. وهو أمر لم يكن يحدث أيام نظام مبارك الاستبدادى الفاسد… مش ناقصة طوارئ عسكرية.. وبقرار من وزير مدنى كان قاضى القضاة. إنهم يسرقون الثورة. عموما لن يرحمكم التاريخ.. وسيكون مصيركم مزبلته. ولن يرحمكم الشعب على أفعالكم واغتصابكم ثورته. يا أصحاب الطوارئ العسكرية.. هتروحوا من ربنا فين؟