عودة الروح هو اسم إحدى الراويات العظيمة لأديبنا الكبير الراحل توفيق الحكيم التي كتبها في الاربعنيات من القرن الماضي وكانت ملهمة لزعماء ثورة يوليو للقيام بها وإعادة روح الوطن إلى جسده المنهك تحت الاحتلال والحكم الملكي الفاسد وعودة الروح هو نفس الشعور الذي شعرت به وشاركني فيه كل الأطباء بعد ثورة الخامس والعشرون من يناير التي أعادت الروح للوطن تجاه نقابتهم المهنية العتيدة فاستجمعوا قوتهم والتأمت الجمعية العمومية في عدة اجتماعات للمطالبة بحل مجلس النقابة الحالي وعمل انتخابات نقابية جديدة بعد أن تكلس المجلس على مقاعده لمدة تقرب من عشرين عاما ًبسبب منع الانتخابات من قبل النظام المخلوع والتضييق على النقابات المهنية عموماً حتى لا تكون صوتاً محترماً مسموعاً ضد ممارسات النظام العقيمة تجاه المهنيين وجميع فئات الشعب . وقد صدر قرار السيد وزير الصحة في شهر ابريل الماضي بتعديل مادتين من القانون 45 لسنة 1969 الخاص بنقابة الأطباء لفتح باب الترشيح لجميع المستويات النقابية في شهر يونيو على أن تجرى الانتخابات الجديدة في الرابع عشر من أكتوبر 2011 . تضم نقابة الأطباء فى عضويتها جميع الأطباء المصريين ويصل عدد الأطباء المقيدين بالجدول العام للنقابة (224) مائتان وأربعة وعشرون إلف طبيب بينهم حوالي عشرة ألاف متوفين وثلاثون ألف على المعاش وحوالي خمسون ألف يعملون بالخارج وهذا الرقم الأخير للأسف هو مجرد تكهنات ولا يوجد فى وثائق النقابة اى سجل للأطباء المصريين العاملين بالخارج مما يعنى أن من لهم حق التصويت فى انتخابات النقابة القادمة يتجاوز المائة وستون ألف طبيب بالإضافة للعاملين بالخارج الموجودين بالبلاد أثناء الانتخابات وقد نص قانون النقابة الحالي (45 لسنة 1969 )على أن تعقد الانتخابات فى مقار النقابة الفرعية فى يوم واحد وتكون الجمعية العمومية صحيحة بحضور (1000) طبيب ويمكن لعدد (150) مائة وخمسون طبيباً ان يدعو لعقد اجتماع جمعية عمومية غير عادية. وبالتالي أصبح هذا النص غير مناسب نظراً للزيادة الهائلة فى عدد الأطباء المقيدين بجدول النقابة منذ (سنة 1969 سنة صدور القانون ) وأصبح من الصعب عملياً إجراء الانتخابات فى مقر انتخابي واحد حيث انه لن يتمكن الأطباء من الإدلاء بأصواتهم فى هذه الانتخابات لأنه أذا تصورنا نقابة فرعية واحدة كبرى كالنقابة الفرعية للقاهرة التي تضم فى عضويتها حوالي ثلاثون ألف طبيباً يحق لهم التصويت فى مقر انتخابي واحد وأن كل عضو سيستهلك دقيقة واحدة سنحتاج إلى (30,000) دقيقة اى حوالي (1200) ساعة . وإذا تصورنا نقابة فرعية صغيرة نوعاً ما مثل نقابة أطباء بني سويف التي تضم حوالي (2000) ألفان طبيب فأننا سنحتاج إلى (2000 ) ألفان دقيقة اى ما يزيد على 80 ساعة للتصويت مع العلم أن الإدلاء بالصوت يستغرق فى متوسطة خمس دقائق لان الناخب سيختار نقيب عام وأعضاء مجلس النقابة العامة وسيختار نقيب لنقابته الفرعية وأعضاء مجلس النقابة الفرعية ( حوالي 15 + 9 ) من بين جميع المرشحين وربما أكثر في النقابات الفرعية الكبيرة وهكذا بعد أن فرح الأطباء بعودة الروح لنقابتهم يبدو أن هذه الطريقة فى التصويت ستأخذ روح الأطباء أنفسهم أو يمتنعون عن التصويت حفاظاً على أرواحهم . والحل عندي أن يجتمع المرشحين مع لجنة الإشراف على الانتخابات لوضع نظام جديد للانتخابات مما يسهل العملية الانتخابية ويساعد فى عودة الروح للنقابة بحيث يكون هناك صندوق انتخابي فى كل مستشفى يزيد عدد الأطباء فيه عن خمسمائة طبيب ويشرف علية لجنة من الأطباء أنفسهم وليس هناك ثمة شك في الزملاء الأطباء أنهم سيخرجون عملية انتخابية نظيفة بعيدة عن التزوير ويتيح للجميع الإدلاء بصوته حتى يشعر بالانتماء لنقابته ومن ثم مهنته التي يعتز ويفخر بها وان تجرى الانتخابات على أيام متعددة حتى لو كانت أيام العمل الرسمية . هناك اقتراح أخر أن تجرى انتخابات مجلس النقابة العامة فى يوم وتجرى انتخابات النقابة الفرعية في يوم انتخابي أخر مما يقلل الوقت المستهلك فى عملية التصويت لكل طبيب. أن التأكيد على حضور جميع الأطباء للتصويت فى الانتخابات والمشاركة في العمل النقابي لهو شئ لا مناص عنه حيث ان العمل من خلال النقابات التي هي إحدى مؤسسات المجتمع المدني يساعد على النمو الديمقراطي للبلد والتنمية المستدامة للمهنيين وجميع أفراد المجتمع الذين يؤثرون فيهم وبالتالي وجب علينا جميعاً أن تتضافر الجهود لتخرج الانتخابات بصورة جيدة ونظيفة يستطيع فيها كل طبيب الإدلاء بصوته بحرية لاختيار مجلس نقابة جديد يعيد إليها الروح المفقودة ويعمل على تحسين أحوال المرضى والأطباء وبالتالي الرعاية الصحية في مصر . وأصبح لزاماً علينا نحن الأطباء أن نفكر ألان في وضع قانون جديد للنقابة يتماشى مع التزايد الكبير في إعداد الأطباء وكذلك مع التقدم المذهل في الطب علمياً ومهنياً وليضمن حق النقابة والأطباء فى المشاركة الفعالة في تقديم الخدمة الصحية والارتفاع بمنظومة الرعاية الصحية للمصريين حيث أن نقابة الأطباء هى نقابة للمرضى بالأساس من خلال رعايتها للأطباء اجتماعياً ومهنياً ومراقبتهم لأداء واجبهم فى ظروف أمنة ومناسبة .