قالت مصادر خاصة قريبة من دوائر القضاء العسكري إن القانون الذى أشار إليه محامي الرئيس السابق "فريد الديب" لا يمنح أي حصانة أو وضع قانوني شاذ عن القانون الطبيعي، وقال إن القانون يختص فقط بمن هم في رتبة فريق فما فوق لا كل ضباط القوات المسلحة، وأوضح أن القانون الذي أصدره الرئيس الراحل "أنور السادات" كان يهدف إلى تكريم قادة حرب أكتوبر الذين تمت ترقيتهم بعد الحرب إلى رتبة فريق ومنحهم امتيازات مالية وأدبية حال انتهاء فترة خدمتهم العسكرية والمدنية. وأضاف أن مسألة أن مبارك لا يزال قائد القوات الجوية تم تفسيرها بشكل غير صحيح، حيث إن القوات الجوية لها قائد واحد قبل الثورة وبعد تنحي مبارك لم يتغير ويمارسُ عمله بشكل ووضع قانوني سليم، والصواب أنه لا تزول عنه امتيازات الوضع المالي لآخر منصب تقلده وحصل من خلاله على رتبة فريق، وأن مبارك بعد تخليه عن منصب رئيس الجمهورية، تعد تقاعدا من العمل المدني، يحتفظ بوضعه المالي والأدبي الأخير في القوات المسلحة، وإلا فإن استمرار قائد القوات الجوية الحالي في منصبه يصبح غير قانوني. واصل "الديب" - محامي مبارك - حشد المواجهة مع المجلس العسكري بتوجيه القضية في اتجاه القضاء العسكري مستخدما نص قانون أصدره السادات عام 1979 لتكريم قادة أكتوبر، وهو القانون 35، وقال إنه بمقتضاه لا يزال مبارك قائدا للقوات الجوية وإن المادة 2 من القانون تقول إن ضباط القوات المسلحة يستمرون مدى الحياة في الخدمة العسكرية، وإذا اقتضت الضرورة تعيينهم في الهيئات المدنية - كما حدث مع الرئيس السابق - فإنه حال انتهاء خدمته يعود مرة أخرى إلى منصبه العسكري، وهو ما أوضحه المصدر حول الالتفاف في استخدام القانون. حصل «الدستور الأصلي» على نص المادة «1» من القانون 35 لعام 1979 التي أشار إليها لا المادة «2»، حيث تقول المادة «1»: «يستمر الضباط الذين كانوا يشغلون وظائف قادة التفرع الرئيسية ورئيس هيئة عمليات القوات المسلحة في حرب السادس من أكتوبر في الخدمة بهذه القوات مدى حياتهم وذلك استثناء من أحكام المادة 12 من القانون 90 لعام 1975»، أما المادة «2» التي ذكرها الديب في استدلال خاطئ فتحدد شكل استمرارهم في الخدمة حال عودتهم إليها حيث تقول: «يقوم الضباط المنصوص عنهم في المادة الأولى بإبداء المشورة للقادة في هذه القوات»، ومع ذلك فقد لفتت المصادر إلى أن المحكمة هي المنوط بها تقدير طلب الدفاع وتقرير ما إذا كانت حالة الرئيس المخلوع ينطبق عليها العسكري أم المدني، لكن "الديب" استدعى إلى مرمى النيران المحكمة الدستورية دافعا بأن محاولات سابقة للطعن على القانون المشار إليه رفضتها المحكمة الدستورية، وقالت في حيثيات الرفض «إن الجنود الذين جلبوا نصر أكتوبر العظيم وفدوا الوطن بقدرة واقتدار وأعادوا الحق ورفعوا الإيمان، وأحيوا نبض الأمة من جديد، لا يُهانون». ووفقا للنص الذي استخدمه "الديب" فإن القانون ذاته لم يُشِر إلى حماية من يتورط منهم في أعمال مخالفة للقانون بعد ترك منصبه العسكري، "الديب" الذي حاول أن يخلق وضعا جديدا للرئيس المخلوع يترتب عليه إطالة زمن المحاكمة وتغيير طبيعة الاتهامات على غرار ما حدث مع الطبيب المجند المتهم في قضية كشف العذرية ويحاكم حاليا بتهمة فعل فاضح ومخالفة التعليمات. لجأ "الديب" إلى الربط بين اكتشاف أن مبارك لا يزال برتبة فريق وقائد للقوات الجوية، كما زعم، والتعديل الذي أدخله المشير طنطاوي على قانون القضاء العسكري قبل شهور، الذي بمقتضاه لا يجوز محاكمة مبارك إلا أمام القضاء العسكري، حيث أصدر مرسوما بقانون عسكري في 10 مايو عام 2011، يجعل الجهة المختصة بالتحقيق في تضخم الثروة والتربح مع العسكريين، هى النيابة والقضاء العسكريان فقط، ودفع ببطلان تقرير جهاز الكسب غير المشروع في قضية استغلال النفوذ. وقالت المصادر إن محاولات الديب لإنقاذ موكله لا يجب أن تكون على حساب الإساءة إلى مؤسسة القضاء العسكري وتشويه سمعتها بأنها ساتر أو باب خلفي لتبرئة المتهم لأنه كان ينتمي إلى المؤسسة العسكرية. القانون المشار إليه أضاف تعديلا على قانون القضاء العسكري رقم 25 لسنة 1966 يحظر خضوع ضباط القوات المسلحة لأحكام قانون العقوبات بشأن جرائم الكسب غير المشروع، ولو لم يبدأ التحقيق فيها إلا بعد تقاعدهم، رغم أن القضاء العسكري يختص أصلا بالجرائم العسكرية فقط، ويستند في محاكمته المدنيين بشكل استثنائي إلى حالة الطوارئ المعمول بها منذ اغتيال السادات في 1981. نص التعديل جاء في ثلاث مواد: الأولى تنص على وجوب انتداب المحكمة العسكرية محاميا للدفاع عن أي متهم في جناية أو جنحة في حالة عدم وجود محامٍ للدفاع عنه، بينما المادة الثانية تُخضِع ضباط القوات المسلحة في أثناء الخدمة أو بعد تقاعدهم للتحقيق أمام النيابة العسكرية وتخول إليها سلطات إدارة الكسب غير المشروع، المنصوص عليها في قانون العقوبات، فإذا تَكشّف أن واقعة التحقيق لا علاقة لها بالخدمة العسكرية تُحال إلى جهة الاختصاص. وبعيدا عن تفسيرات المحامين فإن نص المادة يقول: «يختص القضاء العسكري، دون غيره، بالفصل في الجرائم المنصوص عليها في الأبواب (الأول والثاني والثالث والرابع) من الكتاب الثاني من قانون العقوبات والجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 62 لسنة 1975 فى شأن الكسب غير المشروع، التي تقع من ضباط القوات المسلحة الخاضعين لأحكام هذا القانون، ولو لم يبدأ التحقيق فيها إلا بعد تقاعدهم، ويكون للنيابة العسكرية جميع الاختصاصات المخولة لهيئة الفحص والتحقيق المنصوص عليها في قانون الكسب غير المشروع، وفى جميع الأحوال تختص النيابة العسكرية دون غيرها، ابتداء بالتحقيق والفحص، فإذا تبين لها أن الواقعة لا علاقة لها بالخدمة العسكرية، أحالتها إلى جهة الاختصاص». أما المادة الثالثة فتنص على نشر هذا المرسوم بقانون في الجريدة الرسمية، ويكون له قوة القانون ويُعمل به اعتبارا من اليوم التالي لتاريخ نشره في 10 مايو 2011. ووفقا للنص، كما يقول المصدر، فإن مبارك حتى وهو عسكري لن يحاكَم أمام القضاء العسكري في اتهامات عن جرائم ارتُكبت في أثناء عمله المدني رئيسا للجمهورية.