كان برما يجلس وأمامه تل من الجرائد والمجلات عندما دخلت عليه عند خالد الكوافير حسب موعدنا، سألته عما لفت نظره في كل هذه المطبوعات فقال : حسن شحاتة مازال متمسكا بنظرته الأخلاقية للأمور حتي عندما حلل أسباب خروج الأرجنتين من المونديال لم يتحدث عن فنيات، بل أرجع السبب لأخلاق مارادونا ونرجسيته..موضوع الأخلاق ينفع معانا إحنا لكن أخلاق إيه ومارادونا أساسا لابس فردة حلق في ودنه اليمين، قلت له : أنا من أنصار نظرية شحاتة..قال الشاعر: إنما (الأمم) الأخلاق ما بقيت.. يعني ماحدش هياخد كاس (الأمم) إلا بالأخلاق وده اللي حصل معانا 3 مرات، ثم إن الأزمة الكبري في مجتمعنا أزمة أخلاق..هل تابعت أحدث كليبات الشرطة الذي يضرب فيه عميد شرطة فتاة ؟.. لقد انتصرت بداخل هذا الرجل أخلاق البدلة الرسمية علي أخلاقه كرجل مصري شرقي قد يحكم علي نفسه بقطع يده قبل أن يمدها علي واحدة في عمر بناته بهذا العنف، لقد أصبحت بعض بدل الشرطة محملة بفيروس يتلف في ضمير مرتديها كل ملفات الضمير والإنسانية (لا أنكر أن هناك بدلاً نظيفة محملة بأنتي فيروس) ، قال برما : معاك حق لم يمر علي رحيل خالد سعيد أسابيع حتي تكررت المأساة في المنصورة مع محمد صلاح قائد التوك توك الذي يرقد بين الحياة والموت بعد أن وقع في أيدي 2 مخبرين، قلت له : هو بلع التوك توك واتحشر في زوره ولا إيه؟، ابتسم برما لكنه سرعان ما استعاد ملامح الكآبة مرة أخري، شعرت أنني عكرت عليه صفو النفحة السماوية، فحاولت تغيير الموضوع فقلت له : شفت موضوع الأخطبوط الألماني الذي كان يتنبأ بنتائج ماتشات ألمانيا في المونديال؟فأجاب بالنفي، فقلت له: أخطبوط اسمه باول يضعونه في حوض كبير وقبل المباراة يقدمون له الطعام في علبتين، الأولي عليها علم ألمانيا والثانية عليها علم البلد المنافس، والعلبة التي يختارها يفوز البلد حامل علمها، كانت توقعاته كلها مضبوطة حتي عندما اختار علبة صربيا فازت صربيا، وفي قبل النهائي اختار علبة إسبانيا ففازت، الأمر الذي جعل الأخطبوط يفقد شعبيته وجعل الألمان يقولون إنه هو سر الهزيمة، وطالبوا بوضعه في حوض لأسماك القرش، قال برما : حملوا الأخطبوط الهزيمة مثلما حملناها نحن لبلطجية الجزائر، ومن المحتمل أن يتقدم الألمان بشكوي للفيفا ضد الأخطبوط وقد يقرر الفيفا نقل المباراتين القادمتين للأخطبوط إلي بحر الظلمات.. يا عم دي عالم مجانين، ضحكت أنا وكل الموجودين في المحل واستعاد برما بعضاً من بريقه فسألته ثانية عن المطبوعات المتراصة أمامه. فقال: مجلة «المصور» وقعت في سقطة لا تليق بتاريخها، من المتوقع أن تهاجم الصحف القومية البرادعي، لكن «المصور» فاقت كل التوقعات وهي تنشر موضوعاً عنه محملا بصور كاريكاتيرية مبتذلة وضعته مكان محمد سعد علي أفيش فيلم «كتكوت» ومكان عادل إمام علي أفيش مسرحية «الزعيم» مع صورة لمظاهرة تحمل صورته وتهتف له «بالروح بالدم تتبعتر ولا تتلم»، لقد دخلنا في مرحلة عبثية وأتوقع معاملة أسوأ للبرادعي وأخشي عليه من اتنين مخبرين يحاصروه ويخلوه يبلع نضارته. بدأ الجو يتكهرب في المحل ليس بسبب سيرة البرادعي، ولكن بسبب سيرة المخبرين، لاحظ برما ما يحدث فسألني بصوت عالٍ: شفت حوار أبو العباس محمد مع رئيس المجلس القومي للشباب في «الأهرام»؟، هنا هدأت الأجواء فلا سيرة زميلي العزيز أبو العباس ولا رئيس المجلس الذي أتحداك أن تكون واحداً من خمسين شابا في البلد يعرفون اسمه تثير أي بلبلة، لكن الحوار هو البلبلة في حد ذاتها، قال برما: رئيس مجلس الشباب صفي الدين خربوش في البداية نفي فكرة عزوف الشباب المصري عن المشاركة في العمل السياسي، وقال إن السياسة ليست صناديق الانتخابات التي يتجاهلها الشباب، فالتعبير عن الآراء عن طريق الفيس بوك مشاركة، ثم عاد وقال إن شباب مصر الحقيقيين ليسوا علي الفيس بوك (ربما يكون محقاً، فشباب مصر الحقيقيين علي متن زوارق مطاطية للهرب من البلد)، ثم قال إن شباب مصر الحقيقيين في الأقاليم (ومن أشهرهم محمد صلاح بتاع توك توك المنصورة)، الرجل قال إن حرية العمل السياسي مكفولة للشباب في كل مكان، ثم قال نحن ضد فكرة ممارسة العمل السياسي في مراكز الشباب، ثم عاد وقال إن هناك أكثر من 1500 شعبة لبرلمان الطلائع في مراكز الشباب، وجار تعميمها (معرفتش أصدق أنهي جملة من ال3 اللي فاتوا )، تبرأ الرجل من علاقته ببطالة الشباب وقال نحن لسنا جهة تشغيل، لكنه في نهاية الحوار أكد أن المجلس يقوم بعمل دورات تدريبية للفتيات الراغبات في العمل كجليسات أطفال بالتعاون مع إحدي الجمعيات التي اشترطت عليها أن توفر فرص عمل للفتيات بعد الدورة التدريبية... مش عايز أظلم الراجل، بس مش عارف من فين جالي إحساس إنه بيقول أي كلام وخلاص. قلت له : يا برما أنت عمرك ما كنت ظالم، فقال لي : معاك حق..أنا غلبان وعلي قد حالي والظلم ده عايز إمكانيات.