ليس عيبًا أو غريبًا أن تكون للثورة أخطاء، بل أحيانًا يكن الخطأ مفيدًا، وتكمن الفائدة في قدرتنا على التعلم من أخطائنا. وإذا نظرنا وأمعنا النظر فيما حدث منذ قيام الثورة وحتى الآن لوجدنا أربعة أخطاء رئيسة هي السبب فيما آلت إليه أحوال البلاد... تلك الأخطاء هي: الأول: عندما ترك ثوار مصر الشرفاء ميدان التحرير بعد أن تم خلع مبارك؛ ظنًّا منهم أن بخلعه قد تحققت أهداف الثورة. فما كان يجب أن يترك الثوار الميدان إلا بعد أن تتحقق كل أهداف الثورة، وهي عمل دستور وطني حر، يوافق كل القوى والتيارات، ويعبر بحق عن آمال وطموحات الشعب، القضاء تماماً على فلول النظام، والتي مازالت تنتشر في أركان الدولة، وتنخر كالسوس في أعمدتها، تشكيل مجلس رئاسي يدير شئون البلاد يتم اختياره بإرادة الشعب، تشكيل حكومة إنقاذ وطني لا ينتمي أي فرد منها إلى النظام السابق... لكن هذا لم يحدث، فما حدث هو أن ترك المتظاهرون الميدان، فوصل حالنا إلى ما نحن فيه الآن. الثاني: حينما صدَّق الشعب الشعارات الدينية الرنانة فهرع من فوره لانتخاب برلمان ظنَّ أنه سيعبر عنه، ويحقق آماله، وأنه سيصبح لسان حاله، فإذا بالشعب يجده برلماناً لا يمت للثورة بأي صلة، ولم يحقق أياً من آمالها، فهو لم يقتص لحقوق الشهداء حتى الآن، ولم يستطيع أن يحرك ساكناً أمام المادة 28 الخاصة بقرارات اللجنة العليا للانتخابات، والتي لا يوجد مثيل لها في العالم بأسره. هذا البرلمان نفسه هو الذي طالب رئيسه برفع حظر السفر عن أمين عام مجلس ما بعد الثورة، والذي كان الذراع اليمنى لفتحي سرور، وها هو يطلق أعجب وأغرب تصريح يمكن أن تسمعه من رئيس برلمان جاء بإرادة الشعب ثار على رئيسه ونظامه حينما قال إنه يرفض محاكمة مبارك ورموزه سياسياً. الثالث: وهو مشابه للخطأ الثاني، وإن كان لم يتحقق وقوعه حتى الآن، إلا أننا في سبيلنا للوقوع فيه، وهو الاعتقاد بأن الرئيس القادم سيحقق تلك المطالب، وإن كان هذا هو التصور الطبيعي والمنطقي، لكنه سيصبح تصورًا طبيعيًا ومنطقيًا بالفعل، حينما تلغى المادة 28 حتى لا يُفرَض علينا رئيس لا نستطيع الطعن على نتيجة انتخابه إذا تأكد لنا حدوث أي تجاوز في تلك الانتخابات. الرابع: وهو أكثر الأخطاء خطورة على الثورة. إنه حال اليأس والإحباط التي يعيش فيها المواطن المصري الذي انقلب على الثورة، وبات يلعنها؛ اعتقادًا منه أنها السبب في تردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية، والثورة بريئة من ذلك "فالثورة لم تحَكم حتى تُحاكم". ولابد أن نعي تلك الحقيقة جيداً. فهل سنتدارك ذلك الخطأ لنصحح مسار الثورة؛ كي تحقق أهدافها؟ "يخطئ من يظن أن الثورة في الميدان فقط" الثورة مستمرة [email protected]