متحمسة جدا لصدور قانون زراعة الأعضاء، وأعتقد أنه سيحل كل مشاكل مرضي الكلي والكبد ثم القلب والرئتين. وكلما تعطل صدوره دورة بعد دورة أغضب وأشجب وأدين وأحسبن. موقعي في الحياة يجعلني أعيش في منطقة ما بين الأطباء والناس العاديين، فلا أنا أجهل منظومة المرض وأحوال المرضي وطرق العلاج مثل أغلب الناس، ولا أنا جزء من هذه المنظومة مثل الأطباء، الجهل راحة كما أن التعود أعمي، والعمي أيضا راحة. أنا أري لكن من الخارج. أري بوضوح لكن من بعيد. أسمع آهات المرضي وصراخ أهالي الموتي ولا أملك أي مساعدة، أنا حتي لا أعرف كيف تكون المساعدة! بهذه الأفكار المضطربة والنفس المتألمة اعتقدت أن قانون زراعة الأعضاء هو القشة التي نتعلق بها كغرقي. والقانون بالنسبة لي هو السماح بنقل الأعضاء من حديثي الوفاة أو الموتي إكلينيكيًا إلي المرضي الأحياء وهذا معمول به في العالم كله إلا قليلا، مما يعني أن الإنسان الذي تعرض لحادث أودي بحياته، سيمنح جسمه الحياة لستة مرضي، والرؤية لاثنين من فاقدي البصر. أرسلت لي الدكتورة نهاد الشيمي أربع ملاحظات حول القانون مماجعلني أنتبه إلي أن الأمر لن يكون بهذه البساطة.. وهل يوجد في حياتنا شيء بسيط ؟! تقول د. نهاد الشيمي، أستاذ التحاليل الطبية بقصر العيني، ورئيسة أقسام التحاليل سابقا: 1- موت جذع المخ والنقل من ميت إلي حي يحتاج إلي وقت حتي يقتنع الجميع بثقافة التبرع بعد الموت ويحتاج إلي ترتيبات وقوائم بالمتبرعين وقوائم بالمرضي وطائرات لنقل المريض إلي مكان المتبرع. 2- البند الذي يقول «إذا علم الطبيب بأن المتبرع أو ورثته قد تلقي أموالاً يحبس الطبيب ويدفع غرامة كبيرة»، يعني أن الطبيب سوف يكون معرضاً للابتزاز من المتبرع وورثته وهو ما سوف يؤدي إلي أن يتوقف جميع الأطباء الشرفاء عن العمل وسوف ينتشر السماسرة ودكاترة تحت السلم وسوف يرتفع السعر ويكون كالمخدرات. 3- هل يمكن أن نتوقع من المتبرع الذي لا يجد قوت يومه أن يتبرع بلا مقابل، ألا نري الفقر والبؤس والبطالة؟!، يجب أن نناقش هذا الأمر بوضوح ونعتبر التبرع نوعاً من التكافل الاجتماعي بين مصري مريض ومصري فقير. 4- لابد أن تتكفل الدولة بإيجاد مكافأة للمتبرع مثل شقة أو مقدم تاكسي أو أي مكافأة تشجعه علي العمل وتوفر له رزقاً شريفاً، ويتم ذلك عن طريق صندوق يتبرع فيه رجال الأعمال والقادرون من الأصحاء أو المرضي المقبلون علي عملية زرع دون وجود علاقة مباشرة بين المريض والمتبرع، وبذلك نقضي علي السمسرة ويكون التعامل في النور.