جميل جدًا.. قليل من السياسة لن يضرعندي إحساس يشبه اليقين تماماً بأنه لو أجريت الآن انتخابات حرة نزيهة ديمقراطية يسمح فيها بترشيح المستقلين وتقوم علي إشراف قضائي كامل ومراقبة دولية حقيقية غير منقوصة فإن الفائز الأول وبفارق كبير عن أقرب منافسيه سوف يكون الرئيس مبارك. قناعتي لا تأتي ثقة مني في الرئيس مبارك بقدر ما هي قلة ثقة في الشعب المصري الذي يتعامل الآن مع كثير من الأمور بمنطق «اللي نعرفه أحسن من اللي ما نعرفوش»، وهي النظرية التي تضاف إلي الجهل السياسي وغياب البطل البديل أو السياسي الأسطورة أو حتي الشخصية الكاريزمية الخارقة لتصبح النتيجة هي فوز مبارك بالثلث. المشكلة ليست يا عزيزي في الناس أنفسهم بل في عقولهم وطبيعتهم المحبة لفرعون، والخائفة من المغامرة، والراضية بكل الحلول التي لا تقحمها أبداً في أي معادلة من أي نوع، بل واضعة إياها علي مقاعد المتفرجين. طيب.. بشكل أو بآخر أصبحت العلكة التي يمضغها كثير من السياسيين والصحفيين في جلساتهم وموضوعاتهم وتصريحاتهم المنشورة أو المذاعة علي الهواء مباشرة في قهوة الحياة وكوفي شوب الوطن تتعلق بسيناريوهات ما بعد مبارك علي أساس أن هناك حقيقة علمية تقول إن الرئيس بشر، وإنه بعد عمر طويل سيلقي وجه رب كريم، وبالتالي يصبح الحديث عن مستقبل مصر بعده أمراً ضرورياً لاسيما أن الرئيس نفسه لا يزال يربك الجميع بعدم تعيين نائب له علي الرغم من أنه هو شخصياً جاء للحكم من مقعد النائب، وسلفه السادات أو الثعلب كما يحلو لكتب علم الاجتماع السياسي وصفه جاء رئيساً من علي نفس المقعد، إضافة إلي أن الدستور الواضح الصريح لا يؤدي لانتقال آمن للسلطة إلا باستفتاء علي شخص واحد (صححوا لي لو كنت أتحدث خطأ) وبالتالي يخرج علينا بعض المحللين مؤكدين - ويا للذكاء - أن القادم هو جمال مبارك (جابوا التايهة) وبتطبيق نظرية اللي نعرفه أحسن من اللي ما نعرفوش التي تحدثنا عنها من يا دوب كام سطر سنكتشف أن الشعب المصري الوفي والأليف سيختار - وعلي الفور - جمال مبارك أياً كان المرشح ضده بعد ترديد هراءات علي منوال «أهو علي الأقل متربي في بيت الريس»، أو «عشان شبعان عمره ما يطمع في البلد» أو «والله كفاية إنه من ريحة حبيبنا».. ، وهي عبارات أقسم أنها ستتردد نصاً علي ألسنة الكثيرين الذين يلعبون دورهم ولا أجدعها كومبارس في حياتنا السياسية، فإذا أضفنا لذلك أن النظام المصري لعب لعبته لتسويق جمال مبارك عند البسطاء بشكل جعلهم يوقنون بأنه القادم بغض النظر عن أي اعتبارات أو سيناريوهات أخري يصبح جمال هو سر أبيه وخليفته المنتظر. والآن أيها المجتمعون في هذا الصوان من سالف العصر والأوان.. ماذا لو غاب الرئيس مبارك (القوبوطاااان)، وابنه جمال (القورصاااان)؟.. هل ستسير الباخرة نورماندي تو بشكل طبيعي؟ نورماندي تو.. تو.. تو.. تو.. تو.. .تو.. .تو.. .تو.. .. .. .. .. .. .. .. .. .. بس خلاص صدقوني هذا هو السؤال الذي يجب أن يُطرح، فتعليق مستقبل هذا الوطن بشخص ما - أياً كان هذا الشخص - وتفريغ الساحة السياسية المصرية من لاعبين حقيقيين وفاعلين يصلح أيهم لقيادة نورماندي هو مهزلة بكل المقاييس.. أو فلنسم الأمور بمسمياتها.. قلة أدب. ولا اسم من الأسماء المطروحة يصلح أن يكون رئيساً، لا جمال ولا البرادعي ولا أيمن نور ولا عمرو موسي ولا حتي عمر سليمان. نحن أمام ساحة فارغة، وغياب جمال المفاجئ أو القدري أو الاضطراري الذي قد يكون بتصاريف القدر سيضع الجميع - بمن فيهم الحزب الوطني - في - لا مؤاخذة - «مزنق».. ، ويصبح التفكير - ويا للمأساة - فريضة علي الجميع. من سيأتي بديلاً عن جماااااااال؟ بتطبيق نظرية اللي نعرفه.. بلا بلا بلا بلااااا.. سيصبح علاء رئيساً لأن شعبيته أصلاً أعلي من جمال ولأنه بيحب مصر موت.. وبيشجعها في الاستاد. نحن الآن إذن أمام عبث ما بعده عبث. مستقبل بلد مرهون بعائلة. ساحة سياسية هزيلة. معارضة زي خيبيتها يحلو لي تسميتها معارضة «أخواتي البنات». حركات سياسية مهلهلة ليس لها قوة جماهيرية تستطيع أن تفرض نفسها علي الشعب أو الرأي العام لتكتسب تياراً حقيقياً من الناس يساعدها فعلاً علي التغيير. إخوان مسلمون لا يزالون في مرحلة: نلعب واللا ما نلعبش؟.. محظورة واللا مش محظورة؟.. هنبقي في الشارع واللا في السجن؟.. هنلعبها نضال سياسي واللا ناس بتحافظ علي دين ربنا والإسلام هو الحل؟ سنصبح جميعاً في انتظار حل رباني.. حل ليس من صنع أيدينا بل هو من عند ربنا، ولا نعرف هل سيكون حلاً من تلك الحلول التي نحمده عليها ونبوس إيدينا شعر ودقن، أم أنه سيكون ابتلاء واختباراً جديداً بكشفنا أمام أنفسنا.. ويا له من اختبار.