محافظ أسيوط يتفقد السوق الحضري الجديد تمهيدًا لافتتاحه خلال أيام    سعر الجنيه الاسترليني اليوم 13/6/2025 خلال عطلة البنوك الأسبوعية    أسعار السمك اليوم الجمعة 13-6-2025 في الدقهلية    لرفع إنتاجية الذهب الأبيض.. ندوة إرشادية موسعة لمزارعي القطن ببني سويف    ميناء دمياط يستقبل 5 أوناش رصيف عملاقة من أوناش «STS»    الجامعة العربية تدين الاعتداءات الإسرائيلية على إيران وتدعو لوقف التصعيد    لينجليت: أتلتيكو مدريد يخوض كأس العالم للأندية بهدف التتويج باللقب    كوكا: ميسي يكلم الكرة.. ولا أحب اللعب في هذا المركز    بقيادة مرموش وهالاند.. بعثة مانشستر سيتي تصل أمريكا استعدادا لكأس العالم للأندية    سيولة مرورية بشوارع وميادين القاهرة الكبرى    لا تعديل على منهج الأحياء.. التعليم ترد على شائعة الإلغاء    قبل ترويجها للسوق السوداء.. ضبط 4 طن من الدقيق الأبيض والبلدي    خط إنتاج تفحم بالكامل.. حريق هائل بمصنع مكرونة في أوسيم    رسالة سلام من الباليه الوطني الروسي للعالم بالأوبرا    بشخصية مثيرة للجدل.. سلوى محمد علي تشعل الأجواء في "فات الميعاد"| خاص    بمشاركة 326 فنانًا| انطلاق فعاليات الدورة 45 للمعرض العام.. الأحد    "المستشفيات التعليمية": تقديم 2 مليون خدمة علاجية في الوحدات التابعة خلال 5 أشهر    منها غلق الملاحة فى الخليج.. تايمز: 5 سيناريوهات محتملة لرد إيران على إسرائيل    مستعدون لأي تضحية.. بيان من الاتحاد الإيراني لكرة القدم بشأن هجوم إسرائيل    ارتفاع أسعار الحديد وانخفاض الأسمنت اليوم بالأسواق (موقع رسمي)    توجيهات جديدة من «أوقاف الفيوم» للأئمة: تعزيز الدور التوعوي ومشاركة فعالة في مشروع صكوك الإطعام    «الأرصاد» تعلن حالة الطقس غدًا السبت 14 يونيو| إنفوجراف    مصرع شخص بطلق ناري أثناء جلوسه على أحد المقاهي بالقليوبية    رئيس بعثة الحج ل"اليوم السابع": تفويج الحجاج بسلاسة ومتابعة دقيقة    بعد استهداف إيران.. رئيس الأركان الإسرائيلي: «كل من يحاول تحدينا سيدفع ثمنا باهظا»    المقاولون العرب يهنئ سيراميكا كليوباترا بلقب كأس عاصمة مصر    بعد الاتفاق مع ليفركوزن.. موعد إعلان ليفربول صفقة فلوريان فيرتز    ب"فستان أحمر جريء"..ياسمين عبدالعزيز ترقص بحفل زفاف منة عدلي القيعي (صور)    لأول مرة في تاريخ «ترايبيكا».. فيلم مصري يحصد 3 جوائز    إخلاء سبيل والد عريس الشرقية المصاب بمتلازمة داون ووالد عروسه    «الأَوْطَانُ لَيْسَتْ حَفْنَةً مِنْ تُرَابٍ» موضوع خطبة الجمعة اليوم    من صمت الصخور إلى دموع الزوار.. جبل أحد يحكي قصة الإسلام الأولى    ريال مدريد يقرر التضحية بنجمين بارزين قبل انطلاق الموسم الجديد    رئيس الوزراء: نتابع الموقف أولا بأول وتنسيق بين البنك المركزي والمالية لزيادة مخزون السلع    أحمد هاني: سيراميكا خاض كأس عاصمة مصر بشخصية البطل    وزارة الطيران: المجال الجوي المصرى آمن ويعمل بشكل طبيعي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 13-6-2025 في محافظة قنا    في ختام رحلة الوفاء.. أسر الشهداء يغادرون المدينة المنورة بقلوب ممتنة    مجلس النواب يناقش الموازنة العامة للدولة (2025/ 2026) الأسبوع المقبل    بعد مقتله.. من هو الجنرال غلام علي رشيد نائب رئيس الأركان الإيراني؟    أسعار الفراخ اليوم الجمعة 13-6-2025 بعد الانخفاض الجديد.. وبورصة الدواجن الرئيسية اليوم    جعفر: الفوز بكأس مصر كان مهم قبل بداية الموسم المقبل    «سهل أعمل لقطات والناس تحبني».. رد ناري من محمد هاني على منتقديه    الاستماع لشكاوى المواطنين بقرى بئر العبد بشأن انتظام وصول المياه    "مستقبل وطن المنيا" ينفذ معسكرا للخدمة العامة والتشجير بمطاي    عملية شعب كالأسد.. الجيش الإسرائيلي ينفذ هجوما استباقيا لضرب المشروع النووي الإيراني    نتيناهو: نحن في لحظة حاسمة في تاريخ إسرائيل وبدأنا عملية «شعب كالأسد» لإحباط المشروع النووي الإيراني    نتنياهو بعد ضربات إسرائيلية على إيران: لن نسمح بإبادة نووية جديدة.. ترجمنا أقوالنا إلى أفعال    الداخلية تكشف تفاصيل فيديو التحرش بالأطفال في بورسعيد    وكيل وزارة الصحة بالشرقية يؤكد على دور الإعلام الحيوي في دعم المنظومة الصحية    الأرجنتين تحقق في 38 حالة وفاة مرتبطة بالعلاج بمادة الفنتانيل الملوثة    100% ل 3 طلاب.. إعلان أوائل الابتدائية الأزهرية بأسيوط    دينا عبد الكريم تلتقي بالسفير حبشي استعدادًا لجولة كبرى لبناء قواعد للجبهة الوطنية من المصريين بالخارج    3 أيام متتالية.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والبنوك والمدارس (تفاصيل)    تعرف على برامج الدراسة بجامعة السويس الأهلية    تدريب على الإنعاش القلبي الرئوي الأساسي (BLS) وفقًا لمعايير جمعية القلب الأمريكية AHA    موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2025.. عطلة رسمية للقطاعين العام والخاص    تعامل بحذر وحكمة فهناك حدود جديدة.. حظ برج الدلو اليوم 13 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبير عبد الوهاب تكتب: مش باقي مني..
نشر في الدستور الأصلي يوم 16 - 10 - 2010

ما أقساها تلك اللحظة التي وقفنا فيها سويا ننظر من "بلكونة" المبنى القديم نودّع كل اللحظات الجميلة التي مر عليها خمس سنوات تركت بداخل كل واحد فينا علامات محفورة يصعب تجاوزها بسهولة..
هنا كنا نجلس داخل الغرفة التي يحمل بابها لافتة "قسم الفن" والتي تقع في وشك وانت داخل الشقة اللي على ايدك الشمال في مقر جريدة "الدستور".
وهنا كنا بنتجمع كلنا حول التكييف الصغير "قوة ربع حصان" الذي حاولنا معه مرار وتكرارا علشان يشتغل ومشتغلش لحد النهاردة.. وهنا كانت دعاء سلطان تجلس على مكتبها وهي تصرح متسائلة :"مين اللي قعد على مكتبي قبل ما أنا أجي ووقّع عليه أكل؟" فينظر لها محمد حسين وهو فاتح "بقه" من الدهشة دون ان يخبرها بان هو اللي كان قاعد على مكتبها، وينتهي الحوار بينهما يوميا دون ان تحصل دعاء سلطان على اجابة لسؤالها التاريخي.
اما هنا في منتصف الترابيزة بالظبط فكان يجلس رامي المتولي ليمارس هوايته المفضلة في خدمة كل الموجودين تكنولوجيا.. اسلام الويندوز بتاعه ضرب.. نجد رامي اول من يعرض عليه المساعدة لاعادة "تسطيب" نسخة ويندوز جديدة لجهازه، حميدة تشكو من ان الكي بورد بايظ.. نجد رامي وقد اصلحه لها في خمس دقائق.. دعاء بتدور على فلاشة في اقل من ثلاث ثواني يكون رامي اتصرف في فلاشة.. ياما انقذنا من كوارث تكنولوجية محققة.
بينما تجلس حميدة أبو هميلة في الركن البعيد الهاديء امام شاشة الكمبيوتر الكبير لتمارس عملها في هدوء غريب لا يتناسب مع جو الدوشة الذي كان يسيطر على الغرفة في ظل خناقات محمد حسين ورضوى اليومية والحوارات الجانبية، وفي الخلفية يعلو صوت أحمد سعد وهو يغني "مش باقي مني.." وهي الاغنية التي صنعت منها دعاء نشيد وطني للقسم من كتر ماكانت بتشغلها، في وسط كل هذه الأصوات المتداخلة كانت حميدة تعمل في هدوء عجيب سريعا ما ينتهي بصوتها وهي تصرخ :"بس بقى يا جماعة مش عارفة اشتغل"، وهو الانفعال الذي يزداد مع اقتراب ساعة الصفر بسؤال دعاء سلطان الشهير :"أخبار الشغل ايه.. عندنا ايه النهاردة؟" وهو السؤال الذي تزداد حدته يوم الجمعة –يوم تقفيل الاسبوعي- لكن سريعا ما تنتهي حالة التوتر بايميل من ايهاب التركي يحتوي على "كبشة" مواضيع اسبوعي تنقذ الموقف سريعا وتجعلنا نلتقط أنفسانا بعد ان ظلت محبوسة لفترة طويلة.
احمد خير الدين.. كنا دايما بنعرف قيمته بعد أن تنهار قوى حميدة فتحمل شنطتها وجري على بيتها، وقتها كانت تبدأ مهمة احمد خير القومية في "دسكة" ما تبقى من شغل الصفحة، لكن تبقى اللحظة الأهم والأكثر تأثيرا فينا جميعا هي تلك التي يدخل فيها "خير" من باب الاوضة وفي يده لفائف "المشبّك" اللي جابها معاه من دمياط بتوقيع العظيم "فشور".
رضوى الشاذلي لا اتذكر أنني شاهدتها يوما وقد توقفت عن الضحك، حتى وهي بتشتغل كانت بتضحك.. صحيح كانت بتجنننا وماكناش بنعرف نشتغل منها، لكن بمجرد أن تبدأ فقرتها اليومية مع محمد حسين -واللي كانت دايما بتنتهي بنكد- كان كل واحد فينا لازم يسيب اللي في ايده ويتابع الفقرة باهتمام لأنها قد تكون اللحظات الوحيدة التي هنضحك فيها من قلبنا طوال يوم طويل مشحون بضغوط العمل. وبينما كان محمد طارق يتابع الفقرة بابتسامته المميزة، كان اسلام مكي يرفض أن يجلس معنا في مقاعد المتفرجين فقد كان حريصا على المشاركة في الفقرة اليومية بين حسين ورضوى بأي حاجة انشالله لو بتصوير الفقرة بكاميرا موبايله.
أما محمد عبد الكريم فكان يتابع كل هذه المغامرات عن بعد في صمت تام يخرج عنه صارخا "بسسسسسسسسسسسسسس" ثم يفاجئنا بعدها بايفيه عبقري ينهي به القعدة كلها في ثانية واحدة بحالة ضحك جماعي كنا ننتظرها منذ اللحظة الأولى لدخوله من باب الغرفة.. بعدها نلتقط انفاسنا في استراحة قصيرة نتابع خلالها احدث مستجدات باربي قسم الفن "سوزان وليد" التي لم تتخلى يوما عن اللون البمبي في اختياراتها للاشياء، لنفيق بعدها على اتصال من محمود لطفي يذكرنا فيه بأن خبره العاجل الذي أرسله من تلتربع ساعة لسة منزلش على الموقع.. ليخيم الصمت على المشهد للحظات مع صوت رضوى وهي بترد على جرس التليفون قائلة: "الو.. ايوة موجودة يا استاذ ابراهيم.. ثم تبعد السماعة عن أذنها قليلا وتلتفت لدعاء قائلة :"يا دعاء كلمي استاذ ابراهيم عيسى". كل هذه الصور مرت أمام أعيننا في لحظات خاطفة ونحن ننظر من بلكونة القسم على شارع أحمد نسيم قبل أن نغادر المبنى بدقائق، في نفس الوقت الذي كان العمّال يقومون فيه باخلاء المكان..
ها هم يحملون المكتب الذي كان يجلس عليه محمد حسين والذي شهد الشرارة الأولى لمغامراته مع رضوى واسلام، وهاهو عامل آخر يحمل جهاز الكمبيوتر الذي كانت حميدة تجلس امامه بالساعات يوميا لدرجة اننا كنا بنقول لها :"وشك هيبقى شبه المربع يا حميدة"، وها هي مجموعة أخرى من العمال تحمل الترابيزة التي شهدت "لمتنا" تحت التكييف البايظ يوميا حتى نفقد فيه الأمل فنقرر نفتح الشباك، وهاهو مكتب دعاء سلطان يغادر الغرفة ويحمل معه سر محمد حسين الذي أخفاه عنها طوال هذه السنوات، وهاهو معرض الصور الذي قام اسلام بتجميعه من المجلات وبوسترات الألبومات ولصقه على جدران الحائط بايده صورة صورة، هاهي الصور ملقاة "بلا رحمة" على أرضية الغرفة التى تحولت لأربع حيطان وسقف بعد أن خلت من كل شخوصها، ومحتوياتها، ولم يبق فيها منّا سوى صوت أحمد سعد وهو يتردد في المكان: "مش باقي مني غير شهقة في نفس مقطوع.. وأنا صوتي مش مسموع.. يا حلمنا الموجوع.. من المرور ممنوع".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.