اخترنا فريقا متواضعا لنلعب معه مباراتنا الأولى في الدورة الدولية الودية استعدادا لكأس الأمم الأفريقية مع أن أبسط الحسابات في التدريب تقول إنك لكي تعرف قوة فريقك وتعالج اخطاءه وثغراته فلابد أن تلعب مع الأقوياء! كان يمكن لنا ان نبدأ بالسنغال التي تلعب بالصف الثاني ورغم ذلك تملك فكرا خططيا وتكتيكيا ولاعبين على مستوى معقول من الوعي الكروي ظهر في مباراتهم مع الاكوادور التي تلعب بصفها الثاني أيضا، وبالتالي ستكون هناك فرصة أن نلعب المباراة الثانية مع فريق قوى أيضا، ليس اوغندا بالطبع! لكننا اخترنا اوغندا التي تلعب بلاعبيها المحليين ومعظمهم من فريق كمبالا سيتي، ولم يلعب محترف واحد لأنهم لم يجدوا الوقت الكافي على حد كلام مديرهم الفني المصري علاء مرسي لاستدعائهم! لكن لأن خيبتنا دائما راكبة جملا سواء كان "الجمال" خواجة أو وطنيا مثل شحاتة، فاننا لم نستطع أن نجاري هذا الفريق المحلي المتواضع، وعجزنا طوال الشوط الأول عن اختراق خط دفاعه سوى مرة واحدة أحرز منها نجم مصر الوحيد في المباراة عمرو زكي هدفه الأول، وهو نفسه الذي أحرز الهدف الثاني في الحصة الثانية من المباراة! كان شحاتة في حاجة لأن يطالب لاعبينا من عينة بركات وأبو تريكة وطارق السيد وحسن مصطفى وأحمد فتحي أن بتحضير أرواحهم المحلية لأنهم يواجهون فريقا محليا وأن لا يتأثروا بأن تلك الدورة الودية دولية، فالفرق الثلاثة الأخرى تلعب بصف ثان وثالث ولعلها تجرب فرق المدارس عندها! لكنه لم يفعل وظلت الكاميرا تقدم لنا بين الحين والآخر وجهه الغاضب أو "الكشر" فيشعرنا بأنه لا أمل وأن هذه هي بضاعتنا! شاهدنا عكا من فريقنا طوال الشوط الأول. نصف ملعب مزدحم لا يعرف لاعب فيه واجباته، والكابتن أحمد حسن رأسه وألف سيف أن يظهر في الصورة أمام من يفاوضونه، فيبصم على كل كرة، ويجري وراء كل تمريرة، فلا نشعر بأدوار الآخرين، ولا بأن هناك أجنابا في الملعب يجب اللعب عليها! بالطبع واصل كل من بركات وأبو تريكة غيابهما عن صورة اللاعب الدولي المفيد لفريقه وظهرا أقل من امكانياتهما بكثير. الجديد ان الكاميرا أظهرت بركات يلهث باستمرار وأبو تريكة في حالة انبساط ولا أعرف السر! أما متعب.. فهو لغز كبير. لاعب يشعرك طوال الوقت أنه "قرفان".. فاقد الشهية. حركته بطيئة كأنه في خريف عمره أو من جيل العميد حسام حسن، مع الفارق الكبير بالطبع، فحسام تاريخ طويل من الانجازات ولن يضيره شئ وهو يقترب من الأربعين، ومن هم في سنه اعتزلوا من سنوات طويلة! أما متعب فهو " يا دوب" في أول الطريق، لا يحمل أي تاريخ وليست له أية بصمة سوى حكايته اياها مع ضابط الشرطة، لكنه بالفعل موهوب وهداف بالفطرة، فما الذي حصل له، لماذا يبدو متعاليا على الكرة وعلى النجيل الأخضر، وحتى على كابتنه في الفريق الوطني حسام وهو في طريقه للخروج بعد أن استبدل به؟! هل هو السهر، هل هو الغرور بسبب الجرعة الاعلامية الزائدة عن الحد التي أعطت له أمجادا وألقابا يحتاج للابحار طويلا واجتياز أمواج مهلكة حتى يستحقها فعلا؟.. ربما يكون ذلك هو السبب أو أن هناك أسبابا أخرى خافية يعلمها الله ومتعب نفسه، لكن صورته بالأمس لم تكن طبيعية، حتى هو شعر بذلك فخرج لشحاتة شبه غاضب وظهر كأنه يطلب الخروج من الملعب! المحصلة أننا خسرنا مهاجما واعدا "بدري بدري" وعليه العوض! أحمد فتحي استمر في حالة التوهان التي يعيشها مع الدراويش، افتقد أهم أسلحته وهي السرعة والركض. لم نحس بوجوده. هو أيضا لاعب محلي وإن كان يحمل بعض مكونات الاستيراد، لكنها "تجميع" على أي حال، مثل صناعة تجميع السيارات التي وصلنا اليها بالكاد بعد عمر طويل! أما طارق السيد فقد دخل بالفعل منطقة النهاية، لا مجهود ولا فكر كروي، ولسان حاله يقول "لو كان فيه الخير لكان الزمالك غير الزمالك المترنح حاليا"! بصراحة لم يكن منتخبنا الوطني الذي يستعد لكأس الأمم الأفريقية مطمئنا لكل من شاهده، رغم أنه يلعب بالفريق الأول وبالنجوم البازغة بطول وعرض المحروسة. ولم يكن مدربهم احسن حالا.. فقد ظهر مذعورا فاقدا القدرة على تغيير رتم المباراة وتوجيه لاعبيه، والأكادة أنه ظهر خائفا من تغيير لاعبين بعينهم حتى لا يغضب منه الجمهور والأسياد! لذلك كانت فزورة كبيرة أن يغير النجم الوحيد في المباراة عمرو زكي صاحب الهدفين بأسامة حسني الذي لا يعترف به مدربه جوزيه ويركنه دائما لدرجة أنه هدد بالرحيل. ولم يجرؤ على تغيير الحاضر الغائب في المباراة عماد متعب سوى قبل النهاية بثماني دقائق فقط.. حين دفع بالعميد حسن، ولا أدري هل هذه الفترة كافية للحكم عليه.. ما فائدة هذا التغيير أيها المدرب المرعوب؟! كما أن دفعه بابراهيم سعيد في آخر دقائق المباراة يدل على أنه مهرج ولا يملك فكرا خططيا ولا يحزنون، فما فائدة هذا التغيير وماذا يقصد منه؟! الحقيقة أن الفريق كله ما عدا زكي يستحق التغيير فلم يكن هناك لاعب قادرا على البرهنة بأنه يستحق ارتداء فانلة منتخب مصر! انظروا مثلا إلى المحترف عبد الظاهر السقا وكيف أفلت منه لاعب اوغندا النحيف المتواضع كأنه يلاعبه بكرة شراب، ولو كان هذا اللاعب يملك 5% خبرة لأحرز منها، وقبلها مجموعة تمريرات انتهت في حلق المرمى بسهولة شديدة لو فعلها الفريق الليبي الذي سنقابله في مجموعتنا بكأس الأمم لأحرز من كل فرصة منها هدفا! من شاهد فريقا الصف الثاني السنغالي والاكوادوري في مباراتهما التي سبقت مباراتنا يعرف الفرق الكبير بين دول تبني فرقا قوية تتطلع للبطولات وبين حالنا الذي يبكي منذ أبد الدهر على ليلاه من غير أن يعرف أين ذهبت ليلى ومن الذي خلع قرطها! لقد لعب فريق السنغال الثاني 75 دقيقة بعشرة لاعبين أمام فريق الاكوادور الثاني القوي جدا وتحمل ضغطه، وبفكر كروي رائع من مدربه الوطني ودماغه العالية استطاع امتصاص الهجوم الضاغط واحراز هدف الفوز في الوقت بدل الضائع. والأدهى من ذلك كله أنه قدم للكرة السنغالية والأفريقية نجما جديدا اسمه مصطفى فال! أين نحن من كل هذا؟! [email protected]