.. تُري ما الذي يمكن أن يحمل أهالي «جزيرة محمد» و«طناش» علي القيام بحالة عصيان في الطريق العام؟! .. هل وجد هؤلاء البسطاء من أهل الحكم، أو حتي من العقلاء من يسمع مشكلتهم أو يدافع عن مصالحهم أو يمثلهم أمام جهات اتخاذ القرار؟! .. كتب أهالي «طناش» و«جزيرة محمد» آلاف الشكاوي والاستغاثات من القرار الظالم المُغرض الصادر عن رئيس الوزراء برقم 1179 لسنة 2010 الذي يشطر «جزيرة محمد» شطرين، الأول يتبع الجيزة والثاني يتبع محافظة أكتوبر، فضلاً عن نقل تبعية «طناش» كاملة إلي محافظة 6 أكتوبر!! .. القرار اتخذه «نظيف»، بجرة قلم ولم يدرك حجم الكارثة التي حلت بالجزيرة وأهلها بفعل قرار يتجرد من العقل والمنطق ويعيد للذاكرة قرارات الحاكم بأمره وينعكس ببالغ الضرر علي أوضاع الناس وحياتهم!! .. ما وراء القرار هو الأخطر، حيث الهدف الحقيقي يكمن في رغبة الحكومة في الاستيلاء علي 170 فداناً من الأراضي، وتخصيصها لوزارة الإسكان لتوزيعها علي عدد من المستثمرين الكبار الراغبين في الاستيلاء علي المنطقة الواقعة بين نزلة الوراق وشركة الغاز.. فضلاً عن إعلان وزارة الإسكان عزمها إنشاء مجمع خدمات للمستثمرين علي بعض هذه المنطقة. .. القرار الذي أصدره «نظيف» هو شكل من أشكال التحايل علي حقوق الناس من البسطاء بغض النظر عن استقرار هذه الحقوق ووضوحها ودون التفات للآثار المترتبة علي القرار، وأهمها تشريد الآلاف من أبناء الجزيرة لصوالح خاصة تتصل بأسماء كبيرة تسعي للحصول علي هذه الأراضي بأقل الأسعار. .. ما حدث مع أهالي «جزيرة محمد» و«طناش» ليس بعيداً عما شهدته قرية «الكوبانية» شمال أسوان التي تعرضت لصدامات خطيرة مؤخراً ومقتل عدد من أهالي المنطقة بسبب قرار محافظ أسوان بمنح الظهير الصحراوي والامتداد الطبيعي للقرية لأحد المستثمرين دون مراعاة حقوق هذه القرية في الامتداد الطبيعي لأرضها ومنازلها!! .. وهو أيضاً ليس بعيداً عن الجريمة التي ارتُكبت بحق أهالي قرية «طوسون» المعتصمين حتي الآن أمام مبني وزارة الزراعة في صورة من أشرف صور المقاومة المدنية لسلطة غاشمة آخر ما يمكن أن يشغلها هو مصالح البسطاء وحقوقهم المنهوبة. .. نموذج آخر لإنجازات حكومة «نظيف» هو ما فعلته بحق أهالي قرية «المريس» غرب الأقصر والتي تم الاستيلاء علي أراضيها المطلة علي النيل وتشريد أهلها لصالح مشروع استثماري لإقامة مارينا علي النيل للسفن واللنشات كانت ومازالت إقامتها ممكنة بعيداً عن أراضي وحقوق أهالي «المريس»، لكن «نظيف» وحكومته لا يلتفتون لمثل هذه الأمور الصغيرة أمام إغراء أموال المستثمرين وشهواتهم التي لا تتوقف. .. أوجعني كثيراً أن أقرأ نداءات الجمعية الحقوقية- خاصة- «هشام مبارك» التي أطلقها أحمد سيف- المحامي- لاستدعاء محامين من أي مكان للدفاع عن عشرات المتهمين من أهالي «جزيرة محمد» و«طناش» أثناء عرضهم علي النيابة العامة فجر أمس السبت!! .. النظام لم يسأل نفسه عن المسئول الأول عن هذه الأزمة فترك الجاني وأمسك بتلابيب الضحية!! هذه هي مصر!! وهذا هو نظامها!! وهؤلاء هم حكامها!! ..فلا عجب!!