.. كدموع العين، حين يصيبها القذي، كعرق الجلد حين تلفحه الشمس، كخفقان القلب المثقل بالأوجاع.. هكذا، وعلي غرار كل ما سبق تنطلق في السادسة مساء اليوم حملة شباب الغد وشباب مصر «مصر أكبر بكثير» التي تنطلق من مقر الغد بميدان طلعت حرب.. في مواجهة الحملة المسماة- زوراً وبهتاناً- الحملة الشعبية لدعم جمال مبارك «مبارك.. لمصر»!! .. مصر أكبر من أن تخرج حملة من شعبها، للضغط علي جمال مبارك كي يقبل أن يشرفنا بوراثته لنا!! ويتواضع بقبوله أن يحكمنا كما حكمنا والده من قبله!! .. لا قِبل لنا أن نحتمل هذا الهزل الثقيل، وهذا العبث المهين لعقولنا وكرامتنا والذي يذكرنا بزمن الجواري في قصور السلاطين عندما تخر الجارية علي ركبتيها لتتوسل إلي السلطان الجديد ليستمر في ملكيتها، بدلاً من أن تطلب منه حريتها! .. أسوأ ما تحمله رسالة الحملة «المشبوهة» المدُعي بأنها «شعبية»، أنها تبدأ مهمتها بلعق حذاء السيد جمال مبارك ب 5 ملايين توقيع «موهوم» بهدف إقناعه بالقبول بنقلنا من عصمة والده لعصمته!! دون شرط أو قيد، أو حتي إلزامه شكلياً أو أخلاقياً بإصلاحات مُستحقة يلتزم بها إذا تحقق له حلمنا بحكمنا!! .. كان يمكن ألا تستنفرنا مثل هذه الحملة، إذا كان هدفها الترويج لمرشح أو أن نقبل بجمال حاكماً لنا أو حتي ملكاً علينا، بشروط ملكية أفضل!! لكن أن تكون أعظم وأجل أهداف الحملة الشعبية المزعومة هي أن يقبل هو بحكمنا، فهذا ما لا يمكن قبوله أو مروره دون رد فعل مساوٍ لحجم الفعل المشين والمهين لكرامتنا كأمة أكبر من أن تلعق حذاء جمال كي يقبل أن يحكمها دون أن تشترط عليه حتي أن يغسل يديه قبل الأكل أو بعده!! .. وحتي لا يقول أحد: وما ذنب الرجل في هذه الجليطة أو الغباء السياسي الذي وقع فيه عدد من الأشخاص المتطوعين ممن قد لا يكون جمال مبارك يعرفهم أو سبق له اللقاء بهم؟! .. ورغم وجاهة السؤال «ظاهرياً» فإنه في الحقيقة سؤال «استعباطي» يتجاهل حقيقة مهمة مفادها أننا في مصر!! وأن أحداً في هذا الوطن لا يستطيع أن يفعل ما فعلته هذه المجموعة في ساعات من طباعة صور وملصقات وتوزيعها علي مختلف المحافظات ووضعها في الميادين والشوارع دون قبول وترحيب ومساعدة علي التنفيذ من قِبل السلطة وأجهزتها الأمنية!! .. أذكرمنذ عدة أيام أنه تم إلقاء القبض علي الزميل «ناصر عبدالمجيد» من الجمعية الوطنية للتغيير أثناء نزوله من مقر حزب الغد وعبوره الشارع، حاملاً في يده علم مصر، وذهبنا إلي قسم شرطة قصر النيل للتعرف علي أسباب القبض عليه فكانت المفاجأة أن السبب الوحيد أنه كان يسير في الشارع بعلم مصر!! وليس بصورة لشخص يطالبه بالترشح لرئاسة الجمهورية دون علمه!! .. إجابة أخري عن السؤال «الاستعباطي» سالف الذكر مصدرها هذه المرة تصريح رسمي من لجنة السياسات نشرته الزميلة «الشروق» في عدد أمس الأول- الجمعة- قالت فيه علي لسان مصدر كبير بلجنة السياسات: إن جمال لم يطلب من أحد تعليق صوره ولن يلوم أحداً علي القيام بذلك «!!» .. بهذا الوضوح تقول لجنة السياسات إن جمال لن يلوم أحداً علي القيام بذلك! فهل يُفهم من هذا القبول أم الرفض للحملة؟! .. كما أن الإفصاح عن أن جمال لن يلوم من يقوم بذلك.. ألا يشف عن تشجيع لهذه الحملة العبثية وتحمل للمسئولية السياسية عن الرسالة التي وجهتها والغاية التي تغيتها؟! .. الأمر جد خطير بدلالة أن رئاسة الجمهورية ذاتها نشرت تصريحاً علي لسان مسئول بالرئاسة ظهر في قلب وحضن التصريح السابق للجنة السياسيات، قال فيه إن الرئيس هو المرشح لعام 2011 وحالته الصحية في 2010 لن تعوق ترشحه في 2011، كما لم يعق إجراء عملية جراحية له عام 2004 قيامه بحملة انتخابية «نشيطة» وفقاً لوصف المصدر الرئاسي عام 2005!! .. إذن فإننا لا نتوهم شيئاً ولا نتوحم علي معركة مع جمال مبارك، بل نلبي نداء الوطن الذي يجعلنا ننادي كل القوي الشريفة والوطنية في مصر أن تقف معنا ومع حملة شباب الغد في مواجهة حملة جمال، وهو ما بادرت به حركة كفاية والحزب الدستوري الحر والجبهة الشعبية الحرة وغيرها من القوي السياسية. .. اليوم وكل يوم سنقول: لا للتوريث كما قلنا: لا للتمديد، ودفعنا ثمنها غالياً، وسنقول: مصر أكبر من جمال أو من أن تُورث لجمال.. كونوا معنا اليوم في تدشين الحملة وانضموا إلي موقعها علي الإنترنت والفيس بوك لنقول جميعاً: «مصر أكبر منه بكثير».