يقينا.. كلنا مستهدفون! أقباط.. ومسلمون! ويقينا.. هؤلاء قتله ومجرمون! ويقينا.. مصر التي نجحت في اقتلاع جذور الارهاب الاسود في فترة التسعينات لن تعود ابدا مرة أخري! في شارع خليل حمادة بسيدي بشر.. هنا عاش الاهالي ليله حزينه.. فوق الاسفلت أختلطت دماء الاقباط باخوانهم المسلمين.. وهنا ايضا تسابق الجميع لنقل المصابين الي المستشفيات ومدوا ايديهم يتبرعون بدمائهم.. وفي دقائق معدودة كانت أكياس الدم وصل عددها الي أكثر من الف كيس دم داخل مستشفيات: شرق المدينه ومار مرقص والالماني.. ولكن..! وسط هذا الحزن الذي يملأ القلوب انطلقت صرخه واحدة تقول: "لا للمجرمين الذين يريدون النيل من وحدتنا"!.. لم نترك بيتا في الشارع الا وطرقنا بابه وكانت المفاجأة اننا وجدنا الاقباط والمسلمين يجلسون معا.. نفس الجرح واحد في النفوس.. حتي اننا وبعد ان غادرنا البيت الي أخر.. لا نعرف من صاحب المنزل.. أهومسيحي أم مسلم؟! هذا المشهد تكرر كثيرا.. فماذا قال لنا الجيران؟!.. من 42 سنه يسكن الاستاذ محمد رمضان وكيل وزارة سابق بمصلحه الجمارك هو وأسرته في هذا الشارع من 42 سنه لم تحدث مرة واحدة ان وقعت مشكله واحدة بينه وبين جارة المسيحي.. قال والحزن يعلو وجهه:"هذة الجريمه بعيدة تماما عن أخلاق المصريين.. ولكننا نصدق ان هناك عناصر خارجيه هي التي خططت ونفذت هذة الجريمه الارهابيه.. فالشقه التي بجواري فيها جارتي ام نبيل.. عشنا معا احلي سنوات العمر جنبا الي جنب.. لم يقل أحدنا أنا قبطي او انا مسلم.. في اعيادنا نقدم لهم الحلوي.. وفي اعيادهم يطرقون بابنا ويقدمون لنا حلواهم.. حتي يوم الحادث المشئوم كنا نجلس معا.. نتسامر ونجتر الذكريات الجميله أيام زمان.. الي ان اتت الساعه الثانيه عشرة والثلث بعد منتصف الليل.. وحدث ما حدث بعدها. أم نبيل! الست أم نبيل! بابتسامه وجهها وطيبه قلبها تذكرني بأمي.. ما أن طرقنا بابها وفتحت لنا وأستقبلتنا قبل أن نعرف من نحن وماذا نريد.. سألتنا بقلب الأم: "أنتم كويسين يا ولادي"؟!.. رحبت بنا قائله: حمدالله علي السلامه.. ليه تعبتكم نفسكم.. أحنا زي الفل.. صحيح ان هذا الحادث اصابنا جميعا بالحزن _مسلمين وأقباط- خاصه في ليله عيدنا.. لكن أستحاله ان يكون من فعل ذلك واحد يعرف ربنا.. مهما كانت ديانته! جدو! أولاد جارة المسيحي ينادونه باسم جدو.. وفي يوم حدثت مشكله بين أثنين مسيحين من جيرانه.. لم يتردد لحظه واحدة في أن يتدخل لحل هذة المشكله.. التي كانت سببا في ان أطلق عليه جيرانه اسم "بابا جدو"! اسمه عبدالله سلام.. علي المعاش.. قال لنا: "تعرفوا ان انا ساكن هنا من سنه 1972.. اي من ساعه ان أنشات كنيسه القديسين.. وامامها تم بناء مسجد.. هل يوجد دليل علي هذا الحب أكثر من هذا؟!.. في يوم الجمعه وأثناء الصلاة نقوم بفرش الشارع بالحصير.. حتي بالقرب من الكنيسه.. وهم في أعيادهم يملؤن الشارع بهجه بأشجارهم الخضراء التي نشتريها منهم.. وهم يصنعونها بمهارة شديدة.. ماحدث جريمه نكراء بكل المقاييس وهي ايادي خارجيه.. مستحيل ان يكون مخططها مصري.. ونقول لهم بصوت عال وصرخه مدويه.. مهما فعلتم سنظل نسيجا واحدا.. حتي يوم الدين"!.. كفايه دم! مدام نوال عزمي "41سنه" ربه منزل.. كانت السعادة والفرحه تملأ قلبها.. فالمناسبه سعيدة وجميله وهي عيد الميلاد.. حتي وقع ما وقع وانقلبت السعادة في قلبها الي احزان.. قالت لنا: ".. كنت أجلس أمام شاشه التلفزيون اتابع هذا الحادث المشئوم.. حتي وجدت الناس هنا في الشارع وهم من ابنائه.. يسرعون للتبرع بدمائهم.. فلم اتردد ان اذهب الي مستشفي شرق المدينه امد يدي لهم.. ويأخذوا من دمي.. لانقاذ حياة أخي.. مش مهم هو مسلم أو مسيحي- وكانت المفاجأة عندما قال لي طبيب بنك الدم:"احنا أستكفينا.. الثلاجات امتلئت بأكياس الدم"!.. خرجت من مستشفي شرق المدينه الي المستشفي الألماني وجدت نفس الاجابه في انتظاري.. عندما قالوا لي: "أحنا عندنا دم كفايه.. أكثر من 200 كيس دم"!.. هل يوجد دليل أكثر من هذا علي اننا شعب واحد ودم واحد ومصير واحد.. لا يمكن ان انس كلمه البابا شنودة حين قال: "مصر وطن لا نعيش فيه فقط.. بل هو وطن يعيش فينا.. فتحيا مصر بمسلميها وأقباطها.. أخويا المسيحي! مشهد لن ينساة أحمد هاني طالب بكليه السياحه والفنادق.. فبعد ان وقع الانفجار بدقائق هب هو وأسرته الي خارج الشقه.. يستطلعون الامر.. فوجد في انتظارة مشهدا لن ينساة ابدا.. يكمل احمد كلامه قائلا: وجدت جاري واخويا المسيحي وقد ملأت الدماء وجهه.. ويحاول الصعود بيديه وقدميه سلالم العمارة.. وقتها كان الرعب والخوف أصاب الجميع.. الا انني وجدت شقه باب جارنا المسلم تفتح ابوبها.. وتحتضن شقيقنا المسيحي.. وتعالج جراحه.. وكنت معهم حينها.. عندما كان ينظر المصاب بأسي وحزن وهو يقول: مستحيل ان يفعل هذا مسلم.. أو احد من ابناء هذا الوطن.. اكيد هم أرهابين ماجورين ليس لهم لاوطن ولادين.. وتحكة والدته مدام ليلي قائلا: وللحق كلنا نعيش علي ارض مصر كأبناء شعب واحد.. واكثر الامثله التي لمستها بنفسي كمواطنه مصريه.. ان هناك مستشفي ماري والتي تقع بالقرب منا.. معظم اطبائها وادارتها من الاقباط.. والمسلمين يفضلون العلاج فيها.. لما يلمسونه من طيبه وأخلاق المسيحين.. وبالارقام تجد ان اعداد المسلمين بداخلها اكثر من المسيحين بكثير.. وهو ما يؤكد علي وحدتنا الوطنيه.. أما شقيقتها يسريه والتي تعيش بنفس المنزل فتقول: ما حدث في ليله رأس السنه كان كابوسا بكل المقاييس.. فالرعب والخوف أصابنا جميعا.. فالمشهد كان رمعبا للغايه.. فبينما كنا نحتفل مع اخواتنا الاقباط بأعياد الميلاد.. فوجئنا بصوت انفجار قوي جدا.. ظننا في البدايه ان العمارة التي نسكن بها سوف تنهار.. أو عقار اخر بجانبنا ينهار.. أو ان هناك انبوب "فرقع" بشكل مرعب.. لكن للأسف علمنا بعد لحظات بعد ان هرولنا للشارع ما حدث ورأيناة.. وسقطت دموعنا بجانب دموع اخواتنا الاقباط علي نفس الارض.. لتؤكد عمق الوحدة الوطنيه التي لم تنال منها ابدا الايادي الخبيثه والعابثه..