إمممم... بدأ عرض البرنامج وبدأت أتلقي الملاحظات اللي تضايق بجد، مثل أن تقع في خطأ ساذج مثل الذي لفت نظري إليه واحد من أباطرة الإعداد التليفزيوني في مصر الأستاذ صلاح الدالي «من ألطف أعماله برنامج أم الخير مع الراحلة سامية الأتربي والذي فتش في دواخل مصر الشعبية بطريقة أمتعتنا كثيرا»، الأستاذ صلاح لفت نظري لكوني تمطعت في برنامج مصري أصلي وقلت بالفم المليان وبجرأة أحسد عليها إن أغنية زحمة يا دنيا زحمة للعم عدوية من ألحان حسن أبو السعود، والحقيقة أنها ألحان العبقري هاني شنودة، وأنا لدي حساسية أن تسلب الآخرين نجاحهم وهذا ما فعلته بدون قصد، لكن رب ضارة نافعة، فالكتابة عن الفنان هاني شنودة فكرة تصحو بداخلي كل فترة ثم تضيع في زحام الحياة، وحماسي لهذا الرجل ينبع من كونه صاحب نقلة حقيقية في الموسيقي المصرية لكنه لم يحصل من التكريم علي مايوازيها في القوة. هاني شنودة واحد من ملحنين قلائل كان رفيق مشوارهم شعراء كبار بقامة صلاح جاهين وسيد حجاب وعبد الرحيم منصور، وفي الوقت الذي كان يصنع مجدا جديدا لأحمد عدوية بأغنية زحمة يا دنيا زحمة التي تصلح الآن كسلام جمهوري يناسب حياتنا اليومية، في الوقت نفسه كان يعيد تقديم الفنانة الكبيرة نجاة بواحد من أعظم ألحانه «أنا باعشق البحر» هذا اللحن الذي ستعجز عن معرفة سر حلاوته وثبات تأثيره في النفوس بالرغم من مرور عشرات السنوات عليه ثم لحن «باحلم معاك»، وعلي هامش هذا النجاح كان يخطط لتنفيذ نصيحة العالمي نجيب محفوظ له بتكوين فرقة غنائية تقدم أغنيات مصرية حديثة فأصبح الرائد في هذا المجال بتجربة فريق «المصريين» الذي كان صلاح جاهين هو الراعي الرسمي له وكان نشيد الفريق الرائج وقتها «ماتحسبوش يا بنات إن الجواز راحة» وهو سلام جمهوري آخر يناسب أيامنا بخلاف زحمة يا دنيا زحمة. وكان هاني شنودة يمتلك من فائض الموهبة ما يجعله يشارك في صناعة أهم علامتين للغناء في مصر الحديثة، محمد منير وعمرو دياب، كان يقف بموسيقاه خلف تجربتين من أحلي تجارب الكينج منير «علموني عينيكي.. ولحن فيه 4 أغنيات ووزع الألبوم كاملا، وبنتولد.. وكان كله من ألحانه وتوزيعه»، وقدم مع عمرودياب الذي استمع إليه في حفل صغير في بورسعيد ألبوم يا طريق، وفي الوقت نفسه كان يعيد تقديم الكبيرة فايزة أحمد بشكل جديد في أغنية دافئة مبهجة اسمها «علي وش القمر» وأغنية «دنيا جديدة». كانت فترة مهمة في تاريخ الموسيقي في مصر، كانت النقلة في الشكل حتمية لكنها كانت مسئولية كبيرة لم يتصد لها أحد صراحة لكن شنودة فعلها بقوة، بعدها هجر عالم الأغنيات ببطء بعد اعتزال مطربة المصريين إيمان يونس ورحيل صلاح جاهين ثم عبد الرحيم منصور ثم تحسين يلمظ شريكه في تجربة المصريين، ثم تفرغ لعالم الموسيقي التصويرية وقدم شكلا جديدا أيضاً في أفلام مثل «المشبوه وغريب في بيتي وشمس الزناتي ومسجل خطر والمولد والغول والحريف». شكرا للأستاذ صلاح الدالي الذي منحني بيقظته الفرصة لأن أعطي هذا الفنان جزءاً من حقه، فبقدر ما ملأ شنودة حياتنا بالموسيقي الجميلة بقدر ما ملأ الإعلام المصري سيرته بالصمت المريب.