عجيب أمر ثوار التحرير... كأنهم جن؛ لا يهدأون ولا يخافون من شيء، ويتوقعون فتصدق توقعاتهم، يقولون عن الجنزوري إنه رجل منتهي الصلاحية أساسا، ويقولون إن الصلاحيات التي طلبها البرادعي فرفضها المجلس دليل على أن المجلس العسكري لا يريد إلا رجلا "شرفا" آخر والعياذ بالله، لأن المجلس كان يمكنه أن يوافق للبرادعي على صلاحياته، لكنه يريد رجلا بين الحقيقة والفوتوشوب. يقول ثوار التحرير والقائد إبراهيم وغيرهما إن عبد الناصر كان له مجلس شعب ومبارك كان له مجلس شعب لكن دون جدوى، ونحن لا نريد مجلس شعب بلا صلاحيات، حتى لا يخرج اللواء ممدوح شاهين ويقول مثلا بأن الداخلية لم تطلق طلقة واحدة على المتظاهرين، بينما الداخلية تقتل المتظاهرين أمام أعيننا وترمي أجسادهم الطاهرة في القمامة. الجنزوري شد حيله وقرر أن ينال شباب ثورة 52 فرصتهم في حكومة المعاشات، لكن الأغرب من ذلك أن يصرح بأنه يملك جميع صلاحيات رئيس الوزراء كاملة تماما، ثم يستبقي نصف وزارة شرف، التي ثرنا عليها أساسا. هذا التغيير النصفي يكاد يصيب الشعب بشلل نصفي على رأي أولاد البلد. أريد أن أفكر معك بهدوء في هذا التكتيك: يفترض المجلس العسكري أن الشعب مجموعة من البيادات، أو مجموعة من الحمقى، أو لنقل مجموعة من المصابين بالزهايمر، يثورون لأن شرف لا يقوم بأي إصلاحات حقيقية، يثورون لأنهم اكتشفوا حقيقة أن المجلس ضد أهداف ثورتنا، فيظن المجلس أننا شعب غبي ويأتي لنا بالجنزوري ليعيد إنتاج وزارة شرف، يا أخي هؤلاء لا يريدون حتى أن يتعبوا أنفسهم بتغيير بعض الوجوه من باب ذر الرماد في العيون، يعني ماذا سيخسرون لو أنهم غيروا حكومة شرف وجاءوا ببعض الوزراء الجدد لكن من مدرسة شرف نفسه؛ مدرسة الوزراء الذين يؤكدون دائما أنهم ليسوا "طراطير"، لكنهم لا يريدون حتى أن يتعبوا أنفسهم في اختيار بعض الوجوه الجديدة، ثم يضحكوا علينا بمجلس استشاري مدني، من أعضائه الدكتور كمال أبو المجد أحد أهم المسئولين عن فساد مكتبة الإسكندرية، لماذا؟ السيد أبو المجد جاءنا في المكتبة ضمن اجتماع مجلس الأمناء في إبريل الماضي واستقبلناه بمظاهرة كبيرة وكان معنا مطالب لإصلاح المكتبة وصفحات كاملة بوقائع فساد بالمكتبة، فماذا فعل الباشا؟ حاول أن يضحك علينا، فاجتمع بوفد منا ووعدنا في اجتماع عام بالمكتبة (المشهد مسجل على اليوتيوب) بأن يرد على طلباتنا بالتفصيل خلال أسبوعين على الأكثر، ووعدنا بأن لا يتم التنكيل بأي موظف معارض لسياسة الإدارة، وبعد ذلك بخ، لم يرد علينا بأي شيء، وتعذر بانشغالات كثيرة لزملائنا الذين تابعوا الاتصال به، ثم أعلن الدكتور سراج الدين مجموعة قرارات رآها تعبر عن إرادة مجلس الأمناء، وحين نكّل بالمعارضين لسياساته، أرسلنا نستغيث بالدكتور أبو المجد لأنه أعطانا كلمة شرف، فأعاد الكرة ثانية، وقال لنا إن الأمر منته ولن يتم أبدا إنهاء عملنا، فتم إنهاء عمل المعارضين منا رغم ذلك. هؤلاء المسئولون الذين يتصورون أنهم سيضحكون علينا لا يضحكون إلا على أنفسهم. هل تعلم عزيزي القارئ بم وعدنا الدكتور أبو المجد أيضا في إبريل؟ قال لنا إن وقائع الفساد التي قدمناها له وقائع خطيرة ولا يمكنه أبدا أن يسكت عنها لأن تاريخه وسمعته أكبر من أي اعتبارات أخرى، ووعد بالتحقيق في الأمر ومحاسبة الفاسدين، ثم نسي شرفه التاريخي وسمعته الدولية، فماذا فعلنا؟ ثرنا ثورة كبيرة في أكتوبر الماضي، وجمعنا 1700 توقيع يطالب بإقالة سراج الدين، صحيح أنه تم إعلان قرارات إدارية أعجبت عددا من زملائنا، فتركوا الاعتصام (وهذا حقهم وحريتهم)، لكن ثورتنا نحن المعتصمين مستمرة حتى نطهر مكتبتنا. ألم أقل لك إن الشعب يبدو لهم مجموعة بيادات أو حمقى أو زهايمر... لكن لا، الشعب لم يعد كذلك يا مجلسنا العسكري الذي لا تريد أن تتحرى عن مصداقية رجل مثل كمال أبو المجد وشريكه في إفساد المكتبة: عبدالعزيز حجازي؛ هنيئا لك مجلسك الاستشاري يا مجلس، لكن بيننا وبينك الزمن، ستنتصر إرادتنا على ظلمكم، وسلامتك من الشلل يا شعب مصر!