22 مايو 2025.. الليرة التركية تسجل ارتفاعا طفيفا أمام الدولار    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الخميس    البيئة: التعاون الدولي متعدد الأطراف السبيل الوحيد لتحقيق أهداف الإطار العالمي للتنوع البيولوجي 2030    بن جفير عن مقتل موظفين بسفارة إسرائيل في واشنطن: معاداة السامية تستمد قوتها من الساسة الأشرار في إسرائيل    15 شهيدا بينهم 9 من عائلة واحدة جراء قصف الاحتلال المتواصل على عدة مناطق في غزة    كوريا الشمالية تفشل في إطلاق مدمرتها الثانية بعد تعرضها لأضرار خلال مراسم التدشين    أموريم بعد خسارة نهائي الدوري الأوروبي: أشعر بمرارة الجماهير.. لكني لن أستقيل    "يد الأهلي" يواجه منتدى المغربي في نصف نهائي كأس الكؤوس الإفريقية    التعليم تحدد الفئات المسموح لها بدخول مقار لجان امتحانات الدبلومات الفنية    فيديو.. الأرصاد: البلاد تشهد موجة حارة جديدة اعتبارا من السبت.. والعظمى تتجاوز 39 درجة    «الزراعة»: تحصين أكثر من 4.5 مليون طائر منذ بداية العام وحتى الآن    أسعار الذهب في مصر اليوم الخميس 22 مايو 2025    سعر الريال السعودي أمام الجنيه اليوم الخميس 22 مايو 2025    إمام عاشور يتعرض لوعكة صحية قبل ساعات من محاكمته    "من أجل المنتخبات".. ورش عمل لتطوير مسابقات الناشئين 24 و 25 مايو    معهد الفلك يكشف تفاصيل هزة أرضية شعر بها سكان القاهرة والإسكندرية    كندا تطالب إسرائيل بإجراء تحقيق حول استهداف دبلوماسيين بجنين    اليوم.. استكمال محاكمة إمام عاشور لاعب الأهلي بتهمة سب وقذف جاره    أول تعليق من الرئيس الإسرائيلي على حادث واشنطن: الإرهاب والكراهية لن يكسرانا    وزير الصحة يناقش في جنيف آخر مستجدات التعاون المشترك مع البنك الدولي    وزارة التعليم تحدد المسموح لهم بدخول لجان امتحان الدبلومات الفنية    «لم نسجل أي بلاغات أو خسائر».. بيان من محافظة البحيرة بخصوص زلزال اليوم    بطولة كريم عبدالعزيز.. فيلم «المشروع X» يكتسح شباك التذاكر في أول أيام عرضه    رئيس الحكومة يعتذر ل أصحاب المعاشات| وتوجيه هام لهيئة التأمينات    أسعار البيض اليوم الخميس 22 مايو2025    «فولكانو ديسكفري»: نشاط زلزالي محتمل في الإسكندرية أو القرب منها    طلاب الصف الأول الثانوي يؤدون اليوم امتحان العلوم المتكاملة بالدقهلية    حكم من يحج وتارك للصلاة.. دار الإفتاء توضح    لماذا زادت الكوارث والزلازل خلال الفترة الحالية؟.. أمين الفتوى يوضح    كيف تجنب ابنك تعاطي المخدرات؟.. وكيل إدارة مكافحة المخدرات سابقًا يوضح (فيديو)    نصيحة من محمد فضل للزمالك: لا تفرّطوا في هذا اللاعب    مجلس الشيوخ الأمريكي يعتزم التحقيق في هوية الشخص الذي أدار البلاد بدلا من بايدن    رابط الحصول على أرقام جلوس الثانوية الأزهرية 2025.. موعد وجدول الامتحانات رسميًا    الفيلم الوثائقي الأردني "أسفلت" يفوز بجائزة في مهرجان كان السينمائي 2025    كريم محمود عبدالعزيز: «قعدت يوم واحد مع أبويا وأحمد زكي.. ومش قادر أنسى اللحظة دي»    «استمرار الأول في الحفر حتى خبط خط الغاز».. النيابة تكشف مسؤولية المتهم الثاني في حادث الواحات    ضبط 7 عمال أثناء التنقيب عن الآثار بمنزل في سوهاج    هذا أنا مذكرات صلاح دياب: حكاية جورنال اسمه «المصرى اليوم» (الحلقة الثالثة)    وزارة المالية تعلن عن وظائف جديدة (تعرف عليها)    سامر المصري: غياب الدراما التاريخية أثَّر على أفكار الأجيال الجديدة    محافظ الدقهلية: 1522 مواطن استفادوا من القافلة الطبية المجانية بقرية ابو ماضي مركز بلقاس    إجراء طبي يحدث لأول مرة.. مستشفى إدكو بالبحيرة ينجح في استئصال رحم بالمنظار الجراحي    الهلال يتمم المقاعد.. الأندية السعودية المتأهلة إلى دوري أبطال آسيا للنخبة    بأجر كامل.. تفاصيل إجازة امتحانات العاملين في قانون العمل الجديد    السفارة التركية بالقاهرة تحتفل بأسبوع المطبخ التركي    وزير الخارجية الألماني يتصل بساعر بعد إطلاق نار على دبلوماسيين    اليوم.. انطلاق امتحانات نهاية العام لصفوف النقل بالمحافظات    امتدح بوستيكوجلو دون ذكر اسمه.. صلاح يهنئ توتنهام بعد التتويج بالدوري الأوروبي    مسلم ينشر صورًا جديدة من حفل زفافه على يارا تامر    في الجول يكشف آخر تطورات إصابة ناصر ماهر    كيف كان مسجد أهل الكهف وهل المساجد موجودة قبل الإسلام؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    محافظ الغربية يُشيد بابنة المحافظة «حبيبة» ويهنئها لمشاركتها في احتفالية «أسرتي.. قوتي».. صور    حاكم الشارقة يتسلم تكريما خاصا من اليونسكو لإنجاز المعجم التاريخى للغة العربية    28 يونيو.. ماجدة الرومي تحيي حفلا غنائيا في مهرجان موازين بالمغرب    اليوم.. العرض المسرحي "العملية 007" على مسرح قصر ثقافة بورسعيد    بعد مطاردة بوليسية.. ضبط سيارة تهرب 8 آلاف لتر بنزين قبل بيعها في السوق السوداء بدمياط    رئيس إذاعة القرآن الكريم الأسبق: أيام الحج فرصة عظيمة لتجديد أرواح المسلمين.. فيديو    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملوخية جدتي
نشر في الدستور الأصلي يوم 14 - 02 - 2010

تصلح الخضراوات كلها للتجميد، وحدها الملوخية التي تصلح للتنشيف، التجميد يفقد الخضراوات زهوتها عند الطبخ كأنك نزعت هالة الضوء عن رأس قديس، التنشيف يمنح الملوخية رهبة ما لا تقل عن رهبة مدخل معبد الكرنك.
لا أحد يعرف قيمة الملوخية سوي الجنوبيين بل إنهم هم أول من عرفوها، كان الفراعنة يعتقدون أن الملوخية نبات سام فابتعدوا عنه وعندما سيطر الهكسوس علي الحكم أرغموا المصريين علي أكلها لإذلالهم وإخافتهم،أكلوها فأحبوها فعبدوها (كان هناك مذهب يقول إن قيمة الإنسان في الحياة الأخري تقاس بمقدار ما تناوله من الملوخية)، ثم حرمها الحاكم بأمر الله علي الشعب لأنها (ملوكية) لا يتناولها إلا الملك، وهناك من يقول إنه حرمها لأن المصريين كانوا يأكلونها ثم يروحون في نوم عميق يحول بينهم وبين العمل، أصدق هذه الرواية خاصة أن قوة الإغماءة التي تفاجئك بعد الملوخية هي المقياس الأول لجودتها.
أكاد أجزم بأن الملوخية هي الطعام الوحيد الذي يسري في الدم قبل امتصاصه، هكذا مباشرة من الفم إلي الجهاز الدوري، أشعر بها تسير في العروق وتمددها فينساب الدم بنعومة فيحدث الاسترخاء الرباني الذي لا يوفره لك أجود أنواع المخدرات في العالم، تفقد السيطرة علي نفسك تماماً عندما تشعر بالملوخية تجري في عروق رأسك إلي أن تصل إلي الشبكية فتظلم الدنيا من حولك حتي تنسحب الملوخية من دمك تماماً فتصحو رائقاً، من يتناول الملوخية ويستأنف ما كان يفعله في أغلب الظن تناول برسيماً مطبوخاً.
الجنوبيون يعتبرونها أكلة مقدسة ويندهشون من هؤلاء الذين يضيفون الجمبري إليها ويرونهم (محدثي نعمة)، ويكرهون الذين يطبخونها بالصلصة ويرون في ذلك إهداراً لوقار الأكلة، أما من يضيفون (الطشة) إلي الشوربة وليس للملوخية نفسها فهم (مالهومش فيها)، لأن الطشة تفقد لونها الذهبي المميز الذي يزين وجه الطبق الأخضر وتتحول إلي أجسام بيضاء لا شخصية لها وتجعل الطبق نموذجاً لأكل العيانين، ويرون من يعصر نصف ليمونة علي طبق الملوخية شخصاً ثقيل الدم، بينما لا يلتفتون أصلاً إلي الملوخية التي يترسب قوامها في قاع الحلة ولا إلي الملوخية التي تكتسب قواماً أقرب إلي قوام السيريلاك ولا إلي الملوخية التي لا تعلق بلقمة العيش (ودن القطة) من فرط خفتها، ويعتبرون كل ما فات إهانة لهم إذا ما صادفوه في عزومة.
لقد تعلمتها من جدتي بالمراقبة، تقطيع الأوراق لابد أن يكون من جذر الورقة وليس عشوائياً، ولابد أن تتعرض الأوراق للشمس حتي تجف، ثم تخرط علي سطح خشن، ويجب أن يتوقف الخرط قبل أن تفرز الأوراق مادة مخاطية تعلق بالمخرطة، أما الثوم فيسحق بخفة بشرط ألا يتحول إلي عصير، وعند تحميره في قليل القليل من السمن البلدي لابد أن يضاف فور اكتسابه اللون الذهبي إلي الحلة مع شهقة ترد الملوخية عليها بواحدة أقوي، ثم كبشة من الملوخية في الطاسة تحتضن ما علق بها من الثوم الذهبي بعدها يعود المزيج مرة أخري إلي الحلة.
هناك أصول للموضوع، لا يجب طبخ اللحم داخل الملوخية، لابد أن تراه أمامك محمراً (يا سلام لو فيه حته ملبسة اكتسب دهنها لوناً أصفر)، وكذلك الفراخ التي يحلو جلدها المحمر مع لقمة عيش بلدي ورشفة من سلطانية الملوخية، الله إذا كان إلي جوارها حمام بالفريك فتقطع مؤخرة الحمامة وتصبها بالفريك في السلطانية ثم تتناول المزيج بالملعقة، البتنجان المخلل يقوي حضور الملوخية علي المنضدة، وكلما كان الأرز بالشعرية كان المزيج مؤثراً أكثر من تتر ليالي الحلمية( ومنين بييجي الشجن)،أما إذا جاور طبق الملوخية طبق محشي فلفل من حقك أن تبكي الآن.
تصلح زراعة الملوخية في أي تربة، لكنها تحتاج فقط لقدر من الدفء، وهذا حقها فهي الأكلة الوحيدة التي تشع دفئاً في كل البيوت المصرية، رائحتها هي الونس الذي يلمس قلبك وأنت تصعد السلم وتحاول أن تخمن من في جيرانك (طابخ ملوخية النهاردة)، هي التي تقرب بين سكان البيت في (قعدة التقطيف) وتمنح جاذبية ما لأمهاتنا وهن يضعن الثوم في حجر جلاليبهن لتفصيصه، وهي أول طعام للأطفال بل المفضل لديهم لسنوات طويلة (رز بالملوخية)، وفي جهاز أي بنت مصرية لا توجد أداة يرتبط اسمها بأكلة معينة سوي (مخرطة الملوخية).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.