كلما ظننت أننا وصلنا للدقائق النهائية في المباراة الدائرة بين المسلمين والمسيحيين في مصر في بطولة «الحريم المختفية»، منحنا الحكم وقتاً بدل ضائع وهو لا يعلم أن وقت المباراة كله ضائع. مما أصابني بالملل الشديد، خاصة أن الشغل الشاغل للناس في بلادي الآن هو تمقيق العينين في الحسنة التي في ذقن السيدة بالفيديو، ومضاهاتها بذقن كاميليا الظاهرة في صور. كابتن كابتن.. ممكن وقت مستقطع لأبشرك بخبر سعيد؟ الخبر: جنوب السودان سينفصل عن شماله. قالت وزيرة الخارجية الأمريكية إن انفصال جنوب السودان عن شمالها «أمر حتمي»، وأن الولاياتالمتحدةالأمريكية تعمل جاهدة مع شركائها لإجراء استفتاء آمن في السودان و«الإعداد للنتيجة الحتمية وهي استقلال الجنوب»! بل إن السيدة كلينتون ألقت باللوم علي «الشمال»؛ لأنه لا يساعد «الجنوب» في تنظيم الاستفتاء، وذلك لأن «الشمال» ليس لديه رغبة حقيقية في إجراء الاستفتاء، لأنه - إخص عليه - لا يرغب في انفصال الجنوب عن الشمال. كما أكدت الحيزبون أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تولي السودان اهتماما خاصا جدا، وأن نشاطها في جنوب السودان وصل لذروته في جوبا، وهي عاصمة الجنوب! إذ أن الدور الرئيسي للدبلوماسي الأمريكي بريتستون ليمان، هو حسم الملفات الخاصة باقتسام الثروة والسلطة ودخل البترول بين الجنوب والشمال، وقال علي رأي فيروز في فيلم «دهب»: شوف يا عزيزي وشوف يا حبيبي، آدي نصيبك وآدي نصيبي.. برضه مافيش فايدة، الكفة دي زايدة»، وبالهنا والشفا قطعة الجبن كاملة علي معدة الولاياتالمتحدةالأمريكية. جدير بالذكر أن مركز كارتر - والذي يلجأ إليه بعض الناشطين لنشر الديمقراطية في مصر - سيشارك بكل قوته في إجراء الاستفتاء الذي سيترتب عليه «بشكل حتمي» انقسام السودان، أن كارتر قدمه سعد علي كل منطقة يحشر أنفه العظيم فيها، فهو من ورطنا في اتفاقية اعترف هو بنفسه أنه ظلم فيها السادات، وأن السادات وقع مضطرا نظرا للضغوط التي كان يواجهها من معارضي الاتفاقية، ولفقده كل حلفائه السابقين بعد أن تعارك مع حصي الأرض من عرب وعجم، وكارتر هو الذي أشرف علي الانتخابات الفلسطينية، والتي تلاها، سبحان الله، القطيعة والانقسام الفلسطيني، وها هو سيطل بطلعته البهية علي السودان المسكين الذي عاني ويعاني ويلات الحرب والجفاف والفقر وهو يقبع فوق مناجم من الكنوز السوداء والخضراء والصفراء، وتصارحنا كلينتون - إذ أنها لا تخشي رادعا ولا حتي منتبها - بأنها تسعي سعيا حثيثا لتقسيم السودان. للأمانة، عبرت كلينتون عن قلقها العميق إزاء ما سيواجهه السودان بعد «حدوث المحتوم»، حيث إن الشمال سيخسر 80 بالمائة من دخل البترول. لكنها لن تقف مكتوفة اليدين، فالولاياتالمتحدةالأمريكية ستعقد مؤتمرا في الجنوب (هو الجنوب بقي مستعمرة أمريكية واحنا نايمين علي ودانا؟)، وتستضيف فيه الدول الأفريقية لمناقشة الصراع بين دول حوض النيل علي المياه، والصراع بين الشمال والجنوب علي البترول. أين الرئيس مبارك؟ أين وزير الخارجية؟ أين المعارضة المصرية؟ أين جماهير الشعب المصري التي لا تتدفق في الشوارع إلا لكرة القدم أو للبحث عن النساء؟ أين الحسنة في ذقن كاميليا؟