كتبت أمس أن ملحن أغنية «أنا مش خرنج» هو محمد محيي. صحح لي صديق متابع للحركة الغنائية قال «محمد يحيي» وليس «محمد محيي» وأكد أنني لو كنت من المتابعين والمهتمين لعرفت وحدي أنه يحيي لأسباب كثيرة من بينها أولاً: أن محيي مطرب وليس ملحناً أصلاً. وثانياً: أن يحيي مرتبط بشكل واضح بأيمن بهجت قمر. يبدو أنني بدأت أفقد قدرتي علي المتابعة فأنا لا أعرف محمد يحيي أصلاً.. ولم أندهش من أن محمد محيي لحن أغنية لأنني كنت قد اندهشت من قبل لما عرفت أن تامر حسني يلحن بعض أغانيه.. وما الفرق؟! دائماً.. لدي هاجس يسيطر علي اهتماماتي هو الخوف من العزلة فأفقد قدرتي علي متابعة لغة العصر. أكره نموذج المثقف المتعالي الذي يرفض كل ما يعجب الناس ويحتقره، والذي يستخدم لغة منقرضة يسخر منها الشباب سخرية تنطوي علي قدر من الشفقة.. ويسخر هو من الشباب سخرية يملؤها التعالي. لكن.. هذا ليس سهلاً.. ويحتاج إلي الكثير من القدرة علي المغامرة. فليس كل ما ينتمي إلي هذا العصر يمكن احتماله. والمعايير ليست واضحة. أنا أعتمد بالأساس علي إحساسي وستر ربنا. حتي الاعتماد علي الأسماء لا ينجح، فأيمن بهجمت قمر مؤلف أغنية «أنا خرنج» هو نفسه كاتب أغنية تتر مسلسل «عباس الأبيض» الجميلة!! والكلمات المستخدمة في أي عمل فني سواء أغنية أو فيلم قد تكون من نفس نوعية كلمات الشباب العصري أو الشباب المهمشين، لكن النتيجة تختلف اختلافاً قاسياً. فقد تكون الكلمات غريبة علي الأغاني وعلينا.. وتحمل درجة من العمق والشجن والصدق المنعش. علي سبيل المثال أغنية فيلم «حين ميسرة». أحببتها إلي درجة أنني أحفظ كلماتها.. التي فيها «صبراً يا سكرة.. ومش حبه تخنقيني ولا طالبة منظرة» قاموس سائقي الميكروباص. وأيضاً «مستكترين علينا.. يا حبيبتي نور عنينا.. ولو حلمنا نكبر.. يهدوا الكون علينا.. مين اللي باع نهارنا ومين اللي اشتري». «الأغنية حين ميسرة كلمات: إبراهيم عبدالفتاح» حتي كلمتا العمق والصدق اللتان كتبتهما الآن بمنتهي البساطة.. هما أيضاً في غاية الصعوبة؛ لأنهما قد يتحولان إلي ادعاء وفذلكة. شعرة بسيطة تفصل بين الإحساس ونقيضه. لكن في كل الأحوال نزول البحر مفيد. تكتب نوارة نجم في «الدستور» مجموعة من المقالات غاية في الأهمية تحمل أفكاراً بالفعل جديدة وتستخدم نوارة لغة مناسبة للعصر وشبابه. اعترض عليها بعض من أصدقائي الجالسين علي الشاطئ ويكتبون. اعتراضهم ضايقني. لكن مكالمة من صديق طبيب قارئ مهتم يميل إلي السلوك المحافظ، لغته في الحوار مهذبة، ونوعاً ما قديمة. قال لي: «إيه رأيك في نوارة؟» قلت له: «إيه رأيك أنت؟» قال: «موهوبة.. ذكية.. أفكارها لامعة.. لقطاتها مدهشة». قلت: «غريبة؟ تصورت أن لغتها مش ملائمة لمزاجك» قال: «بالعكس دي بتكتب بطريقة بتخليني أحس إني باتفرج علي فيلم كرتون». ثم سألني: «هي بنت أحمد فؤاد نجم مش كده؟» قلت: «وصافيناز كاظم». فألقي عليَّ محاضرة عن الجينات!!