والعباد والنظام بعد أن تصاعدت وتيرة الصدام بين الشباب والشرطة وطلبوا إسقاط النظام ثم تصاعدت الوتيرة بعد انسحاب الشرطة ومجيء الجيش لكي يقتنع الشعب بخطاب الرئيس الذي صرح فيه بأنه سيصلح من حال البلاد، وأنه قد أخذ قراراً باستبعاد كل ما يشين إلي الصورة الوطنية سواء كانت حكومة ثبت فساد أعضائها، أو هكذا قادت التحريات إلي التحقيقات لدي مكتب النائب العام، وكذلك إقصاء هيئة مكتب الأمانة العامة للحزب الوطني - الذي ثبت فشله في سياسات قادت البلاد إلي المواجهة - بغض النظر عن أنني كنت ومازلت أنتمي للحزب، إلا أن اختلاف الرأي داخل الحزب يخضع في النهاية إلي قرار الأمانة العامة والالتزام الحزبي من الأعضاء المختلفين مثل الموافقين! وهكذا تطورت الأحداث حينما اتخذ البعض ممن سيجري أيضاً معهم التحقيق - بتحريك (جحافل قريش) ومجيء "أبي لهب" علي صهوة حصانه، "وجمله"، "وحماره" لكي يغزو ميدان التحرير بغية تحريره من "العصاة" وهم شباب الثورة الفتية - فكان غباء سياسياً آخر يضاف إلي قائمة الأغبياء في الإدارة السياسية من أحد لم يعلن عن كنيته حتي الآن - لحين صدور نتائج التحقيقات، رغم أن هناك شواهد وشهوداً علي الفاعل الرئيسي في هذه السقطة السياسية والأخلاقية ووجوب سحب شهادة التأهل للتعامل مع البشر، ومع ذلك، وقف الشعب لكي يرفع سطح ومستوي طلباته حتي أن يطلب من الرئيس أن يترك موقعه، ومع ذلك ومع خروج عقلاء هذا الوطن والحوار الذي دار برئاسة الجمهورية مع سيادة النائب المفوض للرئيس مبارك للحوار، والرغبة الشديدة لدي الإدارة السياسية وعلي رأسها الرئيس ذاته بأن ينهي فترته الانتخابية لكي يخدم هذا الوطن في ظروف شديدة الدقة ووعي كامل عاد للجميع، عاد للشباب وعاد للأمة، وعاد أيضاً للمسئولين كقيادة سياسية، وحيث إن الشعب أراد الإصلاح للعباد وللبلاد ولم يتوقع أحد أبداً أن تكون هذه الثورة بمثابة عودة الروح للوطن كله. وإذ بإرادة سياسية تبدأ في إفراغ الأدراج المكدسة بحالات من التباطؤ في اتخاذ قرارات حاسمة في مواجهة الفساد وتقديم الكبير قبل الصغير، السابق والأسبق من مسئولين لكي يعيدوا أموال الشعب وأراضي الشعب إلي الشعب, هذه الصحوة الوطنية هي أهم نتاج هذه الثورة الشبابية والتي انخرطت فيها القوي السياسية جميعها، ولا عيب علي الإطلاق ولا نقص في المواقف ولا في المناصب ولا في القامات أن نعترف بخطأ وقعنا فيه وأننا قادرون علي تصحيح أخطائنا والوقوف أمام أي رغبة للالتفاف حول الثورة وأهدافها. فلسنا (تونس الخضراء) شعباً أو قيادة سياسية، فلسنا كلنا لصوص وكلنا مسلوبي الإرادة، نحن مصنفون مواطن أضير وفينا من تحمل المسئولية بشرف، ومنا أيضاً من انتهز الفرصة وغاب عنه الضمير وغاب عنه الوعي، ولكن لا يصح إلا الصحيح ونحن علي أبواب - زمن جميل والثمن غال جداً - ولكن الغالي ثمنه فيه! شهداؤنا الأبرار من الشباب، الفاتحة!