تجديد الثقة في الدكتور محمد أبو السعد وكيلًا لصحة كفر الشيخ    الغربية تستجيب لمطالب أولياء الأمور وتُخفض الحد الأدنى للقبول بالثانوي العام    محافظ الجيزة يوجه بإنهاء أعمال تغيير الكابلات المتضررة بساقية مكي وإعادة التيار الكهربائي في أسرع وقت    وزير السياحة: 22% زيادة في إيرادات السياحة خلال النصف الأول من 2025    رئيس الوزراء يوجه بإجراء مراجعة شاملة لأعمال الصيانة بجميع الطرق    «المنصور للسيارات» تطرح فئة جديدة من «إم جي7 موديل 2026».. وتخفيضات تصل ل 75 ألف جنيه    نتانياهو: "لا أعذار بعد اليوم" في غزة    إنزال جوي لمساعدات من الأردن و الإمارات في غزة    رابطة الأندية تعلن تعديل عقوبة الانسحاب في لائحة الدوري المصري    أحمد دياب يعلن انطلاق الدوري يوم 8 أغسطس وقرعة جديدة للدور الثاني    الأهلي يستأنف تدريباته غدًا استعدادًا للدوري    رسميًا.. موعد مواجهتي مصر ضد إثيوبيا وبوركينا فاسو في تصفيات كأس العالم 2026    سائق ينهي حياته شنقًا داخل منزله في الفيوم    رانيا فريد شوقي في ذكرى رحيل والدها: "27 سنة من غير حضنك.. ولسه بدوّر عليك في كل حاجة"    تجديد الثقة في الدكتور عمرو دويدار وكيلاً لوزارة الصحة بسوهاج    تجديد الثقة بوكيل صحة الإسماعيلية: استقبلت الخبر أثناء زيارتي لزميل بالمجمع الطبي    المغرب.. إخماد حريق بواحة نخيل في إقليم زاكورة    حماس: خطة الاحتلال بشأن الإنزال الجوي إدارة للتجويع لا لإنهائه وتمثل جريمة حرب    بورسعيد تودع "السمعة" أشهر مشجعي النادي المصري في جنازة مهيبة.. فيديو    نتنياهو: نقاتل في قطاع غزة ولدينا قتلى ومصابون    درجات الحرارة تزيد على 45.. توقعات حالة الطقس غدا الاثنين 28 يوليو 2025 في مصر    "تعليم أسوان" يعلن قائمة أوائل الدبلومات الفنية.. صور    الداخلية تضبط 254 قضية مخدرات فى القاهرة والجيزة    إصابة 9 أشخاص إثر انقلاب سيارة على الطريق الصحراوي الشرقي ببني سويف    تاجيل محاكمه ام يحيى المصري و8 آخرين ب "الخليه العنقوديه بداعش" لسماع أقوال الشهود    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم قرية جنوب نابلس.. وتطلق قنابل صوت تجاه الفلسطينيين    القصة الكاملة لعلاقة وفاء عامر بإبراهيم شيكا.. بدأت بدعم إنساني وانتهت باتهامات صادمة بتجارة الأعضاء    نجوى كرم تتألق في حفلها بإسطنبول.. وتستعد لمهرجان قرطاج الدولي    «فتح»: غزة بلا ملاذ آمن.. الاحتلال يقصف كل مكان والضحية الشعب الفلسطيني    غدًا.. وزير الثقافة ومحافظ الإسكندرية يفتتحان الدورة العاشرة لمعرض الإسكندرية للكتاب    الثلاثاء.. سهرة غنائية لريهام عبدالحكيم وشباب الموسيقى العربية باستاد الإسكندرية الدولي    ارتفاع المؤشر الرئيسى للبورصة بنسبة 1.3% ليغلق أعلى مستوى عند 34500 نقطة    رئيس اقتصادية قناة السويس يستقبل وفدا صينيا لبحث التعاون المشترك    7 عادات صباحية تُسرّع فقدان الوزن    داليا مصطفى تدعم وفاء عامر: "يا جبل ما يهزك ريح"    الدكتور أسامة قابيل: دعاء النبي في الحر تربية إيمانية تذكّرنا بالآخرة    أمين الفتوى: النذر لا يسقط ويجب الوفاء به متى تيسر الحال أو تُخرَج كفارته    "دفاع النواب": حركة الداخلية ضخت دماء جديدة لمواكبة التحديات    بالصور- معاون محافظ أسوان يتابع تجهيزات مقار لجان انتخابات مجلس الشيوخ    قبل كوكا.. ماذا قدم لاعبو الأهلي في الدوري التركي؟    قرار وزاري بتعيين الدكتور حمودة الجزار وكيلا لوزارة الصحة بالدقهلية    مجلس جامعة بني سويف ينظم ممراً شرفياً لاستقبال الدكتور منصور حسن    وزير البترول يبحث خطط IPIC لصناعة المواسير لزيادة استثماراتها في مصر    «مصر تستحق» «الوطنية للانتخابات» تحث الناخبين على التصويت فى انتخابات الشيوخ    تنسيق الجامعات 2025 .. تعرف علي قائمة ب71 معهدا للشعبة التجارية بدائل للكليات    وزير التموين يفتتح سوق "اليوم الواحد" بمنطقة الجمالية    تفاصيل تشاجر 12 شخصا بسبب شقة فى السلام    وزارة الصحة توجة نصائح هامة للمواطنين بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة    جواو فيليكس يقترب من الانتقال إلى النصر السعودي    ريم أحمد: شخصية «هدى» ما زالت تلاحقني.. وصورة الطفلة تعطل انطلاقتي الفنية| خاص    إصابة 11 شخصا في حادثة طعن بولاية ميشيجان الأمريكية    بدعم من شيطان العرب .."حميدتي" يشكل حكومة موازية ومجلسا رئاسيا غربي السودان    وزير الأوقاف: الحشيش حرام كحرمة الخمر.. والإدعاء بحِلِّه تضليل وفتح لأبواب الانحراف    بعد فتوى الحشيش.. سعاد صالح: أتعرض لحرب قذرة.. والشجرة المثمرة تُقذف بالحجارة    «الحشيش مش حرام؟».. دار الإفتاء تكشف تضليل المروجين!    تأكيدا لما نشرته الشروق - النيابة العامة: سم مبيد حشري في أجساد أطفال دير مواس ووالدهم    "سنلتقي مجددًًا".. وسام أبوعلي يوجه رسالة مفاجئة لجمهور الأهلي    الأمم المتحدة: العام الماضي وفاة 39 ألف طفل في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد أبودوح يكتب: دستور كنا نظنه «دائماً» !
نشر في الدستور الأصلي يوم 18 - 03 - 2012


أحمد أبودوح
أجمع المتخصصون والشخصيات العامة وممثلى كافة أطياف المجتمع على ضرورة أن يأتى غالبية أعضاء الجمعية التأسيسية لوضع الدستور الجديد من خارج البرلمان، وذلك لعدة إعتبارات يأتى فى مقدمتها أن الدستور هو المشرف الأول على تحقيق مبدأ " الفصل بين السلطات "، وبناءً عليه يكون من غير المعقول أن تستحوذ إحدى هذه السلطات – وهى السلطة التشريعية ممثلة فى البرلمان – على مقدرات اللجنة التى سوف يكون منوطاً بها صياغة هذا الدستور .
غير أن المشاركين فى الإجتماع المشترك الذى عقد بالأمس وجمع بين غرفتى البرلمان كان لهم رأى أخر، حيث خرج الإجتماع بإعتماد صريح وواضح وهو أن تتشكل اللجنة المكونة من مائة عضو بحيث يكون نصفها من داخل البرلمان ونصفها الأخر من خارجه معتمداً فى ذلك على أغلبية جاءت عن طريق صناديق الإقتراع .
فإذا بدأنا التفكير خارج إطار " إعادة إختراع العجلة " الذى وضعنا أنفسنا بداخله وتبنينا مبدأ " البناء على ما سبق "، وقمنا بدراسة دقيقة للتجارب التى سبقتنا فى عمليات وضع الدستور الناجحة، سوف نكتشف أن أغلبها قد قام على إنتخاب جمعية تأسيسية إنتخاباً مباشراً من قبل الشعب، أو تحويل البرلمان نفسه إلى جمعية تأسيسية لوضع الدستور ثم طرحه للإستفتاء بعد ذلك، أو تحويل الجمعية التأسيسية المنتخبة من قبل الشعب إلى برلمان مؤقت – مثل ما هو معمول به فى تونس الأن – يكون عليها الإنتهاء من كتابة الدستور الذى سوف يتم على أساسه بناء باقى مؤسسات الدولة .
والحقيقة أن إختيار ال 50% - 50% الذى أقره الإجتماع البرلمانى بالأمس يتسم بشىء من الغرابة لأنه يعتبر هو الإقتراح الأول من نوعه فى هذا الشأن، بالإضافة إلى ما يشوبه من عيوب سياسية ودستورية أيضا قد تنعكس فى المستقبل على الصياغة النهائية التى سوف يخرج بها الدستور .
وعلى الرغم من وجود بعض التجارب الناجحة التى إعتمدت أعضاء الجمعية التأسيسية لوضع الدستور من داخل البرلمان بالكامل والتى نتج عنها فى النهاية دساتير مستقرة نسبياً، إلا أنه بالمقارنة بين التجربة الحالية التى نمر بها فى كتابة الدستور المصرى الجديد وبين تلك التجارب السابقة عليها سوف نلاحظ عدة فوارق أساسية بينها، منها ما يلى :
1-أن تلك البرلمانات لم تكن تحتوى على أغلبيات سياسية تحمل أى خلفيات أيدولوجية من الممكن أن تنحرف بالدستور - الذى من المفترض أن يحقق مصالح جميع أطياف ومكونات المجتمع – إلى السعى نحو تحقيق مصالحها الضيقة فقط .
2-أن الأغلبيات الممثلة داخل تلك البرلمانات لم تتعدى كونها أغلبيات حزبية حيث أنها لم تكن ترتبط بشكل أو بأخر بالنقابات المهنية والعمالية ولا بمنظمات المجتمع المدنى الأخرى فى هذه الدول ولم تسعى للسيطرة عليها كما يحدث فى مصر الأن، وبالتالى فإن ذلك من شأنه أن يطرح بأفضلية إقتراح نسبة ال 50% من خارج البرلمان جانباً إذا ما أراد تيار الأغلبية البرلمانية الإستعانة بممثلى تلك النقابات وأساتذة الجامعات والقانونيين الموالين له لكى يشكلوا أغلب الأعضاء الذين سوف يمثلون من خارج البرلمان .
3-أن الإقتراح الذى تم التصديق عليه بالأمس سوف يضع الدستور أمام إشكاليات قانونية ودستورية عدة إذا ما أخذنا فى الإعتبار توفر إمكانية قبول المحكمة الدستورية العليا للطعن المقدم على دستورية بعض مواد قانون إنتخاب أعضاء هذا البرلمان، أى أنه حينئذ سوف يكون نصف عدد المشاركين فى كتابة ذلك الدستور قد تم إختيارهم بالمخالفة لأحد أهم مبادىء الدستور الذى سوف يساهمون هم فى صياغته.. وهو مبدأ " تكافؤ الفرص " .
فإذا كان من المنطقى أن لا تضع الأغلبية الدستور بل تشارك فقط فى كتابته، فلماذا إذن هذا التكالب من قبل الأغلبية البرلمانية على التمثيل بأكبر نسبة داخل الجمعية التأسيسية ؟! وهل مازال الإخوان والسلفيون يعتقدون أن الديمقراطية تتلخص فقط فى عملية إنتخابية قد أتت بهم إلى برلمان ما بعد الثورة ومن ثم يكون من حقهم بالتبعية أن يقرروا حاضر البلاد ومستقبلها ؟!
الديمقراطية هى عملية معقدة تتطلب بناء الفرد الذى بذل التضحيات من أجلها، بحيث يكون قادراً أولاً على الوفاء بإلتزاماتها بما ينتج عنه بعد ذلك الوصول إلى أرضية صلبة يمكن أن يتم الشروع فى بناء مؤسسات الدولة عليها بما يتناسب مع متطلبات المجتمع الذى يأتى الفرد ليمثل أحد مكوناته الأساسية . هذا ما تقوم الدول بإتباعه والبناء عليه فى المراحل الإنتقالية التى تمر بها نحو بناء نظم ديمقراطية حديثة.. أما ما يحدث فى مصر الأن فهو عملية ولادة لديمقراطية تقوم بالأساس على مبادىء المواطنة والتعددية ولكنها تخرج – للأسف - من رحم دكتاتورية أيدولوجية تتبناها الأغلبية السياسية .
المثير للدهشة هو تصريح زعيم الأغلبية فى مجلس الشورى بأنه " من الطبيعى أن تتغير الدساتير من فترة إلى أخرى " عند سؤاله عن ما سوف يحدث فى المستقبل إذا ما كان الدستور الذى سوف تضعه هذه اللجنة غير معبر عن الأغلبية التى سوف تأتى لاحقاً !.. إذن فنحن نتعامل مع عقلية لا ترى حرجاً فى إضفاء الصبغة السياسية والفكرية لتيار الأغلبية – أياً كان هذا التيار – بما يحقق مصالحه الوقتية، ولا تجد أدنى مشكلة فى أن يمر المصريون بعد ذلك بنفس التجربة العصيبة لصياغة دستور جديد مرة أخرى... وهكذا !
من الواضح إذن أن الثورة قد إنحرفت كثيرا عن مسارها الصحيح، وأنها على ما يبدو سوف تهدر وقتاً طويلاً حتى تتمكن من العودة إلى هذا المسار مرة أخرى، وهى نتيجة طبيعية لمعطيات عدة تشى بأننا ربما نقف الأن أمام عملية صياغة لدستور مؤقت سوف تتلخص مهمته الأساسية فقط فى تسيير الأمور حتى نصل فى النهاية إلى مرحلة كتابة دستورنا الدائم !


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.