مجلس عمداء جامعة كفر الشيخ يبحث استعدادات العام الراسي الجديد 2025/2026    بعد قليل.. الوطنية للانتخابات تعلن النتيجة النهائية للجولة الأولى من انتخابات مجلس الشيوخ    متجاوزة 212 مليار دولار.. 13% زيادة في الإيرادات العالمية للألعاب الالكترونية حتي 2026    هشام طلعت مصطفى يتصدر قائمة «فوربس» ب 4 جوائز للأكثر تأثيرًا في الشرق الأوسط    وزارة الصحة في غزة: 227 شهيدًا جراء المجاعة وسوء التغذية بينهم 103 أطفال    متحدث باسم الخارجية الصينية: الصين تدعم كل جهود تسوية الأزمة الأوكرانية    ريال مدريد يرفض إقامة مباراة فياريال ضد برشلونة في أمريكا    ديمبلي: التتويج بدوري أبطال أوروبا كان أمرًا جنونيًا    إيفرتون يضم جاك جريليش رسميا    محدود ولا إصابات.. تفاصيل حريق مسرح الفنان محمد صبحي بأكتوبر    محافظ الدقهلية يشارك في فعاليات مؤتمر "صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي"    محافظ الجيزة ينعي وفاة الدكتور علي المصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية السابق    ما نتائج تمديد ترامب الهدنة التجارية مع الصين لمدة 90 يوما أخرى؟    الأمم المتحدة تدعو إسرائيل للسماح بدخول الصحفيين الدوليين لغزة دون عوائق    رئيس جامعة أسيوط يستقبل محافظ الإقليم لتهنئته باستمرار توليه مهام منصبه    إقبال كبير على تذاكر مباراة ريال مدريد أمام تيرول    الحسيني وهدان يتوج بذهبية الكونغ فو في دورة الألعاب العالمية    وسام أبو علي يستعد للسفر إلى أمريكا خلال أيام.. والأهلي يترقب تحويل الدُفعة الأولى    منسقة الأمم المتحدة: إطلاق الاستراتيجية الوطنية للشباب يعكس اهتمام مصر بالرياضة كقوة ثقافية ومحرك للتنمية    ضبط سائق لحيازته 53 ألف لتر سولار بدون مستندات تمهيدًا لبيعها بالسوق السوداء في الأقصر    وزير التعليم العالي يفتتح المجمع الطبي لمؤسسة "تعليم" بمحافظة بني سويف    غدا.. المسرح يحتفي بعيد وفاء النيل في مكتبة القاهرة الكبرى والهناجر    جنات تتحدث عن تصدرها التريند ب "ألوم على مين"    رامي صبري وروبي يجتمعان في حفل واحد بالساحل الشمالي (تفاصيل)    ما الحكمة من ابتلاء الله لعباده؟.. داعية إسلامي يُجيب    الشيخ رمضان عبدالمعز: قبل أن تطلب من الله افعل مثلما فعل إبراهيم عليه السلام    محافظ البحر الأحمر يبحث شكاوى المواطنين بالتأمين الصحي في الغردقة ويوجه بسرعة حلها    وكيل صحة الإسماعيلية تُفاجئ وحدة أبو صوير البلد لمتابعة إنتظام سير العمل وتحيل المقصرين للتحقيق    طريقة عمل البصارة على أصولها بخطوات سهلة وأرخص غداء    كريستيانو رونالدو يطلب الزواج من جورجينا رسميًا    «الإعلام والتحليل الرياضي من التفاعل الجماهيري إلى صناعة التأثير».. ورشة عمل بماسبيرو    «طبيعي يزعل ولكن».. شوبير يعلق على أنباء مفاوضات بيراميدز مع الشناوي    «مصيلحي» و«المصيلحي».. قصة وزيرين جمعهما الاسم والمنصب وعام الموت    غدًا.. قطع المياه عن مدينة أشمون في المنوفية 8 ساعات    حجز نظر استئناف المتهم بقتل مالك قهوة أسوان على حكم إعدامه للقرار    وزيرة التخطيط تشارك في إطلاق الاستراتيجية الوطنية للشباب والرياضة 2025-2030    خصم يصل ل25% على إصدارات دار الكتب بمعرض رأس البر للكتاب    الطقس غدا.. موجة شديدة الحرارة وأمطار تصل لحد السيول والعظمى 41 درجة    وكيل وزارة الصحة بالدقهلية يحيل المدير الإداري لمستشفى الجلدية والجذام للتحقيق    كامل الوزير: عمل على مدار الساعة لتحقيق مستوى نظافة متميز بالقطارات والمحطات    الدقهلية تبدأ مهرجان جمصة الصيفي الأول 2025 للترويج للسياحة وجذب الاستثمار    الجمعة.. فرقة واما تحيي حفلا غنائيا في رأس الحكمة بالساحل الشمالي    الجمعة.. قصور الثقافة تقيم فعاليات متنوعة للأطفال بنادي الري احتفالا بوفاء النيل    محافظ الجيزة يترأس اجتماع اللجنة التيسيرية لمشروع تطوير منطقة الكيت كات    مصرع طفل غرقا في ترعة باروط ببني سويف    الداخلية تضبط تيك توكر يرسم على أجساد السيدات بصورة خادشة للحياء    12 أغسطس 2025.. أسعار الأسماك في سوق العبور للجملة اليوم    وزير الصحة يبحث مع المرشحة لمنصب سفيرة مصر لدى السويد ولاتفيا التعاون الصحى    حزب الوعي: زيارة الرئيس الأوغندي لمصر يعكس الإرادة السياسية لقيادتي البلدين    رسميًا.. باريس سان جيرمان يتعاقد مع مدافع بورنموث    وزير الصحة يبحث مع مدير الأكاديمية الوطنية للتدريب تعزيز البرامج التدريبية    هل يجب قضاء الصلوات الفائتة خلال الحيض؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    النزول بسن القبول بمرحلة رياض الأطفال في كفر الشيخ    "زاد العزة" تواصل إدخال المساعدات المصرية إلى القطاع رغم العراقيل    أمين الفتوى: "المعاشرة بالمعروف" قيمة إسلامية جامعة تشمل كل العلاقات الإنسانية    تنطلق الخميس.. مواعيد مباريات الجولة الثانية من بطولة الدوري المصري    العظمي 38.. طقس شديد الحرارة ورطوبة مرتفعة في شمال سيناء    مواقيت الصلاة في أسوان اليوم الثلاثاء 12أغسطس 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبير عبد الوهاب تكتب: مش باقي مني..
نشر في الدستور الأصلي يوم 16 - 10 - 2010

ما أقساها تلك اللحظة التي وقفنا فيها سويا ننظر من "بلكونة" المبنى القديم نودّع كل اللحظات الجميلة التي مر عليها خمس سنوات تركت بداخل كل واحد فينا علامات محفورة يصعب تجاوزها بسهولة..
هنا كنا نجلس داخل الغرفة التي يحمل بابها لافتة "قسم الفن" والتي تقع في وشك وانت داخل الشقة اللي على ايدك الشمال في مقر جريدة "الدستور".
وهنا كنا بنتجمع كلنا حول التكييف الصغير "قوة ربع حصان" الذي حاولنا معه مرار وتكرارا علشان يشتغل ومشتغلش لحد النهاردة.. وهنا كانت دعاء سلطان تجلس على مكتبها وهي تصرح متسائلة :"مين اللي قعد على مكتبي قبل ما أنا أجي ووقّع عليه أكل؟" فينظر لها محمد حسين وهو فاتح "بقه" من الدهشة دون ان يخبرها بان هو اللي كان قاعد على مكتبها، وينتهي الحوار بينهما يوميا دون ان تحصل دعاء سلطان على اجابة لسؤالها التاريخي.
اما هنا في منتصف الترابيزة بالظبط فكان يجلس رامي المتولي ليمارس هوايته المفضلة في خدمة كل الموجودين تكنولوجيا.. اسلام الويندوز بتاعه ضرب.. نجد رامي اول من يعرض عليه المساعدة لاعادة "تسطيب" نسخة ويندوز جديدة لجهازه، حميدة تشكو من ان الكي بورد بايظ.. نجد رامي وقد اصلحه لها في خمس دقائق.. دعاء بتدور على فلاشة في اقل من ثلاث ثواني يكون رامي اتصرف في فلاشة.. ياما انقذنا من كوارث تكنولوجية محققة.
بينما تجلس حميدة أبو هميلة في الركن البعيد الهاديء امام شاشة الكمبيوتر الكبير لتمارس عملها في هدوء غريب لا يتناسب مع جو الدوشة الذي كان يسيطر على الغرفة في ظل خناقات محمد حسين ورضوى اليومية والحوارات الجانبية، وفي الخلفية يعلو صوت أحمد سعد وهو يغني "مش باقي مني.." وهي الاغنية التي صنعت منها دعاء نشيد وطني للقسم من كتر ماكانت بتشغلها، في وسط كل هذه الأصوات المتداخلة كانت حميدة تعمل في هدوء عجيب سريعا ما ينتهي بصوتها وهي تصرخ :"بس بقى يا جماعة مش عارفة اشتغل"، وهو الانفعال الذي يزداد مع اقتراب ساعة الصفر بسؤال دعاء سلطان الشهير :"أخبار الشغل ايه.. عندنا ايه النهاردة؟" وهو السؤال الذي تزداد حدته يوم الجمعة –يوم تقفيل الاسبوعي- لكن سريعا ما تنتهي حالة التوتر بايميل من ايهاب التركي يحتوي على "كبشة" مواضيع اسبوعي تنقذ الموقف سريعا وتجعلنا نلتقط أنفسانا بعد ان ظلت محبوسة لفترة طويلة.
احمد خير الدين.. كنا دايما بنعرف قيمته بعد أن تنهار قوى حميدة فتحمل شنطتها وجري على بيتها، وقتها كانت تبدأ مهمة احمد خير القومية في "دسكة" ما تبقى من شغل الصفحة، لكن تبقى اللحظة الأهم والأكثر تأثيرا فينا جميعا هي تلك التي يدخل فيها "خير" من باب الاوضة وفي يده لفائف "المشبّك" اللي جابها معاه من دمياط بتوقيع العظيم "فشور".
رضوى الشاذلي لا اتذكر أنني شاهدتها يوما وقد توقفت عن الضحك، حتى وهي بتشتغل كانت بتضحك.. صحيح كانت بتجنننا وماكناش بنعرف نشتغل منها، لكن بمجرد أن تبدأ فقرتها اليومية مع محمد حسين -واللي كانت دايما بتنتهي بنكد- كان كل واحد فينا لازم يسيب اللي في ايده ويتابع الفقرة باهتمام لأنها قد تكون اللحظات الوحيدة التي هنضحك فيها من قلبنا طوال يوم طويل مشحون بضغوط العمل. وبينما كان محمد طارق يتابع الفقرة بابتسامته المميزة، كان اسلام مكي يرفض أن يجلس معنا في مقاعد المتفرجين فقد كان حريصا على المشاركة في الفقرة اليومية بين حسين ورضوى بأي حاجة انشالله لو بتصوير الفقرة بكاميرا موبايله.
أما محمد عبد الكريم فكان يتابع كل هذه المغامرات عن بعد في صمت تام يخرج عنه صارخا "بسسسسسسسسسسسسسس" ثم يفاجئنا بعدها بايفيه عبقري ينهي به القعدة كلها في ثانية واحدة بحالة ضحك جماعي كنا ننتظرها منذ اللحظة الأولى لدخوله من باب الغرفة.. بعدها نلتقط انفاسنا في استراحة قصيرة نتابع خلالها احدث مستجدات باربي قسم الفن "سوزان وليد" التي لم تتخلى يوما عن اللون البمبي في اختياراتها للاشياء، لنفيق بعدها على اتصال من محمود لطفي يذكرنا فيه بأن خبره العاجل الذي أرسله من تلتربع ساعة لسة منزلش على الموقع.. ليخيم الصمت على المشهد للحظات مع صوت رضوى وهي بترد على جرس التليفون قائلة: "الو.. ايوة موجودة يا استاذ ابراهيم.. ثم تبعد السماعة عن أذنها قليلا وتلتفت لدعاء قائلة :"يا دعاء كلمي استاذ ابراهيم عيسى". كل هذه الصور مرت أمام أعيننا في لحظات خاطفة ونحن ننظر من بلكونة القسم على شارع أحمد نسيم قبل أن نغادر المبنى بدقائق، في نفس الوقت الذي كان العمّال يقومون فيه باخلاء المكان..
ها هم يحملون المكتب الذي كان يجلس عليه محمد حسين والذي شهد الشرارة الأولى لمغامراته مع رضوى واسلام، وهاهو عامل آخر يحمل جهاز الكمبيوتر الذي كانت حميدة تجلس امامه بالساعات يوميا لدرجة اننا كنا بنقول لها :"وشك هيبقى شبه المربع يا حميدة"، وها هي مجموعة أخرى من العمال تحمل الترابيزة التي شهدت "لمتنا" تحت التكييف البايظ يوميا حتى نفقد فيه الأمل فنقرر نفتح الشباك، وهاهو مكتب دعاء سلطان يغادر الغرفة ويحمل معه سر محمد حسين الذي أخفاه عنها طوال هذه السنوات، وهاهو معرض الصور الذي قام اسلام بتجميعه من المجلات وبوسترات الألبومات ولصقه على جدران الحائط بايده صورة صورة، هاهي الصور ملقاة "بلا رحمة" على أرضية الغرفة التى تحولت لأربع حيطان وسقف بعد أن خلت من كل شخوصها، ومحتوياتها، ولم يبق فيها منّا سوى صوت أحمد سعد وهو يتردد في المكان: "مش باقي مني غير شهقة في نفس مقطوع.. وأنا صوتي مش مسموع.. يا حلمنا الموجوع.. من المرور ممنوع".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.