استمرار حصار مدرعات الشرطة لقري الوسط واعتقال بعض أبناء المنطقة يثير الشك لدي البدو حول رغبة الحكومة في إنهاء التوتر الشرطة تعيد تقييم استراتيجياتها الأمنية في القبض علي المطلوبين وتعتبر الاشتباكات الماضية بالون اختبار لمعرفة مدي تسليحهم «الداخلية» تحاول تهدئة الأوضاع الأمنية بسيناء بالإفراج عن المعتقلين في الوقت الذي تسعي الحكومة لتهدئة الأوضاع الأمنية بسيناء بعد سلسلة من الاشتباكات المسلحة العنيفة من خلال توفير فرص جديدة للعمل والإفراج عن المعتقلين كمطلب حيوي من مطالب البدو، مازال البدو متشككين في حسن نوايا الحكومة لإنهاء هذا التوتر خاصة مع استمرار حصار مدرعات الشرطة لقري الوسط ووجود بعض حالات الاعتقال الفردية التي تقوم بها الشرطة بين الحين والآخر. يقول سالم السويركي، أحد أبناء البدو: «بالطبع جميع البدو هنا لديهم سعادة غامرة بعمليات الإفراج التي تتوالي عن المعتقلين منذ لقاء المشايخ بوزير الداخلية، كما أن هناك حالة من الارتياح العام بين معظم بدو سيناء بعد أن ساد الهدوء معظم مناطق الوسط خاصة مع بدء الإفراج عن المعتقلين وتوقف حملات المداهمات التي كانت الشرطة تقوم بها بالمنطقة». ويضيف أن البعض مازال متشككا في نية الحكومة لإنهاء التوتر خاصة مع استمرار حصار مدرعات الشرطة لقري الوسط وعمليات الاعتقال التي تتم لبعض البدو بشكل فردي وعلي فترات متباعدة. وتحاول الحكومة تهدئة الأوضاع الأمنية بسيناء حيث أفرجت حتي الآن عن نحو 114 معتقلا وتقول إن هناك 200 معتقل آخرين يتم دارسة ملفاتهم تمهيدا للإفراج عنهم أو تقديمهم للمحاكمة، فيما يقدر البدو عدد المعتقلين منهم بنحو 450 معتقلاً في مختلف سجون ومعتقلات مصر. ويقول البدو إنهم سيواصلون النضال السلمي حتي يتم الإفراج عن جميع الذين اعتقلتهم الشرطة سياسيا وجنائيا أو تقديمهم لمحاكمة عادلة. ويقول مسعد أبو فجر، الناشط السيناوي المفرج عنه مؤخرا: «لدينا سبعة مطالب منذ عام 2007 لم يتحقق منها شيء حتي الآن ، لكن مطلبنا الأول والأهم سيكون الإفراج عن جميع المعتقلين حتي تثبت الحكومة حسن نواياها تجاه تحسين أوضاع البدو ، بعدها ستكون لنا مطالب أخري وهي ليست صعبة التحقيق». ويضيف أبو فجر أن ما يتم الآن من اعتقال البعض علي الرغم من الإفراج عن عدد كبير من المعتقلين وهو ما يعتبره تطوراً كبيراً في وجهه النظر الأمنية لسيناء وهو عمل مباحثي بحت وليس عمل أمن. وعلي الرغم من الهدوء النسبي الذي يسود قري الوسط منذ عدة أسابيع فإن البعض متخوف من عودة الاشتباكات من جديد، خاصة مع إصرار الشرطة علي ضرورة القبض علي المطلوبين لصدور أحكام قضائية واجبة النفاذ ضدهم وتورط بعضهم في قتل ضابط شرطة وجندي خلال تهريب سالم لافي من سيارة الترحيلات في فبراير الماضي، وبعد ما يتردد من أن الإفراج عن المعتقلين يأتي في إطار خطة من الشرطة لتحييد القبائل البدوية، والضغط عليها لتسليم المطلوبين بعد أن تكون الداخلية قد استجابت لمطالبهم، والتي كان علي رأسها الإفراج عن المعتقلين. وحاولت الشرطة رفع حماية رجال القبائل عن من تصفهم بالمطلوبين عن طريق ما يعرف ب«التشميس»، مثلما فعلت مع أعضاء تنظيم التوحيد والجهاد الذي نفذ تفجيرات سيناء؛ إلا أنها فشلت في ذلك نظرا لما يتمتع به المطلوبون من علاقات قوية مع رجال القبائل ولنفوذهم القوي في وسط سيناء. ومازالت المخاوف من تجدد الاشتباكات المسلحة تسيطر علي سكان قري الوسط ويري البعض أنها قد تكون الأعنف، لأنها تستهدف القبض علي المطلوبين. ويري بعض المراقبين أن الاشتباكات التي وقعت بين البدو والشرطة خلال الفترة الماضية كانت أشبه ب «بالون اختبار» تقوم به الشرطة لمعرفة مدي تسليح المطلوبين الذين أشهروا وللمرة الأولي رشاشات ثقيلة (500 ملليمتر)، و آر بي جي علي متن شاحنات دفع رباعي. ويؤكد المراقبون أن المشهد الأمني بسيناء مازال مفتوحا أمام كل الاحتمالات خاصة أن مشكلة الأحكام الغيابية مازالت موجودة ومن الصعب التوصل إلي حل فيها؛ فإعادة النظر في هذه الأحكام يحتاج إلي أن يقوم كل من صدرت ضدهم أحكام بتسليم أنفسهم ، وهم يؤكدون من جانبهم أنهم يخشون من أن يتم اعتقالهم وإلا يقدمون للمحاكمة. وعلي الرغم من وعود وزير الداخلية بتخفيف الإجراءات الأمنية عند جسر قناة السويس مازالت هذه الإجراءات مشددة حيث يتم إجبار سائقي الشاحنات علي تفريغ حمولتها عند اجتيازها الجسر للتفتيش وهو ما يتسبب في امتناع العديد من التجار عن إرسال بضائعهم إلي سيناء نتيجة الوقت الطويل الذي تستغرقه سيارات النقل للمرور- علي الرغم من حمل قائدي السيارات للوثائق الدالة علي مصدر البضائع والسلع-؛ مما يتسبب في ارتفاع الأسعار بشكل ملحوظ. وأعلنت الحكومة المصرية عن مشروعات جديدة بسيناء في محاولة للاستجابة لمطالب البدو بعد أن هدد المطلوبون بتفجير المنشآت الحيوية بالمحافظة، وقيامهم بمسيرة بالشاحنات الصغيرة طافت قري الوسط ومرت أمام الحواجز الأمنية للشرطة ومدرعاتها عند ميدان الماسورة في استعراض للقوي وللتأكيد علي أنهم يمثلون عددا كبيرا من البدو وليسوا فئة صغيرة. وتشمل المشروعات التي تم الإعلان عنها شركة للخدمات البترولية، وهي أول شركة لتقديم جميع الخدمات البترولية للمشروعات والأنشطة البترولية المختلفة الموجودة في سيناء. كما أكدت الحكومة أن الشركة التي ستحمل اسم «سيناء للخدمات البترولية» ستيتح فرص عمل عديدة بها لأبناء المحافظة، وتمثل 50% من العاملين بها. وقال المهندس سامح فهمي - وزير البترول- إنه في إطار توفير المزيد من فرص العمل لأبناء سيناء تم تأسيس شركة سيناء للغاز للإسراع في توصيل الغاز الطبيعي لجميع مدن سيناء حيث وصل الغاز إلي محطات كهرباء عيون موسي وشرق التفريعة والعريش وكذلك تم توصيل الغاز لمصنعي أسمنت سيناء الرمادي وأسمنت شمال سيناء. وقال فهمي إن الرؤية الاستراتيجية الحالية لقطاع البترول تستهدف تنمية سيناء بترولياً وغازياً وتعدينياً من منطلق المصالح الوطنية العليا، مشيراً إلي أن ثروة سيناء من البترول والغاز والثروات المعدنية الأخري قضية أمن قومي لسيناء في البوابة الحدودية لمصر من جهة الشرق والعمران والتنمية والعمل الدءوب المستمر. وفي الإطار نفسه عقد بمدينة دهب بجنوبسيناء مؤتمر تحدث فيه محافظ جنوبسيناء عن العشرات من مشروعات التنمية المقرر إقامتها بسيناء ومنطقة قناة السويس. وتعهد محافظا سيناء (شمال وجنوب) خلال المؤتمر بإقامة عدد من المشروعات الاستثمارية التي تهدف إلي توفير فرص عمل جديدة بسيناء. وغالبا ما اتسمت العلاقة بالتوتر بين البدو في سيناء والدولة وازدادت سوءا منذ أن ألقت السلطات القبض علي مئات البدو من الشبان في أعقاب تفجيرات في منتجعات بسيناء قبل خمس سنوات. وزادت وتيرة الاشتباكات في الأسابيع الأخيرة مع بحث السلطات عن هاربين من البدو صدرت ضدهم أحكام غيابية بالسجن ومن بينهم بعض الذين هربوا في كمين لسيارة ترحيل السجناء في فبراير. ويشكو البدو من الإهمال من جانب الحكومة المصرية ويقولون إن المصاعب الاقتصادية الشديدة دفعت أولادهم إلي التهريب والأنشطة الإجرامية الأخري. وتطارد الشرطة المصرية لافي، الذي تمكن من الفرار من قبضتها في شهر فبراير الماضي بعد هجوم مسلح نفذه عدد من أتباعه علي سيارة الشرطة، حيث قتل في الهجوم ضابط شرطة ومجند وأصيب اثنان آخران. وتقول الشرطة إن المطلوبين صدرت ضدهم أحكام قضائية واجبة النفاذ وأنهم أصبحوا يشكلون خطرا علي المنشآت الحيوية بسيناء وأن حملات الشرطة لن تتوقف، وأن القوات المشاركة في هذه الحملات تواجه بإطلاق النار بغزارة فور دخولها المناطق البدوية، مما يضطرها إلي الاشتباك مع مصادر النيران.