يبدو أن البوستر اللافت جدا الذي صاحب الدعاية الخاصة بألبوم سامو زين «دايما» هو المغامرة الأكبر، وربما الوحيدة في تلك التجربة التي تفتقد إلي أي جرأة، أو حتي أي جديد، فالجرأة هنا تقتصر علي «تي شرتات» سامو زين فقط، لأنه أعطي للطريقة التي يظهر بها علي الغلاف اهتماما أكبر بكثير من الكلمات والموسيقي والتوزيع، وقبلهم صوته.. إنه يصرخ.. هذا هو أقرب توصيف لما يفعله سامو زين في بداية أغنية «دايما»، التي دعمها مؤلفها تامر حسين بكلام مستهلك، وبالنسبة لموزعي الأغنية هاني محروس، وطارق عبد الجابر فقد اختارا لها جو تسعيناتي جدا يسيطر عليه الساكس الذي يعيد ويزيد في نغمة واحدة، نغمة مختلفة أخيرا بطلها التوزيع اللافت جدا لطارق عبد الجابر، واللحن المقسوم الراقص الذي يؤكد تفرّد موهبة رامي جمال في أغنية «ملكش دعوة بيا»، من جهته كان سامو زين هنا أفضل حالا، يغني بطريقة أقرب للصحيحة بلا نشاز، ولا يمكن أن نطلب منه أكثر من ذلك، رغم أن اللحن كان يحتاج لمساحات أكبر بكثير لصنع أغنية مهمة لكن صوت سامو زين جعلها بالكاد أغنية مقبولة وخفيفة الدم، والفواصل الموسيقية الطويلة لأكورديون فاروق أحمد حسن تزيد من إحساسنا بالجو التسعيناتي للألبوم، يحاول في «بتمثل علي مين» أن يكون أكثر قربا للمستمع بكلمات بسيطة لأغنية تشبه الإفيه، لكن الفكرة التي قيلت قبل ذلك مئات المرات لن تدع لنا فرصة لإكمالها وهي تلك المتعلقة بالحبيب المكابر الذي يداري مشاعره، كلمات كتبها أمير طعيمة باستسهال غير معتاد منه، وفي منتصف الأغنية تماما تشعر أن صوت سامو زين أصابه الوهن فجأة، حيث يغني وكأنه مصاب باحتقان في الزور، ذلك الاحتقان الذي يلازمه أيضا في أغنية «أيام في بعادنا فاتو»، وهي محاولة لإضافة شيئ من الرومانسية علي الألبوم لكنه يواصل قول «يا حبيبي» بتلك الطريقة التي رافقته منذ بدايته، حيث يمد في كل حروفها بلا استثناء سواء تلك التي تنتمي لحروف المد أو لا تنتمي، لحن أحمد حسين جاء عاديا جدا، وكلمات تامر حسين أكثر تميزا هنا، ولا يكتفي سامو زين بصوته فقط لكنه يستعين بالمؤثرات التي يبالغ سامو زين في إضافتها علي صوته الذي يمط فيه بسذاجة تجعل صوته في كثير من الأغنيات يقترب من اصوات أبطال أفلام الكارتون التي تحكي عن الأشرار الذين يرغبون في تفجير العالم وتدمير البشرية، يفاجئنا في أغنية «الكلام عليك» بنفس ال «الله..الله» التي سبق أن استخدمها في دايما بنفس الطريقة في أغنية «دايما»، وهي من كلمات محمد عاطف، ووضع لها رامي جمال لحناً شديد الشبه بلحن أغنية «دايما»، إذن فلسامو زين السبق في أن يبيع لنا أغنية واحدة ثلاث مرات علي مدار ساعة فقط هي مدة أغنيات الألبوم، ذلك بعد أن نضيف الريمكس الذي قدمه لأغنية «دايما» مختتما به الألبوم، الغريب أنه لا جديد نهائيا في مضمون الأغنية، فهي نسخة من «دايما»، وإن تفوقت قليلا علي الأصل، حيث جعلها جيتار مصطفي أصلان أكثر حيوية، وهو يغني «علشان خاطر عينيك» يبدو كثير الشبه بهشام عباس، يستعمل نفس طبقة الصوت تشعر أنه يقلده، لكن الحقيقي أن زمام الأمور يفلت منه دوما، وهو بدوره لا يسعي لصنع بصمة مميزة لصوته، هي في كل الأحوال أغنية مهمة بالنسبة لمستوي أغنيات التجربة مع التقدم بالشكر لملحنها رامي جمال الذي ساهم في كسر رتابة الأغنيات بلحن راقص ورشيق، وسامو زين يجتهد ويغني بلا مؤثرات تقريبا فيبدو صوته أكثر نقاءا، وهو يقول «أجمل مافيا حبيبي إني بقيت معاك»، أغنية «فايق ورايق» تشعرك أن سامو زين أفاق متأخرا بعض الشيء من خلال كلمات طازجة، وجريئة لعبد العزيز عمار: «وده عايش حياته زي ماكون من ممتلكاته هم يادوب كانوا كام يوم فاتو لما اتعرفت عليه»، يغنيها بجمال لم يتوافر له كثيرا في أغنيات الألبوم، ولحن حسام البيجرمي جاء بسيطا لكن الأغنية لم تتطلب أكثر من ذلك، الكلمات من أجمل ما غني في الألبوم، وهي الأغنية التي كانت تستحق بجدارة أن تكون الهيد، أهات رقيقة مع صوت أكثر رقة للبيانو في «وياك»، وأداء سامو زين فيها أكثر نضجا، ولا يفرط في استخدام المؤثرات الصوتية التي يتفرد بها، وإن كانت الأغنية متشابهة مع عشرات الأغنيات الرومانسية الزاعقة التي قدمها من قبل، تبدو أغنية «أيامي» كأنها تحصيل حاصل بكلماتها التي تمجد في حبيب رائع الصفات سوف تفشل تماما في أن تقبض بيديك علي كلمة واحدة مميزة فيها، أو فكرة غير تقليدية، أو حتي موسيقي بها روح، فالتجربة عموما تفتقد لهذه الروح بعد سيطرة الآلات الكهربائية والصوت الذي كاد أن يتحول هو الآخر لآلة صماء فاقدة لأي إحساس.