علَّقت مسبقا على المدارس المهنية والمسمَّاة ب«الصنايع»، وقلتُ لا أعلم أصل الكلمة، أهى من «الصناعة» أم «الصياعة»؟ (هذه حقيقة وليس للسخرية). فالالتحاق بمِثل هذه المدارس دليل على فشل التلميذ بتحصيل المجموع الكافى للالتحاق بالثانوى العام الحكومى، وأيضا عدم استطاعة أهله أن يلحقوه بالثانوى العام فى إحدى المدارس الخاصة، وبعد هذا تريد أن يخرج من هذه المدارس جيل للتنمية! وتساءلت: هل يوجد فى مصر تعليم فنى؟ وهو إحدى ركائز التقدم والنمو وليس التعليم الأساسى والجامعى فقط، كما يعتقد البعض، ولكن الدولة الممثلة فى الحكومات المتتالية لا تكترث بغير التعليم الأساسى والثانوى والجامعى! إحدى طرق حل مشكلة التعليم هى حل مشكلة التعليم الفنى (يا متعلِّمين يا بتوع الوزارات). قبل سرد بعض الحلول، يجب ذكر الآتى:
أولا: هل لدينا العمالة المؤهلة لإدارة وتشغيل محطات أو مشاريع الطاقات المتجددة (الشمسية والرياح) فى المستقبل لحل مشكلة الطاقة، حيث يدّعى أنها ستصل حصتها من توفير الطاقة الكهربائية إلى 20% عام 2020 (رغم صعوبة تحقيق هذا بالنسبة إلى الوضع الحالى).
ثانيا: هل يوجد العدد الكافى المؤهل لإدارة وتشغيل مصانع تدوير المخلفات (52 مصنعا حاليا، و85 على أقل تقدير من المفترض بناؤها لحل مشكلة المخلفات)؟
ثالثا: هل يوجد عدد كافٍ ذو كفاءة من الممرضات خريجات المدارس الثانوية المتخصصة؟ معظم مَن يعملْنَ فى التمريض غير حاصلات على مؤهل متخصِّص! زيادة عدد المدارس التمريضية بجانب الكليات المتخصصة هى مشروع لرفع وتحسين الخدمات الطبية، ألا يمكن أن تعمل الحكومة على التنسيق بين المستشفيات العامة والخاصة والوزارات المعنية لتنفيذ هذا؟!
رابعا: هل من الممكن أن ننشئ مدارس فنية متخصصة فى الأعمال الحرفية التى نشتهر بها، مثل الأرابيسك، والتى ستنقرض فى القريب العاجل؟ وهذا ليس من الرفاهية، لأن مثل هذه المدارس الفنية سيساعد على ازدهار هذه الأعمال التى من السهل تصديرها. هل تعلم لماذا زادت نسبة استيراد المربيات ومديرى المنازل من الأجنبيات (غير سوء المنتج المحلى ومشكلاته)؟ بالإضافة إلى أنها ظاهرة اجتماعية للدليل على التقدم والترقى فى الهرم المجتمعى، إلا أن فى إندونيسيا لا تستطيع المربية أو مديرة المنزل السفر دون الذهاب إلى مدرسة فنية لأخذ التصاريح للتأكد من كفاءتها (مرتب المربية الأجنبية فى المتوسط يقارب 50 ألف جنيه سنويا، يعنى لو إندونيسيا صدرت مليونَى عاملة فى السنة، ستجنى ما يقارب 1.5 مليار دولار سنويا).
رفع جودة التعليم الفنى سيحدّ من كثير من مشكلات الوطن، وعلى سبيل المثال وليس الحصر، البطالة (ارتفعت موخرا لتصل إلى 14%)، الفقر (الذى يزيد على 40%)، نسب التسرّب العالية فى التعليم (التى تختلف بالنسبة إلى المكان والمرحلة الدراسية).
الخطوات التى يمكن اتخاذها إن أردنا تطورا وتنمية: 1- إلزام المدارس الخاصة بقبول حدّ أدنى للثانوية العامة، وليس شرط النجاح فى الإعدادية.
2- ضمان العمل بعد التخرج مع إعطائهم كامل امتيازات العاملين من ضمان صحى واجتماعى والالتحاق بالنقابات المهنية وتسهيلات فى قروض شراء المنازل والزواج.
3- عدم السماح بالعمل فى بعض المجالات إلا بعد أخذ تصريح من الجهات المعنية.
4- تغيير اسم المدارس الفنية إلى أحرف إنجليزية مثل «SSC» (المدرسة الخدمية بالقاهرة)، أو «MSC» (المدرسة الطبية بالقاهرة)، وهذا فقط لتسهيل امتحان كشف الهيئة عند التقدم إلى الزواج (بجد وليس للسخرية).
5- الربط بين المدارس الفنية بالجامعات والمراكز البحثية إن أردنا الربط بين البحث العلمى والصناعى فى المستقبل.
6- رفع جودة التعليم الفنى من دراسة للغات والتكنولوجيا، وإعطاء بعض الحوافز لخريجيها من منح خارجية لاكتساب مزيد من الخبرات.
لقد قالها لنا جُوهرى الأفلام الثقافية «برايز»، لكننا لم نسمع له «دية منظومة مترتبة وده أهم سؤال فيها «النظام»!