عندما يخرج رئيس الدولة، تخرج معه ثلث قوة القاهرة الكبري؛ لحراسته وحمايته من الشعب، ويتم إغلاق كل الشرفات التي تطل علي خط سير موكبه، وتوضع بها حراسات، وكذلك علي أسطح المنازل، وعلي الكباري وطول الطريق، علي الرغم من أنه يجلس داخل سيارة مصفحة، وخلفه تسير سيارة قوات خاصة، عالية الكفاءة والتسليح، تماماً كما لو أنه يسير في موكبه عبر بلد عدو!!.. أمن الرئيس، والأمن بشكل عام، يعتبر أن الشعب كله عدو للرئيس، أو أنه يقنعه بهذا، ويحاول حمايته علي نحو هستيري، يجعلك تعتقد أنه أكثر أهمية من الرئيس الأمريكي، الذي يسير في موكب أبسط من هذا بكثير جداً، وهو رئيس أقوي دولة في العالم..... والعجيب، بعد كل هذا، أنه عندما تأتي الانتخابات، يفوز الرئيس، علي الورق طبعاً، بنسبة كبيرة جداً، تفوق منافسيه مجتمعين، علي نحو يوحي بأنه معشوق الشعب رقم واحد، مما يجعلك تحار في الأمر بشدة، وتتساءل حتماً: أهو محبوب، إلي حد الفوز حقاً بهذه النسبة، أم هو مكروه، إلي حد تأمينه علي هذا النحو الهستيري؟!... أترك لكم إجابة هذا السؤال..... أما ما يحدث في الانتخابات، فهو أمر مضحك، علي الرغم من أنه معتاد، منذ حركة يوليو إياها، إذ إن رجال الشرطة، الذين يعتبرون الرئيس هو قائدهم الأعلي، المفترض فيهم الحيادية في الانتخابات، ولكنهم لا يكونون كذلك أبداً، إلا إذا اعتدي أنصار الحزب الوطني علي الآخرين، أما لو حدث العكس، فهم رجال الحكومة والرئيس، وستسمع من مئات المواطنين، الذين حاولوا تأدية دورهم في الانتخاب، أن رجال الشرطة اعترضوا طريقهم، وطلبوا منهم في غلظة وخشونة العودة إلي منازلهم، ما لم يكن أحدهم من حاملي البطاقة الزرقاء، التي تسير إلي أنه عضو في الحزب الوطني زيادة عن اللزوم، والذي صار حزب رجال الأعمال فقط وأباطرة المال، ولم يعد يبالي بالشعب الحقيقي، إلا من الناحية الإعلانية فقط، وهكذا، وكمرحلة أولي، يتدخل الأمن، علي أسلوب المافيا، لمنع حصول أي منافس للرئيس علي أصوات كافية.... ولكن ماذا لو حصل عليها، علي الرغم من كل هذا؟!... للجواب عمود آخر..