بقلم: عبدالله هلال - [email protected] مع اقتراب أول انتخابات رئاسية.. عاد إعلام الفلول إلى عاداته القديمة، التي تربى عليها في عهد المخلوع (التدليس والكذب)، واستيقظت الخلايا النائمة؛ في محاولة مستميتة لإحياء النظام الذي أطاحت الثورة ببعض رموزه الكبيرة، وتركت للأسف كل ذيوله. ومن الواضح أن هناك خطة محكمة لتضليل الشعب وإحباطه، بدأت بالتخلص من أكثر المرشحين شعبية، ثم تصفية مرشحي الفلول لصالح واحد منهم منعا لتفتيت الأصوات.. مع زيادة جرعة الافتراء على التيار الإسلامي سعيا للتصويت العقابي، ثم الهجوم النهائي باستطلاعات الرأي الوهمية المزيفة التي تدعي تفوق الفِلين موسى وشفيق؛ وكأنهم يستفتون شعبا آخر غير الشعب المصري!.. وشفيق هذا معروف موقف الشعب الثائر منه ومن فساده. والسؤال الأهم هو: هل يصلح عمرو موسى رئيسا لمصر؛ وقد كان بمثابة السكرتير الخاص للمخلوع؟!. لقد حظي برضى المخلوع، الذي كان لا يستريح لأي وزير له برنامج وطني أو رأي مستقل أو شخصية لها قبول شعبي، وتركه وزيرا لأهم وزارة لعشر سنين كاملة، ولولا أغنية مطرب مبتدئ كان ينافق المخلوع وسوى بينه وبين ذراعه اليمنى (موسى) لظل الأخير في الخارجية حتى الثورة. وعندما حاول الناس البحث عن بديل يجرؤ على إعلان الترشح ضد المخلوع منعا للتوريث وطُرح اسم عمرو موسى، تهرب ولم يجرؤ على مجرد القول أنه لا يمانع من الترشح، خوفا من المخلوع، ولم يجرؤ على ذلك سوى البرادعي. ولا أجد داعيا لسرد عيوب عمرو موسى التي أهمها أنه رجل سبعيني قارب على الثمانين، ونحن نريد رئيسا شابا ينهض بمصر(مثل كل الدول المتفوقة)، فالشعب الذكي يعرفه جيدا، خصوصا في فترة أمانته للجامعة العربية.. ولكنني سوف أركز على تاريخه السياسي وما فعله بمصر- بالاشتراك مع المخلوع- في فترة قيادته لحقيبة الخارجية، حيث عانت مصر من التقزيم والإهانات الدولية وضياع ريادتها لصالح دول في عمر الأطفال بالنسبة لمصر، كما أن دور المخابرات الأمريكية معروف في اختيار سفيرنا لديهم ولدى الأممالمتحدة، ثم تعيينه وزيرا للخارجية. وسوف أكتفي بفقرات من مقال قديم سبق أن نشرته بجريدة الشعب عندما كان موسى وزيرا للخارجية، بعنوان (سياستنا الخارجية في قفص الاتهام).. وقد ذُيّل المقال بعبارة (تُرى من هو هذا العبقري الذي يرسم سياستنا الخارجية؟!)، وهذا هو المقال، ويدل على أن موسى فرح بالمنصب في ظل أسوأ سياسة خارجية.. ثم زاد الطين بلة: المتتبع لسياستنا الخارجية يجد نفسه أمام جملة من المواقف الغريبة تستعصي على الفهم ويحار العقل في تفسيرها.. فمن البديهيات أن السياسة الخارجية للدولة لابد أن تكون ترجمة أمينة لهويتها وتوجهاتها، بحيث تلبي تطلعات الشعب وتحمي مصالحه وكبرياءه وتحافظ على أمنه القومي دون تفريط في عقيدته أو قيمه أو ثقافته. وإذا حاولنا أن نرسم صورة لهوية مصر من خلال سياستها الخارجية فسوف نجد أننا أمام لوحة غير متجانسة تتداخل فيها الألوان والظلال لكثرة ما بها من تناقض وتضارب وقصر نظر.. ولنضرب بعض الأمثلة: - عندما اختطفت أمريكا الطائرة المصرية وأهانت مصر وحكومتها، لم تحتج الحكومة، ولم تحاول حتى مجرد الشكوى للمنظمة الدولية، ردا على الإرهاب والقرصنة الأمريكية، بل لم تستدع السفير.. وكان رد فعلها تجاه المعتدي يشبه حال جمهور أم كلثوم، عندما كان ينتشي طربا ويصيح: ‘تاني يا ست‘!!. - رغم سياستنا الغريبة تجاه أمتنا العربية الإسلامية، والتي لا تخلو من عداء هذا أو ذاك وتحويل الصديق إلى عدو والعدو إلى صديق حسب الظروف، واستخدام كتبة الحكومة في الهجوم المتواصل على العرب، لنسف أية إمكانية للتقارب العربي.. نجد حكومتنا تشارك في المؤتمر الاستعماري الفرنسي للدول الناطقة بالفرنسية، التي لا تربطنا بها أية صلة ولم نكن يوما ناطقين بالفرنسية ولن نكون.. ولكنها الألغاز العجيبة، فمصر تشارك والجزائر ترفض المشاركة!!. - في الوقت الذي توضع فيه العراقيل والمصاعب أمام الطلبة الفلسطينيين والسودانيين الدارسين في مصر، تفتح حكومتها ذراعيها لجامعة سنجور الاستعمارية الفرنسية (بالإسكندرية) وتوفر كل سبل الراحة والتسهيلات لطلابها!!. - العدو الصهيوني يستغل المعاهدة المشؤومة في إغراق مصر بالجواسيس والمخدرات والعملات المزيفة، وحاملي الأمراض المعدية، ومصر ترد بعدم تنفيذ حكم الإعدام على تاجر المخدرات وتفرج عن الجواسيس في يوم عيدهم، وتغض البصر عن إهانة ضباط مصر وقضاتها، وتقول إن هذا يخدم أمننا القومي!!.. أما الفريق سعد الدين الشاذلي، والشهيد سليمان خاطر، وغيرهما فهم ليسوا من شعب الله المختار!!. - قادة العدو يؤكدون يوميا أنه لا تنازل عن شبر من الأراضي المحتلة ويهددون باحتلال سيناء ويواصلون بناء المستوطنات وقتل إخواننا في فلسطين ولبنان ونحن نؤكد استمرار التفاوض مع المعتدي الغاصب، ونمدهم بمواد البناء ونطالب بإلغاء المقاطعة العربية، ونواصل التطبيع وتقوية العلاقات وننتقد المقاومة الشرعية للاحتلال. - عندما قامت حركة الإنقاذ السودانية وتخيلت الحكومة أنها انقلاب على الديمقراطية التي تغيظها سارعت بتأييدها، وتبريرها إعلاميا وقدمت المساعدات الطارئة حتى ظن البعض أن الانقلاب تدبير مصري.. وعندما تبين أن البشير ورفاقه إسلاميون يرفضون التبعية والاستقطاب، انقلبت حكومتنا عليهم واتخذت منهم مواقف مضادة تماما. - رغم موافقة الحكومة على حصار وتجويع الشعبين العراقي والليبي، لم تجرؤ على رفض الموافقة على تبرئة الصهيونية من العنصرية، وقامت بالامتناع عن التصويت في موقف مخزٍ آخر لطخ شرفنا بالذل والعار!!. - عندما أجريت بالجزائر أول انتخابات عربية حرة وفازت جبهة الإنقاذ الإسلامية أبدت الحكومة عدم ارتياحها وبدأ (كتبتها) في إثارة المشكلات مع الجزائريين.. وفجأة انقلب الوضع والموقف المصري إلى التأييد والمباركة وإظهار الود للشعب الجزائري عندما جاء الانقلاب على الديمقراطية، وتجاوز التأييد إلى تقديم المساعدة (!!). - الموقف نفسه حدث مع عتاة المستبدين في الصومال وإثيوبيا وتشاد عندما فرّ حكامهم نتيجة لثورة هذه الشعوب.. ورغم فرار المستبدين وتمكن الثوار من الحكم كان الموقف المصري الشاذ يؤكد على تأييد هؤلاء الفارين ورفض تغيير الأوضاع مما أكسبنا عداوة هذه النظم الجديدة وشعوبها.. وكان أشد المواقف غرابة عندما أعلن أن مصر (العربية المسلمة) ترفض استقلال إريتريا (العربية المسلمة) رغم اعتراف وموافقة إثيوبيا نفسها!!. - وهناك المواقف المخزية فيما يخص البوسنة والهرسك وأذربيجان وكشمير وأفغانستان، ناهيك عن فلسطين والعراق ولبنان. - ومن المواقف المثيرة للغرابة والاشمئزاز، والتي تضر بأمننا القومي مباشرة، باعتباره مرتبطا بالعمق الجغرافي (على الأقل) مع السودان وليبيا وفلسطين، نعرض لثلاث قضايا: = المشاركة في حصار ليبيا ورفض تشغيل مطار سيدي براني لتخفيف الحصار والضغط عليها لتلين مواقفها تجاه الغرب. = معاونة العدو في الإجراءات الدنيئة التي ينفذها للتخلص من سكان الأرض المحتلة، فيما يعرف بنظام التصاريح التي تعطى لمن يَزُورون أقاربهم بالخارج وتنتهي في يوم محدد يسقط بعده حق المواطن في العودة.. بتعطيل الفلسطينيين العائدين من ليبيا حتى ينتهي موعد التصريح!. وكذلك التضييق على الطلبة الفلسطينيين في مصر وتعجيزهم بالرسوم الباهظة. = التفريط في الأمن القومي بمعاداة السودان وافتعال مشكلة حلايب، ومعاونة ودعم العميل جارانج تمهيدا لانفصال الجنوب!. تُرى من هو هذا العبقري الذي يرسم سياستنا الخارجية؟! (انتهى الاقتباس) هل لديك يا موسي تبرير لهذه السياسات التي تعصف بالأمن القومي وتسهم في تقزيم مصر، وكنت مهندسها؟!. هل فكرت يوما في الاستقالة احتجاجا على ضياع الشخصية المصرية والدور الوطني الذي تميزت به مصر طوال تاريخها، أم أنك كنت (الملهم) للمخلوع في سياساته الخارجية الخطرة؟!. همسات: - صرح المدعو أحمد شفيق بأنه سوف يقضي على الانفلات الأمني خلال 24 ساعة، إن غاب عن المصريين وعيهم وانتخبوه رئيسا.. فهل لديه زر سحري سوف يضغط عليه؟، أم أن هذا اعتراف وذلة لسان تعني أنه ومن معه من الفلول وراء هذا الانفلات الأمني؟!!. - الكرم الحاتمي الذي حل بالجنزوري وحكومته والانفلات المالي والاقتصادي غير المسبوق بالموازنة المسكينة.. هل يعني التحضير ل (غزة جديدة) تحسبا لتشكيل حكومة للأغلبية الإسلامية؟!. - هل يكفي تصريح وكيل وزارة الصحة لشئون البيئة بأن مرشحات (فلاتر) المياه الموجودة في مصر غير صالحة لمياه الشرب؟.. هل أدى واجبه هكذا وانتهى الأمر؟، لماذا لا تتخذ الإجراءات الطبيعية بمصادرة هذه المرشحات ومحاكمة من سمحوا باستيرادها، وتدبير البدائل؟!!.