ليس هناك فى نظرى وصف أستطيع أن أطلقه أو أصف به ما يدور فى مصر منذ التنحى وإلى الآن وبعد ما يقرب من عام ونصف من يناير 2011 إلا أنه " عجين ×عجين " ؛فالجميع بلا استثناء يعجن كما لو كان الشعب ثار ثورته العظيمة من أجل " الفطير المشلتت" وليس من أجل إسقاط نظام بائس وبناء دولة مدنية حديثة ومحترمة تليق بنا ونليق بها؛ فالقوى المدنية بكافة تشكيلاتها بما تضم من حركات وإئتلافات،ومن ينتمى إليها من ليبراليين ويساريين وكل من هم محسوبون على التيار غير الدينى يعجنون فرادى فى الفضائيات بعد أن تواعدوا على التنافس والفرقة ، وعجزوا جميعا أو بالأحرى بخلوا بالتوحد خلف مرشح واحد يمثل الثورة تحشد خلفه كل الجهود فى مواجهة كارهى الثورة والمتآمرين عليها . حدث ذلك منذ ضن البعض على البرادعى فى أول أيام الثورة أن يكون المتحدث الرسمى باسمها ؛فكانوا هم أول المتآمرين عليها بغير قصد أما الإخوان فيعجنون جماعة وبشكل منظم خلف مكتب الإرشاد وكان عجينهم فى التأسيسة ملخبط قبل أن يدخلوا فى صراع الرئاسة وما زاد عجينهم لخبطة فكرة المرشح الأصلى والمرشح الاستبن ،فى حين بدأ السلفيون يعجنون منذ أقسموا فى البرلمان "بما لا يخالف شرع الله" ثم رفعوا الآذان بينما بخلوا بدقيقة حداد على روح البابا ،أما المجلس العسكرى صاحب توكيل تصدير الدقيق المطلوب لكل هذا العجين فقد وضع للجميع من البداية المقادير المطلوبة فى مواد الإعلان الدستورى وهو ما يشعرنى أننا كما لو كنا هتفنا الشعب يريد "عجين الفلاحة " أو ربما هتفنا "فطير مشلتت . حرية .عدالة اجتماعية " ،وإذا كان "المستر سين" - كما يقول أهل السينما - لفيلم التحول الديمقراطى يتمثل فى انتخابات الرئاسة فهل ماشاهدناه ونشاهده من سيناريو الانتخابات الرئاسية منذ بدأ سباقها حتى الآن يليق ب حال مصر بعد ثورة مشهودة قامت ضد الحكم الفردى والقهر والاستبداد وعلى الحكم العسكرى الذى انطلق من يوليو 52 ولم يتوقف إلى لحظة كتابة هذه السطور ؟ ! سؤال لا يحتاج إلى إجابة فالمشهد بالكاد يصلح لاختيار رئيس "مراجيح مولد النبى "..
بدءا من شروط سحب أوراق الترشح التى سمحت لكل صاحب هفة من التقدم نحو مقعد المخلوع إلى ماكينات إعلامية جبارة يقودها مرضى حرصوا كل الحرص واجتهدوا أشد الاجتهاد فى تسفيه مقام الرئاسة وكشف خيبة عدد من المواطنين ساحت دماغهم على يد نظام المخلوع عبر تسليط الضوء بشكل يدعو للدهشة والاستغراب على كل من تقدم وسحب أوراق الترشح من أول التربى لحد المغنواتى وكأنهم فتحوا عكا ألهذا الحد من السفه بلغ التهافت على ملاحقة ومتابعة المتقدمين فى الوقت الذى يعلم فيه سائقو هذه الماكينات تماما ،أنه لا طائل من وراء تسليط الضوء على هؤلاء جميعا ولا فائدة من وراء منحهم كل هذه المساحة والوقت والاهتمام وهناك ما هو أهم وأولى ، وقد كان للإعلام القومى دور بارز فى ذلك فما المقصود يا ترى ؟هل يدفعون الناس بطريق غير مباشر لأن يقارنوا بطبيعة الحال مثلا بين هؤلاء وبين مبارك المحارب الطيار صاحب التاريخ ليلعنوا الثورة التى وصلت برئاسة مصر إلى هذا الحال و ليتحسروا على حالهم وحال بلدهم الذى تدهور حتى وصل إلى التربى والمغنواتى ،أم يدفعونهم بطريقة ما ومن فرط تحسرهم على مقام رئاسة مصر وما طاله من بهدلة وقلة قيمة إلى الإسراع بالارتماء فى حضن أول منقذ يهل عليهم من ريحة النظام القديم بعد أن هتف البعض أو كاد "فين أيامك يا حسنى "..
أما حكاية أبو اسماعيل فهى فصل من فصول المسخرة أدى أعضاء اللجنة فيها دورهم باقتدار! ؛ فأدخلوا مصر لأيام طويلة فى حالة من الضباب الإجرائى وكان للجوازات ووزارتى الداخلية والخارجية ظهور خاص فيها بالاشتراك مع ضيف الشرف الأمريكى وهو ما دفع أنصار أبو اسماعيل إلى رفض الفينالة الركيكة – فى نظرى – ومحاولاتهم صنع نهاية تليق بمرشحهم " المقدس " ! ،الوجه الآخر للمسخرة التى تعيشها البلاد والتى لا يمكن تخيلها حتى فى حواديت ألف ليلة وليلة وحتى لو تخيلنا أن شهر زاد نفسها عادت من زمن الحواديت وأيقظت شهريار من ثباته العميق على سرير التاريخ وقالت له : " قوم يا شهريار اسمع اللى عمرك ما سمعته "ثم بدأت تحكى له مادار فى مصر بعد الثورة ، فهل كان شهريار أفندى ممكن يصدق إن رئيس وزراء موقعة الجمل الذى اختاره مبارك وأسقطه الشعب ثم أفلت من المحاكمة فى الزحمة يترشح عينى عينك بدم بارد لمنصب رئيس مصر الثورة ، وأنا لا يمكن أن أتخيل بحال أن تقف شبهة عدم الدستورية أمام قانون العزل الذى ظهر بعد فوات الآوان فيفوز شفيق ياراجل ! برئاسة جمهورية مصر بعد الثورة وبشكل ديمقراطى وعبر صناديق الاقتراع ليعود النظام من جديد.
وهل كان شهريار ممكن يتفهم أن رئيس مخابرات دولة حسنى مبارك ينزل انتخابات الرئاسة بعد ثورة يناير بناء على تكليف من الشعب الذى لم لم يقبله نائبا ليس هذا فقط بل يقف أعضاء منتخبون من الشعب الثائر ليدافعوا تحت قبة برلمان الثورة عن حق أعوان مبارك فى الترشح " ! "- عفوا فيه كلمة وحشة وقفت فى حلقى وكان نفسى أقولها ؛نحن فعلا نعيش الآن فى زمن المهزلة بكل تفاصيلها وحذافيرها وبكل أشكالها وتجلياتها ..ومع الاعتذار للأب العظيم جلال عامر رحمة الله عليه ..فإن الثورة على كف عفريت