نائبة محافظ القليوبية عن 30 يونيو: تجسيد لإرادة شعبية خالصة وقيادة سياسية حكيمة    «لأول مرة».. البابا تواضروس يزور كنيسة القديسين مكسيموس ودوماديوس بالإسكندرية ويلقي عظة روحية عن «الشجرة المغروسة»    رسميًا بعد الهبوط الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 26 يونيو 2025    عيار 21 لآن بعد آخر ارتفاع في سعر الذهب (تحديث مباشر )    مروة عبد الجواد: الإنسان يتحرك داخل قفص تاريخه الرقمي في زمن الذكاء الاصطناعي    ضياء رشوان: إسرائيل أقنعت ترامب بضرب إيران لكن الواقع خالف التوقعات    ضياء رشوان: إيران وأمريكا لم تعودا خصمين    «مثل الكلبة».. ترامب يدعو لطرد صحافية من «CNN» بسبب تقاريرها حول حجم دمار المنشآت النووية الإيرانية    ترتيب مجموعة صن داونز في كأس العالم للأندية 2025 بعد التعادل مع فلومينينسي    مدرب العين: لا بديل عن الفوز على الوداد المغربي في مونديال الأندية    «قالي لو هاخد ملايين مش هلعب في الأهلي.. كفاية اللي اتعرضتله».. طاهر أبوزيد يكشف سرًا صادمًا عن أبوتريكة    تعرف على حالة الطقس في قنا اليوم الخميس 26 يونيو 2025    خبير ذكاء اصطناعي: التكنولوجيا تحولت لسلاح رقمي لنشر الفوضى واستهداف الدول العربية    ابنة وزير شؤون مجلس الشورى الأسبق تكشف تفاصيل مشكلة بشأن ميراث والدها.. ومحامية تعلق    هذا ما يحبه الرجال..3 أشياء تفعلها النساء الجذابات بشكل منتظم    4 أبراج «عارفين كويس همّ بيعملوا إيه».. غامضون لا يحتاجون إلى نصيحة وقراراتهم غالبًا صائبة    Askı Hatırla «تذكر الحب».. رومانسية على الشاشة تشعل حياة هاندا آرتشيل وباريش أردوتش    أجمل رسائل تهنئة العام الهجري الجديد 1447ه مكتوبة.. أرسلها الآن للأهل والأصدقاء    دعاء العام الهجري الجديد 1447ه مستجاب.. ردده الآن لزيادة الرزق وتحقيق الأمنيات    «التأمين الصحي» توقع بروتوكول تعاون مع «إيفا فارما» لتعزيز التحول الرقمي في خدمات رعاية المرضى    ترامب يهاجم أول من نشر التقييم الاستخباراتي بشأن إيران.. ويطالب بطردها    النيابة العامة بالمنيا تقرر تشريح جثة مدير المخلفات الصلبة بالمحافظة    حرس الحدود يقيم معارض توعوية ضمن فعاليات اليوم العالمي لمكافحة المخدرات 2025 في مختلف مناطق المملكة    "الجبهة الوطنية" يعلن تشكيل أمانة العلاقات الحكومية برئاسة عبدالظاهر    الوادي الجديد تُطلق تطبيقًا رقميًا لتسهيل حصول المواطنين على الخدمات الحكومية    الحكومة عن قانون الإيجار القديم: الطرد ليس حتميا بعد انتهاء المدة الانتقالية    عمرو دياب يحتل "إكس" في نصف ساعة .. و"ابتدينا" كلمة السر    السعودية تستبدل كسوة الكعبة المشرفة مع حلول العام الهجري الجديد    عاجل.. عرض خليجي ل طاهر محمد طاهر بعد مونديال الأندية    أبو عبيدة: جنائز وجثث جنود الجيش الإسرائيلي ستصبح حدثًا دائمًا ما دام استمر العدوان ضد شعبنا    قائد الحرس الثوري الإيراني يحذر من "رد قوي" حال خرق الهدنة مع إسرائيل    تغيير الاستراتيجيات وتطوير الجيش المصرى    التشكيل الرسمي لمواجهة صن داونز وفلومينينسي في كأس العالم للأندية    مينا مسعود يخطف الأنظار ب "في عز الضهر".. والإيرادات تقترب من 3 ملايين في أسبوعه الأول    فوز رجال الطائرة الشاطئية على النيجر في بطولة أفريقيا    لجنة التعاقدات في غزل المحلة تواصل عملها لضم أفضل العناصر المرشحة من عبد العال    «التعليم العالي»: 21 طالبًا مصريًا في برنامج التدريب البحثي الصيفي بجامعة لويفيل الأمريكية    علاج 686 شخصًا مجانًا في قنا.. وحملة توعية لتحذير المواطنين من خطورة الإدمان    رئيس الوزراء: مصر نجحت في إنتاج وتصنيع أجهزة السونار محليًا لأول مرة    محافظ بورسعيد: هذه إنجازات الدولة المصرية على أرض المحافظة خلال عام    أيمن سليم: "عبلة كامل حالة استثنائية وهتفضل في القلب"    الصين: مستعدون للعمل مع "بريكس" لإحلال السلام في الشرق الأوسط ودعم الأمن الإقليمي    مصدر من اتحاد الكرة ل في الجول: إقامة كأس مصر خلال تحضيرات المنتخب لكأس الأمم    أجمل عبارات ورسائل التهاني بمناسبة رأس السنة الهجرية الجديدة 1447ه    بعد قليل.. الإفتاء تعلن موعد أول أيام العام الهجري 1447    محافظ الغربية يتابع سير العمل بمشروع الصرف الصحي في عزبة الناموس بسمنود    مصرع طفل غرقا في بحر يوسف ببني سويف    بيان عاجل بالنواب حول أزمة الرسوم القضائية    شرب الماء أثناء الأكل يزيد الوزن- هل هذا صحيح؟    الرقابة الإدارية تنفى صدور أى تكليفات لها بضبط عضو نيابة عامة أو ضباط    الحرية المصرى: 30 يونيو استردت هوية الدولة المصرية.. والاصطفاف الوطني "ضرورة"    زد يضع الرتوش النهائية على صفقة ضم خالد عبد الفتاح من الأهلي    موعد إجازة رأس السنة الهجرية 1447    قصور الثقافة تقدم "عرض حال" بالمهرجان الختامي لفرق الأقاليم المسرحية    من البحر إلى الموقد.. كيف تؤمن سفن التغويز احتياجات مصر من الغاز؟    محافظ الجيزة يتابع ميدانياً جهود إطفاء حريق بمخزن دهانات بمنطقة البراجيل بأوسيم    قرار جمهوري بتعيين سلافة جويلي مديرا للأكاديمية الوطنية للتدريب    خالد عبد الغفار يوجه بضرورة تطوير التقنيات الحديثة في مجال الصحة الرقمية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بلال فضل يكتب: روح الثورات
نشر في الدستور الأصلي يوم 26 - 09 - 2011

حتى الآن أطاحت الثورة بأشخاص كثيرين، لكنها للأسف لم تطح بكل طرق التفكير التى كانت قائمة فى ظل حكم أولئك الأشخاص، وأخطرها طريقة التفكير فى الرأى الآخر على أنه عدو لا بد من تشويهه وإسكات صاحبه. خذ عندك مثلا النغمة التى ترددت على ألسنة عدد من قادة المجلس العسكرى حول العملاء والخونة والممولين من الخارج، بدلا من أن يقوموا بمراجعة أنفسهم ونقد ذواتهم والاعتراف بأخطائهم. ومع الفارق الكبير انظر أيضا إلى بعض الثوريين الغاضبين وطريقة تعاملهم مع كل رأى مختلف يقول إن الانتخابات هى الطريقة المأمونة للخروج بالبلاد من المأزق الذى وقعت فيه بفضل عقم الإدارة العسكرية وتشتت القوى الثورية، إذا قلت ذلك فأنت على طول عميل وخائن ومتخاذل. فى الجانبين ستجد نفس طريقة التفكير المباركية التى تفترض أن كل رأى تكمن وراءه مصلحة رخيصة، وبدلا من أن تعمل على مناقشته فالأسهل أن تقوم بتشويه صاحبه والتفتيش فى نواياه.
لن ألقى دروسا فى احترام الرأى الآخر، فقد كنت كثيرا فى ما مضى أسخر من الرأى المخالف لى، صحيح أننى لم أكن أقع فى فخ التخوين، لكننى لن أعظ أحدا إلا عندما أكون أهلا لذلك، يعنى ممكن على الخميس الجاى بإذن الله، وحتى يحدث ذلك، لن أتورط لا سمح الله فى نصيحة المجلس العسكرى، فهو قانع بناصحيه الذين ورثهم عن نظام مبارك، وهنيئا له بهم، فقط سأتمنى على كل ثائر أو متعاطف مع الثورة ومؤمن بمطالبها أن يبحث عن كتاب شديد الأهمية اسمه «روح الثورات» كتبه عالم الاجتماع الفرنسى الشهير جوستاف لوبون بعد دراسة متعمقة للثورة الفرنسية وآثارها، وترجمه الأستاذ عادل زعيتر سنة 1924، وهو كتاب لا يستمد أهميته من آراء لوبون السياسية، فقد حرص الرجل على أن يورد كل الآراء المتعارضة فى الثورة الفرنسية، بين من يراها مؤامرة ومن يراها ضرورة شعبية، وبين من يراها أمرا رائعا يجعل الفرنسيين مدينين للثوار، ومن يراها سببا فى تخريب المجتمع، لأن كل ما حققته كان يمكن أن يحدث عبر تطورات إصلاحية، ليس هذا ما ستستفيده من الكتاب لأن الثورة الفرنسية أصبحت واقعا تجاوز كل المشككين فيه، وهو ما سيحدث بإذن الله مع الثورة المصرية التى إذا نجحت فى الانتقال إلى الحكم المدنى، لن تصبح هناك أدنى قيمة لسخافات المشكّكين فيها، ما سيهمك فى كتاب لوبون كلامه الرائع عن النفسية التى تسود الشعوب فى مرحلة الثورات، وكيف يكون لها دور خطير فى تحقيق أهداف الثورة أو ضياعها، ستعرف قيمة آراء لوبون إذا كنت قد قرأت له كتابين مهمين هما «سر تطور الأمم» و«روح الجماعات»، والاثنان ترجمهما المرحوم أحمد فتحى زغلول شقيق الزعيم سعد زغلول، وقد قامت الهيئة العامة لقصور الثقافة بإعادة طبعهما فى العام الماضى.
معركة الثورة المصرية الآن هى معركة ضد نفسية اليأس والإحباط التى لم يعد يقوم بنشرها فقط فلول النظام المباركى أو أفراد حزب الكنبة، بل أصبح يقود عملية نشرها بعض الثوار الذين يحلو لهم ترديد نغمة أن الثورة سُرقت وضاعت وراحت فى ستين داهية، وللأسف فإنهم يقومون بذلك منطلقين من روح ثورية صادقة، لكن من قال إن إخلاص الجندى كافٍ لجعله يكسب المعركة؟ مشكلة هؤلاء للأسف تكمن فى عدم وجود اتفاق ولو شبه ضمنى بين القوى التى شاركت فى الثورة على طريقة تحقيق أهداف الثورة، لا أعتقد أن هناك ثوريا محترما يمكن أن يوافق على حكم العسكر، الكل يتحدث عن ضرورة أن يحكم الشعب نفسه بنفسه، لكن المشكلة أننا مختلفون على طريقة تحقيق ذلك. طيب، طبقا لقراءة نسب المشاركة فى الفاعليات الثورية الأخيرة يتضح أن الغالبية العظمى مهتمة أكثر بالتركيز على الانتخابات كوسيلة مضمونة للخلاص من حكم العسكر وحكومة شرف الضعيفة، وكسبيل لتحقيق مطلب العدالة الاجتماعية الأكثر إلحاحا لدى ملايين المصريين من مطالب أخرى هى مهمة دون شك لكن الغالبية العظمى لم تقتنع بأهميتها بعد.
هل يمكن أن نصادر على أحد حقه فى التشكك فى حدوث انتخابات نزيهة يكفلها المجلس العسكرى؟ بالطبع لا، هل يمكن أن نمنعه من الشعور بالإحباط بعد ما رآه من سوء إدارة للفترة الانتقالية؟ لا عشنا ولا كنا، طيب ما الحل؟الحل ببساطة فى إرادة الشعب. يا سيدى إذا كنت تعتقد أن الثورة ستنجح إذا تم إعدام مبارك ورفاقه والإطاحة بالمجلس العسكرى دون انتخابات والتخلص من كل من كان له علاقة بالنظام السابق، فعليك أن تقنع الشارع بذلك لكى يلتف حولك وتستطيع تحقيق تلك الأهداف. طيب إذا كان الشارع الثورى الذى ملأ ميادين مصر وأسقط مبارك لم يقتنع بما تقوله، فما بالك بالشارع المتأرجح أو الصامت أو الخائف أو الرافض أو الطاهق من عيشة الذين خلفوه؟لماذا إذن لا تبحث عن وسيلة أخرى للوصول إلى هدفك؟ اسأل نفسك: هل كانت الثورة ستنجح فى إسقاط مبارك لو اقتصرت على الآلاف الذين خرجوا فى الخامس والعشرين من يناير، أم أن نجاحها اعتمد على توسيع نطاق الكتلة الحرجة التى جعلتها عصيّة على القمع؟ ستعود الملايين لتقف معك لو ثبت لهم أن هناك من سيضربهم على أقفيتهم ويلغى حقهم فى التصويت الانتخابى، سيكونون معك لو طلبت منهم أن يحموا لجان الانتخابات من العنف والتزوير، سيضحون بأرواحهم من أجل ذلك كما ضحوا بها يوم 28 يناير، سيكونون معك لو طلبت منهم أن يلتفوا حولك لكى ننتقل بمصر إلى حكم مدنى منتخب نحاسبه ونعاقبه ونسقطه إن أردنا، لكنهم -وهذا ما أظنه- لن يكونوا معك إذا لم ترفع مطالب يقتنعون بها، لن يكونوا معك إذا شعروا أنك عصبى ضيق الأفق تضيق بكل من يخالفك، وأخيرا سيقلقون منك كثيرا إذا شعروا أنك مخنوق من عيشتك وترغب فى الشهادة فقط دون أن تفكر فى النصر.
المشكلة أن هؤلاء الذين انتصرتَ كثائر بفضل تشجيعهم وتأييدهم أو حتى صمتهم وطناشهم وعدم نزولهم ليقفوا ضدك، يمكن أن يقفوا ضدك فعلا لا قدر الله إذا شعروا أنك تهدد أمانهم ورزق عيالهم، وساعتها ستكون سببا فى صنع طاغية جديد يحمله الملايين إلى العرش، تماما كما حدث عندما ضاق الناس ذرعا بطيش الثوار الفرنسيين الذين كان حظهم أفضل منك ووصلوا إلى الحكم ومع ذلك فقد تسببت الروح الثورية فى جعلهم يعبثون بالبلاد والعباد، وهذا ما يعرضه جوستاف لوبون بشكل رائع يستحق التأمل، على الأقل لأولئك الذين يرددون كثيرا أن مشكلة مصر تكمن فى أن الثوار لم يحكموا البلاد.
لكن المساحة انتهت اليوم، نلتقى غدا بإذن الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.