.. ما أخطر أن تتحول الدولة فجأة إلي بلطجي أو فهلوي أو خطاف وقاطع طريق؟! .. ما أغرب المنطق الذي يصور لبعض المسئولين الكبار، أن تعديهم علي حقوق وممتلكات الناس عبقرية، وإيثار للمصلحة العامة!! .. أي مصلحة «عامة» في أن يتم الاستيلاء علي قرية كاملة. من قري الأقصر، لصالح إنشاء منتجع للقطاع الخاص ومرسي لليخوت.. لصالح عدد من كبار رجال الأعمال وعلي حساب الناس. .. أكاد أدهش ولا أصدق حكاية قرية الماريس، وحجم الضغوط التي تمارس ضد أبناء هذه القرية الصغيرة الآمنة لإتمام الصفقة بخروج الناس من بيوتهم مقابل ملايين، وتحويل القرية إلي مصدر - لرجال الأعمال - لكسب الملايين والمليارات. .. ليست مهمة أي دولة «محترمة» أن تسلب الناس حقوقهم، رغم إرادتهم، وقهراً، بل مهمتها أن تحمي هذه الحقوق من شهوة الحيتان الكبيرة، وأصحاب المصالح الخاصة.. .. نعم نحن مع القطاع الخاص، والاقتصاد الحر، لكننا لا يمكن أن نقبل بخصخصة قرية بذات الطريقة التي خصخص بها «عمر أفندي» أو غيرها من الشركات التي نهبت دون مساءلة أو حساب!! .. لا يقبل في بلد يحكمه القانون أن تتحول الدولة لقاطع طريق، يسلبك مالك أو أرضك أو منزلك دون أن يجرؤ أحد علي أن يسأله الحساب، فليس من العدل في شيء أن أظلم مواطنا مسكينا من أجل إرضاء شهوة البعض أو رغبته في الكسب السريع. .. الحديث عن (التعويض العادل) أصبح كالحديث عن العنقاء والخل الوفي، فالدولة تغتصب أملاك الناس في القرن الواحد والعشرين وتقدر التعويضات بأسعار القرن التاسع عشر.. تأخذ بقوة وتعطي بالقطارة.. .. خذ مثالا معفرا بتراب الواقع اشتبك بلحمي (شخصيا) منذ خروجي من السجن وإلي الآن!! .. الحكاية ببساطة أني كنت أمتلك عقارا مكونا من ثلاثة طوابق بمنطقة درب البزازرة بباب الشعرية بجوار سور القاهرة «العظيم»، إلا أن الدكتور عبد العظيم وزير بعد سجني وجد أن هذا العقار العتيق لا بد أن يزال للمصلحة العامة!! وبعدخروجي من سجني وجدت كل شيء في المنطقة كما هو، إلا هذا العقار الذي اختفي دون غيره!! ونزعت أرضه، وتحولت إلي خرابة!! .. ومنذ خروجي في فبراير 2009 وإلي الآن، أبحث عن ذلك التعويض المناسب والعادل الذي يتحدثون عنه، وللأسف كل ما سمعته كان سرابا.. فالتقديرات الأولية للأرض والمبني بطوابقه الثلاثة لم تتجاوز (50 ألف جنيه)!! وليتهم حتي سددوها!! .. فلكي تحصل علي هذا المبلغ المؤسف «لابد أن تقدم ما يفيد أن العقار كان موجودا أصلا»!! .. كما ينبغي أن تتحمل تكلفة إزالة المبني التي تمت علي نفقة الحكومة، ثم ثمن رفع أنقاض المبني!! ثم تقدم ما يفيد أنك غير مدين لأي جهة حكومية، أو عليك ضرائب إلخ إلخ... .. هكذا يتحول الدائن إلي مدين!! والتعويض العادل إلي أبشع أشكال الظلم!! .. ارفعوا أيديكو عن قرية الماريس عن أهلها وبيوتها وأرضها.. وكفي ظلما للبشر!!