«زي النهارده» في ‌‌23‌‌ يوليو ‌‌1952‌‌.. قيام ثورة ‌‌23‌‌ يوليو ‌‌1952    كليات تبدأ من 68%.. مؤشرات تنسيق الثانوية العامة أدبي بالمرحلة الأولى    سعر اليورو اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025 مقابل الجنيه.. بكام في الأهلي ومصر؟ (آخر تحديث)    أسعار سيارات Genesis في السوق المصري    قصف موقع قيادة للاحتلال وتدمير ناقلة جند إسرائيلية ب قذيفة «الياسين 105»    منها جون إدوارد، 3 أسباب لفشل صفقة انتقال تيدي أوكو إلى الزمالك    عودة القائد.. حارس الصفاقسي يرحب ب معلول (صورة)    الصفقات الجديدة والراحلين يشعلون غضب يانيك فيريرا في الزمالك.. تقرير يكشف    مقتل 4 أشخاص في مشاجرة بالأسلحة النارية بين عائلتين أولاد عمومة بقنا    رابط نتيجة الثانوية الأزهرية 2025 عبر بوابة الأزهر الشريف فور اعتمادها رسميًا    تظلمات نتيجة الثانوية العامة 2025 «الخطوات والرسوم والمواعيد الرسمية»    حمزة نمرة يطرح اليوم الدفعة الأولى من ألبومه "قرار شخصي"    نقابة الموسيقيين اللبنانية عن تقبيل راغب علامة في حفل العلمين: تعبير عن محبة واحترام    طريقة عمل الحواوشي بالعيش، أحلى وأوفر من الجاهز    ترامب يتهم باراك أوباما بالخيانة بشأن تدخل روسيا في انتخابات 2016    إحالة وزيرة فرنسية وكارلوس غصن إلى المحاكمة.. ما السبب؟    التعليم العالي: 1.1 مليون متقدم للتنسيق وفرص طلاب الثانوية الحديثة أعلى في الهندسة والحاسبات    سعر الذهب في مصر اليوم الأربعاء 23-7-2025 مع بداية التعاملات    المتحدثة باسم البيت الأبيض تنصح عائلة جو بايدن بالصمت    بانوراما أيامنا الحلوة تجسّد مشاعر الحنين إلى الماضي على المسرح المكشوف بالأوبرا    لنقلهم إلى درعا.. دفعة جديدة من الحافلات تصل السويداء لإخراج المحتجزين    فيروس شيكونجونيا.. ما هو وباء البعوض الذي حذرت منه منظمة الصحة العالمية ويهدد 5 مليارات شخص؟    إعلام فلسطيني: الاحتلال يشن غارات على دير البلح وخان يونس    "مستقبل وطن" يحشد جماهير مطاي في مؤتمر لدعم مرشحيه بانتخابات الشيوخ 2025    رئيس اتحاد الخماسي يُكرم طالب بني سويف الأول على الجمهورية ب100 ألف جنيه    لمدة 7 ساعات.. قطع التيار الكهربائي عن 12 منطقة في البحيرة    جامعة الإسكندرية تستقبل وفد المركز الإعلامي الأوزبكستاني    رئيس "بنك الطعام": نقدم نموذج شمولي فريد بالتعاون مع 5 آلاف جمعية    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025    كتائب القسام: قصفنا موقع قيادة وناقلة جند إسرائيلية بالقذائف والصواريخ    عبد المنعم سعيد: الاستقرار في مصر والسعودية نتاج قرار وطني ينبذ التفرقة الطائفية    الأولى على الثانوية العامة شعبة أدبي ل«المصري اليوم»: «بكيت فرحًا وسألتحق بالألسن»    عبدالمنعم سعيد: المنطقة كانت تتجه نحو السلام قبل 7 أكتوبر    سعر الزيت والسكر والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025    بعد ظهور نتيجة الثانوية العامة 2025 .. نصائح لاختيار الجامعة والكلية المناسبة لك    شخص مقرب منك يؤذي نفسه.. برج الجدي اليوم 23 يوليو    محمد التاجي: جدي «عبدالوارث عسر» لم يشجعني على التمثيل    محمد التاجي: فهمي الخولي اكتشف موهبتي.. ومسرح الطليعة كان بوابتي للاحتراف    الرابعة على الثانوية: تنظيم الوقت سر النجاح.. وحلمي أكون طبيبة    فرصة لإدراك تأثير جروح الماضي.. حظ برج القوس اليوم 23 يوليو    تعليم البحيرة تهنئ الطالبة نوران نبيل لحصولها على المركز السادس فى الثانوية العامة    «الأهلي بياخد الدوري كل أثنين وخميس».. نجم الزمالك السابق يتغنى ب مجلس الخطيب    منها السبانخ والكرنب.. أهم الأطعمة المفيدة لصحة القلب    «الإندومي» والمشروبات الغازية.. أطعمة تسبب التوتر والقلق (ابتعد عنها)    بدون أدوية.. 6 طرق طبيعية لتخفيف ألم الدورة الشهرية    دروجبا: محمد شريف هداف مميز.. والأهلي لا يتوقف على أحد    وساطات بتركيا تسعى لإطلاق سراحه .. إعلام "المتحدة" يُشيع تسليم محمد عبدالحفيظ    موندو ديبورتيفو: الخطيب بحث إمكانية مواجهة برشلونة بافتتاح استاد الأهلي خلال زيارة لابورتا    "التعليم": إعلان تنسيق المرحلة الأولى خلال 4 أيام من ظهور نتيجة الثانوية العامة    درس حصوله على الجنسية المصرية.. شوبير يكشف مفاجأة بشأن وسام أبو علي    محافظ الشرقية يهنئ ياسمين حسام لتفوقها: نموذج مشرف لأبناء المحافظة    من 4% إلى 70%.. الطالبة ميار حماده تحقق قفزة دراسية لافتة في قنا    إلى الحبيب الغالي.. رسالة من ممدوح عباس إلى حسن شحاتة    ما حكم الاعتداء على المال العام؟.. أمين الفتوى يجيب    ما هي كفارة اليمين؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يجوز الوضوء مع ارتداء الخواتم؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    أدعية لطلاب الثانوية العامة قبل النتيجة من الشيخ أحمد خليل    حملة دعم حفظة القرآن الكريم.. بيت الزكاة والصدقات يصل المنوفية لدعم 5400 طفل من حفظة كتاب الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المواد الحافظة
نشر في الدستور الأصلي يوم 24 - 01 - 2010

لو أن مصر علبة سردين لفسدت منذ زمن ولكانت الآن قابعة في قاع صفيحة الزبالة ينهش فيها جيش من قطط التتار، فالعلبة عرضة منذ فترة طويلة لكل ما قد يغير لونها وطعمها ورائحتها ويقضي علي صلاحيتها وعمرها الافتراضي (الفساد والرشوة والمحسوبية والجهل والفتنة الطائفية والتعصب الأعمي والأمراض النفسية، الزحام والتلوث والضوضاء والسلبية وانعدام الضمير، القهر والتسلط وسوء استخدام السلطة، الروتين والفن الهابط والصحف الصفراء وأحوال التعليم والنقل والصحة والزراعة الرديئة، تشريد العمال وديون الفلاحين واعتزال جامعي القمامة، أحزان من سقط أبناؤهم ضحايا الإهمال والشعور بأنك في بلد لا تستطيع أن تحصل فيه علي حقك ،لعنة الموظفين المتكاسلين وأمناء الشرطة المتسلطين وغياب ضمير المعلمين وسذاجة المذيعات والمذيعين ورؤساء التحرير المكشوفين والوزراء الذين يسبون الدين).
سُتجن مثلي عندما تكتشف أن علبة السردين مازالت شهية وأن المتن نفسه متماسك بدرجة كبيرة ويحتاج منك فقط لبعض الخلخلة أو الرج الشديد لتكتشف أنها مازالت سليمة، كل ما في الأمر أن العلبة الصفيح قد صدأت وأصبحنا في حاجة إلي علبة جديدة.
لابد أن السر كله في المواد الحافظة التي حافظت بالفعل علي خامتنا الأصلية وحمتها من الفساد التام، المواد التي حمت تركيبتنا المصرية من أن تتلوث أو تتغير، وحمت هويتنا من الانسحاق تحت كل ما سبق ذكره.
قائمة المواد الحافظة تضم أسماء كثيرة، في مقدمتها وبنسبة كبيرة الأمهات المصريات اللواتي يزرعن في وعي الأجيال المتتالية أصولنا، أم تسلم ابنتها هذه التركيبة كسر قومي فتكبر الابنة وتصبح أماً فتنقل السر لابنتها وهكذا، الأم المصرية تحافظ علي هويتنا دون أن تدري، فهي أول معلم لتقاليدنا التي نحيا بها من صح وخطأ وعيب ويصح ومايصحش وحلال وحرام والأمانة واحترام الكبار ومراعاة حقوق الجيرة والدفاع عن الحق وخفة الدم واللماضة والطيبة وحسن الضيافة مهما كانت الإمكانات، هي أجندة الاستعداد للأعياد والمواسم، بدونها لاختفت منذ زمن صواني الكحك وأكلة الحبايب في شم النسيم والقمح باللبن في عاشورا وزيارة الأموات في أول أيام العيد وطبخة القلقاس في عيد الغطاس وأسود الحداد وحنة العروس والزغرودة (أدان الفرح) أهم اختراع مصري، الأم التي علمتنا العامية المصرية، فهي التي كانت مهمتها لفترة طويلة (قول ورايا)، هي التي ربطت بيننا وبين المسلسلات، وهي التي حفظنا منها كل أغاني التراث في كل المناسبات، وهي التي عرفتنا طريق الأمثال الشعبية فباتت أحد ملامحنا الرئيسية.
الأم المصرية بما زرعته وتزرعه فينا تعتبر سيدة المواد الحافظة لهويتنا، وهي التي تذكرنا بما زرعته فينا مَنْ نحن بالضبط.
هناك مواد حافظة أخري كثيرة ما إن نراها أو نحتك بها حتي تتألق وتشتد بداخلنا إضاءة لمبة «أنا مصري» فيطغي نورها علي أي إضاءات أخري مشتتة، آل البيت الذين يرقدون بيننا ونحبهم ونحتفي بهم كأنهم أهلنا مابين مقام السيدة نفيسة الذي نغطيه بالتُل وطرحة بيضاء كأنها عروس، وجدران مقام سيدنا الحسين التي نلتحف الهواء وننام إلي جوارها طلباً للأمان، وشباك السيدة زينب الذي نرسل لها من خلاله القبلات والسلام.. إنهم أهلنا الذين نرجع لهم محبة واحتراما وتقديرا لوصية جدهم عليه الصلاة والسلام بالاستقرار في مصر، لا تنتهي الفتاوي ويظهر كل يوم شيخ جديد ومفتٍ جديد لكن يظل الواحد منا مستأنساً بدعوة مجذوب لا يعرفه عند واحد من هذه المقامات أكثر من أي شيخ علي الساحة.
أضف إلي تلك المواد الحافظة أصوات المقرئين المصريين (رفعت وعبد الباسط ومصطفي إسماعيل والحصري والنقشبندي مؤذناً ومقدماً للتواشيح)، إنها البصمة المصرية التي علمت الوطن العربي كله كيف تجعلنا كلمات الله ننتشي ونطمئن ونخاف ونفرح وتنهمر دموعنا قبل أن تتحول قراءة القرآن إلي مناحة، يكفيك أن تستمع إلي واحد من الأسماء السابقة فتطفح مصريتك علي جلدك ومشاعرك، وهل يستقيم رمضان بدون أذان الشيخ رفعت؟
أضف للمواد الحافظة التي تجدد شعورنا بمصريتنا.. مطبخنا الذي يقاوم آلاف المطاعم الإيطالية والأمريكية والصينية التي تسيطر علي شوارعنا، تلك المطاعم العالمية التي تسقط بالضربة القاضية إذا ما دخلت أمام شخص مصري أصيل جائع في منافسة مع ناصر البرنس أو بحة بتاع الناصرية أو الرفاعي الكبابجي أو محروس بائع العدس. أضف إلي المواد الحافظة أفلامنا القديمة والأصوات المميزة لمصريتنا بداية من أم كلثوم مروراً بأحمد عدوية وشكوكو وإسماعيل يس نهاية بصوت مصطفي محمود والشعراوي ومحمود سلطان وكابتن لطيف. أضف إلي المواد الحافظة صورتك بملابس التجنيد. أضف إلي المواد الحافظة النكت التي نحفظها جميعا منذ الطفولة ودأبنا في البحث عن نكات جديدة. أضف إلي المواد الحافظة تجمعات الزي الموحد في صلاة العيد وماتشات المنتخب وعزاء السيدات. أضف إلي المواد الحافظة أن تدخل مصادفة إلي قهوة في وسط المدينة فتجد صاحبها قد علق في الخلفية صورة كبيرة لجمال عبد الناصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.