شيء محير حقاً أن يجتر البعض الماضي ويرى فيه الهروب والملاذ وإنقاذ السفينة من الغرق.. وهو الذي سبق وأغرقها أو شارك في إغراقها،أقول ذلك بعدما علت أصوات ليست بالخافتة تؤيد وتبارك ل عمرو موسي وأحمد شفيق ليكون أحدهما رئيس مصر القادم، بل والمدهش أن أسهمهما مرتفعة بدرجة ملفتة، والأدهى والأمر أن كثيرين مقتنعون بأن هذا أو ذاك قادر على إخراج مصر من محنتها وقيادتها بعد الثورة، ويدافعون عنهما دفاعاً مستميتاً، ولم يسأل المؤيدون لموسى وشفيق أنفسهم ، بأن أحدهما لو وفق وفاز بمنصب الرجل الأول في مصر سيطل علينا مرتديا ً قناع النظام البائد، حتى وإن تجمل كما يفعل كل منهما الآن، ولا نعرف ايضاً ماذا قدم اثنتايهما وهما في كنف النظام السابق شريكان اصيلان له في كل ماحاق بمصر وشعبها من محن وأزمات وترد لجميع الأوضاع من عام لآخر، فعمرو موسى شارك المخلوع عدة سنوات كوزير للخارجية الى أن تم انتخابه امينا عاما لجامعة الدول العربية، ليواصل سنوات الشراكة بكل فخر، متضامنا بشكل أو بآخر بما كان يفعله النظام بشعبه، أو شاهدا على العصابة التي سرقت البلد وباعتها، مضحية بشعبها، الذي يعاني الفاقة والفقر الآن بسبب سياسة العصابة، وهو الذي كان مباركاً بشكل أو بآخر برضه ليكون ابن المخلوع ولياً على مصر بعد والده، وكأنها الوسية التي ستورث بشعبها لسليل آل مبارك، ولم يكن موسى هكذا فحسب بل هو من كان يصف مبارك دائما بأنه القائد الحكيم، وهو الذي كان يعرف أنه أغبى ما أنجبت مصر، وساقته الصدفة ليقود شعب عظيم لم يعرف قيمته يوما ما، وكان دائم السخرية منه في كل مناسبة، آخرها مقولته الاخيرة (خليهم يتسلوا) عندما زور له احمد عز الانتخابات التشريعية والتي جابت خبره بعدها بأقل من شهرين، كل هذا موسي يبارك ومبسوط آخر بسطة، والآن الرجل يحدثنا وكأنه ليس بعمرو موسي مبارك ، بل عمرو موسي الثورة، الذي شارك فيها وقادها وسالت منه الدماء رقراقة حبا في مصر، والطريف أنه يصدق نفسه بأنه ابن الثورة ومفجرها، أما المغرور أحمد شفيق الذي لايكف عن معايرة مصر وشعبها ليل نهار بانجازاته السابقة مع مصر للطيران والمطارات التي أنشئت في عهد المخلوع، وكأنه كان يمولها من ورث ورثه عن والده ونحن لاندري، والمفجع أنه ينسب كل ذلك لنفسه ويعتبرها من انجازاته الجبارة، ويصدقه السذج ويسيرون خلفه كما القطيع، ولم يسألوا أنفسهم إن كل ما يدعيه ويدغدغ به مشاعرهم يومياً هو من عرق جبينهم ومن قوت أولادهم، ولم يسألوا أنفسهم أيضاً إن المطارات التي يقول إنه أنجزها كلها أُنشئت من أجل عيون المخلوع سواء مطار برج العرب أو شرم الشيخ فالأول العبد لله ومن هم على شاكلتي من عامة الشعب، لم يروه سوى بعد الثورة وكان محروماً علينا جميعاً أن نمر من جانبه.. وكأنه كان ملكية خاصية للمخلوع ، وشفيق مبسوط ومزقطط ،الرجل بقي مرّيح الريس، ودلوقتي برضه كما يفعل رفيقه موسى يفتخر بما أنجزه للمخلوع ليستمتع به وحاشيته، بأنه أنجزه لمصر وشعبها، شوف البجاحة، وعندما يتحول الخجل إلى تناحة. وبعد كل هذا وهو قليل من كثير يرى البعض أن هذين الرجلين بما يحملانه من ماضٍ كئيب قادران على قيادة مصر، وهما من سبق وشاركا في ذل هذا الشعب، وينعمان برغد العيش بالجيوب التي انتفخت بالملايين من رواتب وبدلات تكفي لتوظيف مايزيد على المليون مصري، وشاهد على ذلك البذخ الذي نراه على حملة موسى وشفيق، وما ينفقه كل منهما من ملايين .. أليس هذا من قوت الشعب ولا أنا غلطان،ومع ذلك السذج يتبعوهما وكأنهما يعشقان الماضي ويجترونه للتلذذ بالذل والمهانة التي سبق أن عشناها جميعاً ، نقول لهؤلاء نحن نؤمن بالديمقراطية الحقة ، ولسنا ضد اختيار أي فرد من الشعب لأي شخص يراه رئيساً، لكن عليهم أن يعيوا تماماً أن موسى وشفيق لن يحققا لهم المستقبل الذي يحلمون به والعيش في رغد وهناء وسعادة ، وهما من بلغا من العمر عتياً، وما سعيهما إلا لنفسيهما وليس للشعب، ومضايهما مهما تجملا سيظل أسود طالما عاشا وتعايشا مع المخلوع.