.. عقب حديث الدكتور محمد البرادعي لعمرو أديب وجهت لي عشرات الأسئلة.. .. وفي جولاتي المستمرة في محافظات ومدن مصر- وآخرها الإسكندرية والمحلة وبورفؤاد وبورسعيد- أسمع وأتلقي أسئلة متكررة علي كل الألسنة وفي كل مكان، وبعض الذين يسألون يعرفون الأجوبة لكنهم يريدون أن يطمئنوا أكثر. .. أبرز هذه الأسئلة وأكثرها إلحاحاً هو هل هناك أمل؟! .. السؤال يأتي دائماً بصياغات مختلفة، مثل: مصر رايحة فين؟! ويأتي أيضاً بإضافات مختلفة مثل هل هناك أمل في الديمقراطية؟! هل هناك أمل في الخلاص من متاعبنا الاقتصادية؟! .. في كل مرة أحاول أن أجيب عن السؤال فلا أجد غير عبارة واحدة هي أنه ليس لدينا غير الأمل!! ولا خلاص لنا من كل أوجاعنا غير الإيمان بهذا الأمل والعمل علي إدراكه!! .. كل خطأ تعانيه مصر يمكن إصلاحه وكل عيب يمكن تلافيه وكل أرض فقدناها يمكن استردادها، في جميع المجالات والساحات التي تقهقر فيها موقع مصر بين الأمم، التي تقدمت للأمام، بينما نحن عدنا للخلف در!! .. من الظلم أن تقيد وطناً بالسلاسل، والأغلال، وتحمله بأعباء الفساد والاستبداد ثم تسأل لماذا لا يعدو؟! لماذا يتخلف، بينما يتقدم الآخرون؟! .. يسألني البعض: لماذا سادت قيم الأنانية، وخفُت الانتماء، والحماس، والإيمان بعظمة هذه الأمة، ودورها وقيمتها؟! فأقول إن الشعوب محنية الظهور، لا تستطيع أن ترفع رءوسها، أو أن تنهض بدورها وتعبر بحماس عن انتمائها وحبها لأوطانها.. عندما يتحول الوطن لسجن كبير فلا أمل أن يدافع السجين عن الزنزانة التي سجنوه فيها. .. الأمل في مصر مرهون بالحرية.. والعدالة.. وسيادة القانون.. مرهون بأن يسترد كل مواطن في مصر ثقته في قدرته علي أن يكون مواطناً له كل حقوق المواطنة كي يؤدي واجباتها. .. الشعور بالظلم السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي يفقد الإنسان ثقته بنفسه ووطنه. .. 29 عاماً من حكم مبارك، بات بعدها الشعور السائد والغالب أن هذا الوطن حظيرة أو عزبة يملكها شخص واحد، فرد واحد، أسرة واحدة، تملك كل الحقوق بينما الناس رعايا ضيوف غير مرحب بهم في بلادهم.. زاد الشعور بالغربة والقرف. .. في عصر مبارك خنقت الكفايات واغتيلت العبقريات، وأصبح النبوغ جريمة يعاقب عليها، فالأضواء لا تسقط إلا علي رجل واحد، ولا يسمع الناس إلا صوتاً واحداً ورأياً واحداً!!. .. عندما تأتي الحرية إلي مصر- ستخرج الكفايات المصرية التي سجنت 29 عاماً في أحذية ضيقة وسنري ماذا يمكن أن يفعل المصري من ابتكار وخلق وإبداع. .. نعم في استطاعتنا أن نغير بلدنا، ونصنع وطناً جديداً، إذا بدأنا نتعلم من أخطائنا!! .. علينا أن ننقب عن الأمل في كل شيء، في كل مكان، أو شخص، أو حتي فكرة.. .. الأمل ليس فقط في عيون أولادنا بل في تجارب العالم، انظروا مثلاً إلي ألمانيا وكيف تحولت من خراب وأطلال وجيش ممزق، وشعب مهزوم مقهور، إلي أعظم دول العالم صناعياً، وواحة للتقدم والحريات، وكذلك اليابان وغيرهما. .. مصر «الجديدة» التي نحلم بها، ستخطو كل يوم خطوة جديدة للأمام، بعد أن تحطم قيودها، قيداً بعد قيد، فتسرع خطواتها، وتمضي في طريقها، لتأخذ مكانها ومكانتها بين الأمم. .. هذا الشعب بات أكثر من أي وقت مضي يري أن مستقبله في الحرية، والديمقراطية، وأن خلاصه الحقيقي في التخلص من حكم الفرد!! .. سيكون المستقبل لمصر- لأنها ستكون واحة العدالة والديمقراطية، لا غابة للفساد وحظيرة للاستبداد!! ومساحة مفتوحة للصوص ومصاصي دماء الشعب. .. هذه هي مصر التي نحبها وننتظرها.. ونموت من أجلها.