إقتربت لحظة المواجهة بين الإخوان والفلول أو إن شئت الدقة بين الشعب والنظام ويعلم الله ما ستسفر عنه تلك اللحظة فهل ستمر بأمان و سلامة أم لا قدر الله سيعود نزيف الدم مجدداً نسأل الله السلامة والعافية لنا جميعاً وليست الخطورة فى لحظة المواجهة فقط بل إن الخطورة قد بدأت بالفعل منذ إعلان نتيجة المرحلة الأولى من إنتخابات الرئاسة والتى وضعتنا جميعاً فى مأزق وموقف لا نحسد عليه أبداً فإما أن يكون رئيسنا من الإخوان و إما أن يكن من الفلول وكما ذكرت من قبل فى مقال سابق أن كلاهما مرّ وهذا ليس لعيب فى شخصيهما بل لأن كل منهما ينتمى لتيار له ما له وعليه ما عليه ... فالإخوان المسلمين : بعد ذلك النجاح الذى حققوه على أكتاف الثوار و الثورة يواجهمون الآن موقفاً عصيباً بعد تدنى شعبيتهم فى الشارع المصرى بصورة كبيرة فى وقت قصير جداً لم يتوقعه أحد على الإطلاق والفرق الكبير بين القوة التصويتية فى الإنتخابات البرلمانية و الإنتخابات الرئاسية أبلغ دليل على رأى المواطن فى الإخوان الآن وهو ما إنعكس سلباً على أدائهم فى البرلمان والشارع حتى فى تصريحاتهم الإعلامية والأسباب التى أدت إلى ذلك كثيرة منها على سبيل المثال وليس الحصر ...
* تخلى الإخوان عن الثورة والثوار فى أحرج اللحظات فتركوا الميدان ليواجه الثوار الموقف وحدهم منفردين بدون أى دعم منهم وذلك من أجل تحقيق أهدافهم .
* عدم وفاءهم بأى وعد أو عهد قطعوه على أنفسهم بدءاً من وعدهم بخوض الإنتخابات البرلمانية على نسبة 30 % من مقاعد البرلمان لكن ما حدث أنهم نافسوا و بكل بشراسة على كل مقاعد البرلمان وإنتهاءاً بعدم خوض الإنتخابات الرئاسية وبالرغم من ذلك دفعوا بالمهندس خيرت الشاطر وبالدكتور محمد مرسى مرشحاً إحتياطيا للشاطر الذى توقعوا خروجه مبكراً من سباق الإنتخابات نظراً لموقفة القانونى منها .
* تمرير المادة ( 28 ) من الإعلان الدستورى بمجلس الشعب بدون الإعتراض عليها أو حتى تعديلها وهى تلك المادة التى تحصن كل قرارات اللجنة العليا للإنتخابات وكأنها قرآن منزّل لا يأتيه الباطل من بين يديه وكأن القائمين على تلك اللجنة ملائكة لا يخطئون مع إن كل بنى آدم خطّاء و من المضحك المبكى أن الإخوان أنفسهم هم الآن أكثر من يعانى من تلك المادة .
* تأكد الشارع من تحايل الإخوان مرة أخرى على الثورة بزعم الحفاظ عليها وذلك عن طريق إطلاق التصريحات الثورية والدعوة إلى مليونيات للحفاظ على مكتسبات الثورة التى لم يحصد أي مكتسب منها سواهم .
* إطلاق العديد من التصريحات المتشددة دينياً والتى كان لها أثر سلبى ومردود عكسى على شريحة كبيرة من المجتمع المصرى وعلى رأسهم الإخوة المسيحيين الذين لهم كل الحق فى التخوف منهم إذا أحكموا سيطرتهم على البلاد .
أما عن الفلول : فحدّث ولا حرج فهم عليهم ما لا يحصى من الأسباب التى تجعل من قبول ترشح أحداً منهم أمراً عسيراً ومرفوضاً من قطاع كبير من الشعب منها أيضاً وعلى سبيل المثال وليس الحصر :
* هذا السبب يعد أهم سبب على الإطلاق وهو يأتى على رأس قائمة أسباب الرفض من الشعب لأى أحد من الفلول وذلك لإحساسهم بأن ثورتهم قد سرقت منهم مع بقاء نظام المخلوع كما هو وليت الأمر إنتهى عند ذلك الحد بل عاد ذلك النظام بقوة أكثر فى الإمساك بناصية كل أمور الدولة مما عمّق الشعور العام بأن الثورة لم تقم إلا من أجل خلع مبارك فقط فإعادة إنتاج نظامه مرة أخرى بشكل جديد هو ما دفع العديد إلى القول بأن مجلس الجنرالات لم يقم بحماية الثورة إلا من أجل إزاحة مبارك ونجله ليس إلا ، أى أن الثورة قد جائته على طبق من ألماظ لإسقاط مشروع التوريث وهو ما دفع مجلس الجنرالات إلى الوقوف بجانب الثورة فى بادئ الأمر لهذا السبب فقط لأنه غير مقتنع أصلاً بالثورة .
* التصريحات الواثقة جداً التى يطلقها الفريق شفيق جعلت من الشك يقينا بأن هناك أمراً قد دُبر بليل من أجل إنجاحه فى إنتخابات الإعادة هذا إلى جانب رفض كل الطعون المقدمة من مختلف المرشحين الذين لم يحالفهم الحظ فى خوض إنتخابات الإعادة فى الوقت الذى قُبل فيه طعن الفريق شفيق إضافة إلى ذلك الإصرار على عدم تطبيق قانون العزل السياسى الذى أقره برلمان ما بعد الثورة وصدق عليه السيد المشير طنطاوى وهو ما يجعل هذا القانون واجب النفاذ ولا يجوز تعطيله حتى تفصل المحكمة الدستورية فى دستوريته من عدمها وهذا هو ما أكده فقهاء القانون الدستورى .
* التلميح الذى ردده سيادة الفريق بإستخدام القوة لفض أى تظاهرة تعترض على شخص سيادته وإعلان قدرته على فض ميدان التحرير خلال ربع ساعة بواسطة الجيش يدل على السياسة التى سيتبعها مع كل من يختلف معه فى الرأى أو من يعترض عليه مما يؤكد أن سيادته لا يعترف بالديموقراطية وحرية الرأى وهو عكس ما صّرح به سيادته من أنه سيقبل الرأى الأخر و لن يُقهر أو يلام صاحب رأى وأنه سيتقبل النقد بصدر رحب .
* التخوّف من عودة الإعتقالات من جديد وسلخانات التعذيب والتنكيل بالمواطنين وهو ما كان يفعله النظام السابق مع كل من يعارضه عن طريق الشرطة و جهاز مباحث أمن الدولة ذلك الجهاز الذى يلعنه كل المصريين على حدٍ سواء والذى كان يحصى على الناس أنفاسهم وخطواتهم .
* الخوف من عودة سيطرة حكم الفرد وبسط نفوذه على الدولة عن طريق الحزب الحاكم وهو ما يعنى عودة الحزب الغير وطنى من جديد فى المشهد السياسى ويشترك فى ذلك السبب الإخوان أيضاً فهناك تخوّف من سيطرة حزب الحرية والعدالة على كل أركان الدولة مما يفرغ مبدأ التعددية الحزبية من مضمونه ومعناه كما كان من قبل . حقاً مصر فى وضع لاتحسد عليه وكان الله فى عون المواطن الذى بلغت منه الحيرة مبلغها فهو ما بين نار الإخوان وجحيم الفلول وكلاهما عذاب وكلاهما مرّ وإن كانت المؤتمرات التى يعقدها كلا المرشحين يكاد النحل أن ينهل من رحيقها فما أجمل الوعود وما أروع الأحلام الذى حبذا لو ينفذ .
رسالتى إلى كل من كان سببًا فى تأزم الأوضاع بهذا الطريقة حتى أوصلنا إلى ما نحن فيه الآن :
هل أعددت ما ستقوله لربك حين تلقاه ؟ هل وصلتك أصوات الشهداء وهى تدعوا ربها أن يُعجّل بإنتقامه منك ؟ هل سمعت أنين الأمهات الثكلى وهى تتضرع لمولاها أن يُنفذ فيك حكمه وعدله ؟ هل تعلم أن دعوة المظلوم ليس بينها وبين ربها حجاب ؟ وأنه سبحانه وتعالى أقسم بذاته العليه قائلاً لدعوة المظلوم وعزتى وجلالى لأنصّرُنكِ ولو بعد حين . هل تعلم أنه مهما بلغت قوتك وسطوتك ودهاؤك فإنك لا تملك من أمر نفسك شيئا ؟ هل أنت مستريح الضمير الآن ؟ هل وصلتك الرسالة أم كما قال سبحانه وتعالى ( أم على قلوب أقفالها ) .