فيما يبدو اتجاها للتهدئة، بدأت بوادر تهدئة بين بدو سيناء والشرطة، لإنهاء حالة التوتر الأمني التي تخيم علي قري وسط سيناء منذ فترة، في الوقت الذي تراجعت فيه حدة حملات المداهمات التي تقوم بها الشرطة، مع استمرار حصارها لقري الوسط بأعداد كبيرة من الجنود والمدرعات. وقال موسي الدلح، أحد المطلوبين أمنياً وينتمي إلي قبيلة الترابين، أن هناك اتصالات تتم بينهم وبين الشرطة عن طريق عدد من الشيوخ الموثوق بهم وبعض أعضاء مجلس الشعب للتوصل إلي اتفاق ينهي حالة التوتر الحالية بالمنطقة. وأضاف: البدو لن يحاربوا الدولة.. ونرغب في تحقيق مطالبنا فقط، وأكد الدلح أن حالة التوتر الحالية لن تفيد الطرفين. وأوضح أن البدوعرضوا مطالبهم في المؤتمر الذي عُقد يوم الخميس - رغم الحصار الأمني- مؤكداً أنهم ينتظرون الاستجابة لهذه المطالب. ويطالب البدو بالإفراج عن جميع المعتقلين من أبناء سيناء، وعلي رأسهم مسعد أبو فجر- الناشط السيناوي ورئيس حركة «ودنا نعيش»- التي تطالب بحقوق البدو، والناشط البدو يحيي أبو نصيرة، وإبراهيم العرجاني، والتحقيق مع الضباط الذين اتهمهم أبناء سيناء بالتورط في قتل ثلاثة منهم العام قبل الماضي ودفنهم في الرمال، ووقف حملات الدهم ورفع الحصار الأمني عن قرية وادي العمرو، والمناطق المحيطة بها، بالإضافة لإعادة التحقيق في جميع القضايا والأحكام الغيابية التي صدرت ضدهم، ووضع قري الوسط في خطط تنموية عاجلة، والاعتراف بملكية الأراضي داخل سيناء، بالإضافة لتحسين معاملة أبنائها علي الحواجز الأمنية، وتيسير إجراءات التفتيش عند جسر قناة السويس ونفق الشهيد أحمد حمدي. من ناحية أخري، أكد شهود العيان بمنطقة وادي العمرو أن حملات المداهمات والمواجهات بين الشرطة والبدو قد بدأت تتراجع وأن المنطقة لم تشهد أي اشتباكات مسلحة خلال الساعات الماضية. وأضافوا أن مدرعات وعربات للشرطة مازالت تتمركز علي حدود القري البدوية بوسط سيناء دون أن تشن أي مداهمات علي المنازل، في حين يتحصن البدو الذين تصفهم الشرطة بالمطلوبين في أماكن جبلية عالية بوادي العمرو لكشف تحركات الشرطة في المنطقة. وقال مصدر داخل محافظة شمال سيناء: إن هناك جهات عديدة بدأت في التدخل لتهدئة الأوضاع في مناطق الوسط بعد زيادة التوتر ومحاولة البعض إشعال الوضع بسيناء من خلال قيام مجهولين بإحراق إطارات سيارات قرب خط تصدير الغاز الدولي، رغم نفي البدو مسئوليتهم عن ذلك. وأضاف أن شيوخ القبائل نقلوا الموقف كاملاً للواء حبيب العادلي- وزيرالداخلية- خلال لقائهم به يوم الثلاثاء الماضي، وأكدوا لهم في اللقاء أنهم مع الشرعية؛ إلا أنهم طالبوا بتخفيف حدة الإجراءات الأمنية ضد البدو والإفراج عن عدد من المعتقلين الذين لم يثبت تورطهم في أي قضايا. وقال بعض المسافرين إلي شمال سيناء عبر جسر قناة السويس، إن المعاملة قد تحسنت قليلاً علي الجسر بالنسبة للسيارات التي تحمل لوحات شمال سيناء، إلا أن عمليات التفتيش والتدقيق مازالت تتم بشكل كبير علي بعض الحواجز الأمنية في الطريق للعريش. وقال مصدر أمني إن أجهزة الأمن المتمركزة عند قري الوسط تنتظر تعليمات جديدة، ولا تفرض حصاراً حولها حيث يتحرك البدو في المنطقة بحرية كاملة. وأضاف أنه تم نقل مطالب «المطلوبين»- وهي ليست جديدة- إلي القاهرة لبحثها. وكان المئات من بدو سيناء قد احتجوا مساء الثلاثاء علي عدم التوصل لنتائج ملموسة لصالحهم خلال لقاء الشيوخ بوزير الداخلية، وانتقل البدو المشاركون في مسيرة احتجاجية مساء الثلاثاء من قرية إلي قرية في شاحنات صغيرة وعربات، وأكدوا أن الشيوخ الذين اجتمعوا مع حبيب العادلي- وزيرالداخلية- لا يمثلونهم وأن الاجتماع لم يتوصل إلي جديد فيما يخص الأزمة القائمة بينهم وبين الشرطة. يأتي ذلك كنتيجة للتوتر الذي يسود العلاقة بين بدو سيناء والدولة علي مدي السنوات القليلة الماضية، وهو التوتر الذي تصاعدت حدته بعد أن ألقت أجهزة الأمن القبض علي المئات من شباب القبائل في أعقاب تفجيرات في منتجعات بسيناء قبل خمس سنوات، وزادت وتيرة الاشتباكات في الأسابيع الأخيرة مع بحث السلطات عن هاربين من البدو صدرت ضدهم أحكام غيابية بالسجن، ومن بينهم بعض الذين هربوا في كمين لسيارة خاصة بترحيل السجناء في فبراير الماضي.