«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعثة المنظمات الحقوقية العائدة من جنيف في"الدستور":مبارك عمره ماذكر كلمة "تعذيب"
نشر في الدستور الأصلي يوم 30 - 06 - 2010

سكرتارية الندوة : منه شرف الدين وعبد المجيد عبد العزيز وربا نور الدين
في الوقت الذي كانت بعثة مصرية رسمية تدافع وتجمل وجه مصر أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان قتلت الشرطة في نفس الوقت خالد سعيد الشاب السكندري الذي لم يكمل من عمره الثلاثين عاماً، ربما هذه رسالة متعمدة أن تصل لبعثة المنظمات الحقوقية المستقلة التي روت شهادتها عن أوضاع حقوق الإنسان في مصر أمام المؤتمر إنه «طظ» قولوا ماتشاءون بل قتلناه وأنتم هناك ونحن هنا نجمل صورة هذا النظام، ربما تكون رسالة النظام هي أن مصير أي مصري سيكون مصير خالد سعيد لو قدرك التعس وقعك تحت إيد مخبر في الشارع قرر أنه يتنطط عليك فيقتلك، ودخلت قسم شرطة والضابط فيه قرر أنه يعلقك فتموت منه أو إنك تتحول إلي معلومات كاذبة أمام الطب الشرعي.
» الدستور « استضافت في ندوتها كل من : علي حمدي الأسيوطي الخبير القانوني والمستشار القانوني للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان وأمين لجنة الحريات بحزب التجمع، ومعتز الفجيري، المدير التنفيذي لمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والمحامية روضة أحمد، الناشطة الحقوقية ومدير وحدة الدعم القانوني لحرية الرأي والتعبير بالشبكة العربية، وحسام بهجت، مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ورحمة رفعت، الناشطة بدار الخدمات النقابية والعمالية.
الدستور: بأي روح ذهبتم إلي جلسات المجلس الدولي في جنيف وبأي روح عدتم؟.
- روضة أحمد: لا نعقد دائما آمالا علي أداء الحكومة، ما أقوله إننا أحدثنا ضجة كبيرة في المجلس الدولي لحقوق الإنسان ضد الحكومة وأجبرنا الحكومة علي الموافقة علي توصيات كثيرة في مجال الحقوق والحريات. كنا راضين كملتقي منظمات حقوقية مستقلة عن هذا التأثير الذي أجبر الحكومة علي قبول مصر 119 توصية. بعدها طرحنا فكرة حملة ال 100 يوم. كانت الحملة مهمة لرصد جميع الانتهاكات خلال الفترة من فبراير لمايو الماضي. وفضحنا إدعاءات الحكومة التي تطبق عكس ما تقول. وعن الجزء المتعلق بحرية الرأي والتعبير، كشفنا أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان قبل أيام في جنيف زيادة عدد الانتهاكات التي تعرضت لها حرية الرأي والتعبير واستمرار حبس الصحفيين وتطبيق قانون الطوارئ ضد المدونين رغم وعد الحكومة بالإفراج عنهم بعد التمديد الأخير لقانون الطوارئ.
قلت مداخلة أعتقد أنها شاملة ورد مفيد شهاب وقال: إن الحكومة تقبل النقد ولم ينف كلامنا أبدا، كان هو وحكومته في مأزق حقيقي أمام العالم.!
الدستور: فيما يتعلق بحرية الدين والمعتقد دائما الدولة تتحفظ علي فقرات داخل مواد ترفضها أو توصيات كاملة بدعوي «الخصوصية الثقافية والدينية".. هل الثقافة المصرية أو الدين ضد التطور وضد حقوق الانسان؟.
- حسام بهجت: برغم كل التدهور العام في حالة حقوق الإنسان في مصر أقدر أقول إننا بذلنا كبعثة ملتقي منظمات مجهودا كبيرا في جنيف. ليه؟ من أجل انتزاع بعض المكاسب المرحلية وتحقيق بعض الخطوات. ذهبنا لجنيف في فبراير حتي نحضر المراجعة وفي يونيو من أجل اعتماد تقرير نهائي للمراجعة بهدفين الأول أن نضع الحقائق أمام مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ونرد علي الأكاذيب التي قدمتها الحكومة وكانت مداخلة روضة أحمد مهمة جدا في هذه الجزئية، ذلك لان التقرير الحكومي ولثلاث مرات قال إنه يتحدي أن يوجد شخص واحد داخل السجن أو المعتقل. قلنا بوقائع محددة إن مسعد أبو فجر وهاني نظير مازالا معتقلين وفقا للطواريء وطارق خضر كان معتقلا وقتها، قلنا الحقيقة في وثيقة رسمية مختومة بشعار الأمم المتحدة، وهم قالوا الكذب في وثيقة عليها نفس شعار المنظمة الدولية. كشفنا إدعاءات بلد لديه علاقات عامة قوية ونشطة ووزارة خارجية كبيرة وفعالة.! والهدف الثاني كان انتزاع أكبر عدد ممكن من الموافقات الحكومية علي توصيات.
الدستور: شبعنا تعهدات بتحسين أحوال حقوق الإنسان ومفيش حاجة بتحصل في الواقع. لماذا يقول النظام كلاما نظريا جميلا ثم يفعل عكسه تماما؟.
- حسام بهجت: لأن السلطوية مدارس فهناك مدرسة مثل كوريا الشمالية وإيران وزيمبابوي ترفع شعار «طظ في العالم» ومش هنقبل دروسًا من أحد، وهناك مدارس سلطوية مثل تونس ومصر تقول إن العالم يحتاج لنا أكثر ما نحتاج له، وإحنا هنستفيد في علاقتنا الدولية من خلال وجودنا في المنظمات الإقليمية وغيرها والنظام أيضا يري أن جزءًا من أسباب استمراره هو الحفاظ علي صورته معتدلة ومتطورة أمام العالم. ومصر اختارت مدرسة من المدارس السلطوية المتاحة أمامها. لكن ما الذي يمكن انتزاعه في ظل «الأوضاع الهباب دي»؟. نحن نري أن ال 140 توصية التي قبلتها الدولة هي في حقيقة الأمر 35 توصية موضوعية فقط إذا حذفنا التكرار وجمعنا التوصيات المتشابهة سنجد فقط 35 إجراء جوهريًا. فبعض التوصيات لها علاقة بأن الدول العربية توصي مصر بأن تستمر في جهودها الخلاقة والرائدة في نشر ثقافة حقوق الإنسان!. عموما لو قدرنا ننتزع من الحكومة تنفيذ 10 منهم فهذا مكسب لنا وللناس فهذا أفضل بكثير من الرقم الصفر. وفعلا إحنا انتزعنا من الحكومة لأول مرة التزامها أمام العالم بأنها ستراجع تعريف التعذيب في قانون العقوبات بعد 15 سنة من المطالبة في الأمم المتحدة. وبالنسبة لي لو كان ذلك هو المكسب الوحيد واستفاد منه مثلا 4 ضحايا للتعذيب واستطاعوا حبس الضباط الذين عذبوهم خلال ال 4 سنوات المقبلة سوف أشعر أن جهدنا لم يذهب عبثا.!
معتز الفجيري: في البداية أؤكد أن الاستعراض الدولي الشامل حقق جدلا غير مسبوق في مصر علي قضايا حقوق الإنسان. لكن تحسين أحوال حقوق الإنسان في مصر ليست فقط مهمة المنظمات ولكنه دور المجتمع كله، لكن التحديات التي من الممكن أن نواجهها وتقلل كثيرا من فرص النجاح هي مسألة التحالفات الدولية للنظام المصري. وهذه مسألة معقدة، لأن النظام المصري له ثقل دولي وسياسي كبير جدا. لا يجب أن نفرح كثيرا بالتعهدات، لأن تاريخ الحكومة هو تاريخ إنكار التعهدات، مجرد قبول التوصيات لا يدعو للتفاؤل، كما أن الحكومة تخدع العالم بأنها تجلس وتتشاور مع منظمات المجتمع المدني، فنجد كثيرا الأوروبيين يسألوننا عن أخبار الحوار مع الحكومة.!
الدستور: الحكومة تجلس مع منظمات من صنعها كتلك التي تسمي نفسها منظمة حقوقية تدافع عن ضباط الشرطة؟!
- معتز الفجيري: فعلا، ومؤخرا في البرلمان الأوروبي، مسئول المفوضية بيقول إنه يحيي الحكومة علي حوارها مع المجتمع المدني، من غير ما يقيم الحوار ده كان إيه محتواه، وأيه شكله، حوار كله استعلاء وكبرياء وإنكار للانتهاكات وتشكيك في معلومات منظمات حقوق الإنسان، حوار غير ودي ولا توجد به تنازلات من الطرف الآخر. هذه نقطة تحد ستنعكس علي آلية الحكومة المقترحة لتنفيذ التوصيات.
الدستور: هناك من يري أن المجلس الدولي لحقوق الإنسان آلية ورقية تطبق الدول الكبري من خلالها سياساتها وتنفث من خلالها الديكتاتوريات في العالم غضب شعوبها من خلال المنظمات الحقوقية؟
- معتز الفجيري: خلينا نقول إن مسألة النفاذ في النظام العالمي لحقوق الإنسان عقبة كبيرة، وللأسف التوصيات التي رفضتها الحكومة بها جزء من الأمور المتعلقة بالنفاذية، مثلا البروتوكول الاختياري في اتفاقية التعذيب، يمنح الحق لخبراء التعذيب في أن يزوروا أقسام الشرطة وأماكن الاعتقال والاحتجاز. هذا تم رفضه بحجة أن هذا من اختصاص النيابة وأي تعد يعتبر تدخلا في شئون القضاء، مثلا الآليات الأخري التي تعطي المواطن المصري الحق في التقدم بشكوي للجان الدولية، تم رفضها أيضا، للأسف لدينا صدام بين سيادة الدولة بالمفهوم التقليدي وبين فكرة حقوق الإنسان كفكرة عالمية.
الدولة تتحفظ علي عدد من التوصيات بزعم أنها تخالف ثقافة المجتمع والتقاليد والدين. فهل التقاليد المصرية والدين ضد الديمقراطية وحقوق الإنسان؟.
- معتز الفجيري: مسألة الخصوصية الثقافية أمر مرهق، هناك ثلاث حجج قدمها المجلس القومي لحقوق الإنسان كمبرر لتطبيق قانون الطوارئ هي وجود الإرهاب والتطرف الديني وقلة الموارد المالية كمبرر لعدم القدرة علي إصلاح السجون، والحجة الثالثة ثقافة المجتمع، وهي حجة تقدم طوال الوقت، وهذه لعبة تمارسها الحكومة، فعندما نتحدث عن رغبة الحكومة في وضع قيود علي ازدراء الأديان فسيظن الناس أنها تحمي الدين، ولكن التطبيق الفعلي لهذه الخصوصية يصادر علي الحرية الدينية، وينتهك حرية الأقليات، ونجحت الدولة بالفعل في توظيف الخصوصية الثقافية علي المستوي الدولي فيها يتعلق بقضايا المرأة.
الدستور: هذا يدفعنا للتساؤل، هل وجود ضغط في الشارع تجاه مطالب لها علاقة بالحقوق والحريات يؤثر في أداء الدولة ويضطرها لتقديم تنازلات أمام المجالس الدولية؟.
- حسام بهجت: في اليوم نفسه الذي انعقد فيه مجلس حقوق الإنسان في جنيف لمناقشة الشأن المصري، كان إلي جواره منظمة العمل الدولية تناقش انتهاكات مصر لاتفاقية الحريات النقابية، ووضعت مصر علي قائمة الحالات الفردية وأعطتها مهلة زمنية لتعديل تشريعاتها النقابية، في نفس الوقت اللي فيه ناس في الشارع في إسكندرية والقاهرة خارجين في مظاهرات من أجل خالد سعيد، فنحن فعلا نتعامل مع نظام قوي، وسلطوي، ومفيش غير إنك تستخدم كل الأدوات اللي تخليه طول الوقت يدافع عن نفسه، هي المقاومة في الشارع. التعلية من سقف المقاومة طول الوقت يجعل الحكومة مزنوقة في ركن تدافع عن نفسها طول الوقت.
الدستور: نقدر نقول إنكم كبعثة منظمات استطعتم أن تعطلوا رغبة الحكومة في صرف انتباه العالم عن سجلها الحقوقي الأسود؟.
- حسام بهجت: اعتقد إننا بنبني علي جهود متوازية في وقت واحد، ماقدرش أقول إن مجلس حقوق الإنسان لوحده قدر يحقق حاجة واحدة، طول الوقت فيه خمسة أو ستة عناصر يتصادف وجودهما في وقت واحد فانتزع بهما مكسبا ما، كإطلاق سراح طارق خضر الذي أعتقد أنه حدث بمناسبة الضغوط الحقوقية الحالية، فلو قدرنا خلال الشهر القادم نطلع مسعد أبو فجر ونطلع هاني نظير أنا هاعتبر إن تعديلات قانون الطوارئ مش تعديلات ورقية.
الدستور: أيهما أسبق، المنظمات الحقوقية بدورها القانوني الداعم الذي تقدمه لحركات الشارع، أم الشارع هو الذي يسبق المنظمات بكفاحه من أجل الديمقراطية والحرية؟.
- حمدي الأسيوطي: الشارع طبعا، لكن لابد أن يكون هناك تكامل بين الاثنين، منظمات المجتمع المدني والشارع، فغضب الشارع غير كاف تجاه ما يحدث من تجاوزات من الأمن أو الحكومة ومنظمات المجتمع المدني، لا شك أن لها دورًا فعالاً لكن ما يفيد أكثر هو تحرك الشارع، يجب أن نغضب أكثر من هذا ونحتشد بشكل أكبر وأكثر تنظيمًا. للأسف عانينا في ال 30 سنة الأخيرة من تقلص دور الأحزاب وضعفها، تحت شعارات المواءمات السياسية والتزوير الفاضح للانتخابات والتزوير المعنوي الذي يحدث نتيجة تعيين بعض الأعضاء في الشوري مثلا، أو إنجاح بعض أعضاء أحزاب المعارضة بالتزوير وبالتالي تستطيع الحكومة أن تسيطر عليهم بشكل أو بآخر. وهذه كارثة سياسية لأن هؤلاء المعارضين يرفعون شعارات سميكة جدًا وينفذون بصفقاتهم من خلال خيط رفيع.!
الدستور: هل تعتقد أن النيابة تسهم في إفلات المجرمين من العقاب في جرائم من تلك التي تحدثت عنها؟
- حمدي الأسيوطي: بالطبع، فعندما يدخل من الباب الخلفي للنيابة العامة من هم دون الكفاءة أو ضباط شرطة سابقون يتعاملون بوصفهم ضباطًا وليسوا محققين وكذلك عندما يكون شخص تقديره «مقبول» ويتم تعيينه وكيل نيابة لأنه ابن مستشار فلا تكون لديه ثقافة قانونية جيدة، فيجمع بين سلطتي الاتهام والتحقيق. وهذا الدمج يفسد الأمور.
معتز الفجيري: بالنسبة لقضية خالد سعيد وبصرف النظر عن صحة أو عدم صحة تقرير الطب الشرعي فليس هناك مصري واحد يصدق هذا التقرير وهذا معناه أن هناك أزمة ثقة وأننا تحولنا إلي «جمهورية خوف». فأنت كمواطن ليست لديك ثقة في جهات التحقيق ولا في الطب الشرعي ولا في وزارة الداخلية التي من المفترض أنها تحميك. ودعونا نعترف بأن النيابة العامة ولعقود طويلة حمت جلادي حقوق الإنسان ودعونا نعترف أيضا بأن القضاء في مصر يحول نفسه تدريجيًا إلي سلطة مقدسة وأخشي أن تتحول مصر إلي «استبدادية قضاة» فهم يرفضون التعليق علي أحكامهم أو معارضتهم. وفي الوقت نفسه انتهي تيار الاستقلال في القضاء. وأعتقد أننا نتحول إلي نموذج سلطة قضائية أشبه بتلك الموجودة بالمغرب أو تونس.
الدستور: وهل نتوقع زيادة الانتهاكات التي تتعرض لها حرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير خلال العام والنصف العام القادمين تحديدًا لحساسيتهما السياسية؟.
- روضة أحمد: بالطبع سيزيد، الواقع لا يقول عكس ذلك، خاصة مع ازدياد الحراك السياسي الذي تشهده البلد. لدينا الآن صحافة مستقلة، ومدونون مستقلون ومبدعون وأحرار، بالإضافة الي ظهور أنواع جديدة من النشطاء السياسيين مثل شباب 6 إبريل وشباب الجمعية الوطنية للتغيير المؤيدة لمحمد البرادعي. فالذين تحركوا وحركوا قضية خالد سعيد هم شباب 6 ابريل في الإسكندرية أما منظمات حقوق الانسان فكان دورها لاحقا لفضح الانتهاكات ولكن المجهود كله ينسب للشباب الذين تخلصوا من الخوف واصبحوا يفكرون بمنطق «آخرتها هيعتقلونا يعني.. مش فارقة». وهذا تطور إيجابي ومحترم.
الدستور: هل يصيبكم أداء النيابة في قضايا الصحفيين والمدونين وأصحاب الرأي بالإحباط؟.
- روضة أحمد: للأسف، نحن نتعامل كأننا في قسم شرطة بالضبط. وفي أحد التحقيقات قابلت وكيل نيابة معاملته محترمة فصافحته وقلت له إنني ولأول مرة أشعر أنني أمام وكيل نيابة فعلاً وليس ضابط شرطة.!
معتز الفجيري: نعم، وعدم وجود قاض للتحقيق يجعل النيابة خصمًا وحكمًا بالإضافة إلي الصلاحيات الواسعة الممنوحة لها والتي ستزداد مع قانون مكافحة الإرهاب. فقانون الإرهاب الحالي سيسمح للنيابة باحتجاز الفرد لمدة تصل الي ستة أشهر دون العرض علي قاض أما القضايا الأخري فيكون الحجز فيها أربعة أيام ثم يتم العرض علي القاضي.
حمدي الأسيوطي: وكيل النيابة لا يملك القرار في قضايا الرأي العام ولا المحامي العام الأول وإنما القرار يكون في يد النائب العام ويقتصر دور وكيل النيابة وقتها في «س وج».
الدستور: رحمة رفعت، قبل سفرك لاجتماعات مجلس حقوق الإنسان ومنظمة العمل الدولية وقبل سفرك مباشرة كانت الشرطة المصرية تقمع عمال طنطا للكتان ما الذي طرحتيه هناك من انتهاكات الحكومة وما المكاسب التي عدت بها؟.
- رحمة رفعت: بداية أنا أري ان حق العمال في تكوين نقابتهم المستقلة هي القضية الأهم لأن غياب هذا الحق هو السبب في تردي أوضاع العمال الذين يمارسون حركة احتجاجية جيدة منذ ديسمبر 2006. وهم قوة حقيقية من حيث العدد والتأثير إلا أنها تعاني ضعف القدرة علي التفاوض لذلك تكون تكلفة الحصول علي المكاسب كبيرة. فعمال طنطا للكتان حصلوا علي حقوقهم بعد عام كامل من الاحتجاج في طنطا وفي القاهرة في الجلسة الأخيرة ناقشت تقارير أوضاع العمال في 2009 ولم نستطع مناقشة قضايا عمالية وقعت في 2010 مثل قمع الأمن لاعتصامات العمال أمام مجلس الشعب، المضحك والمدهش أن وزيرة القوي العاملة رفضت كل اتهامات المنظمات لها بانتهاك حقوق العمال، ووصفت منظمات حقوق الإنسان التي رصدت في تقاريرها هذه الانتهاكات بأنها «منظمات مشبوهة» ترسل تقارير ل «منظمات مشبوهة» قاصدة منظمة العمل الدولية التي تجلس أمامها وتستضيفها.!!
الدستور: كيف تري منظمة العمل الدولية مصر وأداء الحكومة المصرية فيما يتعلق بالحريات النقابية والعمالية؟
- رحمة رفعت: منظمة العمل الدولية وضعت مصر علي قائمة الحالات الفردية « قائمة سوداء» وهي المشكلات التي تعقد لها جلسات خاصة وتتم مطالبة الحكومة بتقديم تقرير تبرر فيه عدم التزامها بالاتفاقات وتم إدراج مصر علي القائمة هذا العام بسبب مخالفتها اتفاقية 87 الخاصة بالحريات النقابية وهي ليست المرة الأولي فقد أدرج اسم مصر في 2008 أيضا وكانت النتيجة قبول الحكومة باستقبال لجنة الدعم الفني ووظيفتها التنسيق مع الحكومة لجعل التشريعات المحلية تتطابق مع الاتفاقات الدولية ولاقت اللجنة عناء شديدًا من الحكومة التي اتبعت سياسة الموافقة ثم الإرجاء والمماطلة ولم يحدث أي تقدم.
الدستور: إلي أي مدي يسهم الحراك العمالي في الشارع في الضغط علي الحكومة بتطبيق توصيات دولية خاصة بالعمال؟.
- رحمة رفعت: جزء كبير من تسليط الضوء علي مصر هو الحركة العمالية القوية التي يشاهدها العالم كله فيعرف ان عمال مصر يعانون في وقت يذهب فيه أشخاص يدعون أنهم يمثلونهم إلي المحافل الدولية قائلين إن العمال بخير وإن المشكلة الوحيدة فقط أن يتم إدراج العمال تحت سيطرة اتحاد العمال الرسمي. العمال محرومون من تشكيل نقابتهم وهو ما يجب طرحه بشكل مباشر.
الدستور: في الفترة الأخيرة ظهرت ما يسمي بمنظمات «الجونجوز» في مصر والشرق الأوسط وهي منظمات شبه غير حكومية لكنها من صنع الحكومة.. ما خطورة مثل هذه المنظمات علي مجال الحقوق والحريات؟.
- معتز الفجيري: أول من نبه لهذا النوع من المنظمات في المنطقة كان الشبكة الأورو متوسطية. وأري أنها في مصر ظاهرة غير متضخمة وغير مقلقة حتي الآن لأن تأثيرها داخلي فقط فهي تصنع حالة من اللغط في الرأي العام الداخلي أما دوليا فالحقيقة معروفة ولا تؤثر في الرأي العام الدولي لأنهم يعرفون جيدا المنظمات التابعة والمستقلة ولكنني أخشي من ازدياد صلاحيات الاتحاد العام للجمعيات لأن الحكومة تريد أن تخلق نوعا من العلاقة بينها وبين الجمعيات مثل العلاقة مع الأحزاب.
حسام بهجت: من الطبيعي أن المنظمات شبه غير الحكومية تصدر تقارير تؤكد نصاعة الملفات الحقوقية الا انه في مصر لديها قدر من الحياء في عدم استطاعة نفي الانتهاكات تماما فتقول مثلا نحن نوصي بتحسين العلاقة بين الشرطة والمواطنين دون ذكر لكلمة «تعذيب» أو توصي بتوقف النيابة العامة عن التستر علي التعذيب وأدواته الموجودة بالأقسام فالمقصود منها وجود منظمات اسمها حقوق إنسان لشغل هذا المكان ولكن دون فضح للانتهاكات أو أنها لا تطالب مثلاً بوقف التزوير في الانتخابات لكنها تطالب بأن تكون الانتخابات ببطاقة الرقم القومي.!
رحمة رفعت: من الكوميديا التي صادفناها خلال اجتماع المجلس الدولي واقعة بدأت فيها المتحدثة باسم مثل هذه المنظمات شبه غير الحكومية «الجونجوز» وعرفت نفسها بأنها عضو بالحزب الوطني ثم أكملت متحدثة عن مراقبة انتخابات الشوري وروت كيف أن أحد رؤساء اللجان طلب منها تسويد الصناديق وتزوير الأصوات بشكل كبير وواضح وعندما رفضت قاموا بطردها وتمزيق المحضر الذي يثبت أنها رئيسة اللجنة وقاموا بإحضار رئيس آخر للجنة مما دفع الجميع للضحك علي هذا التزوير والانتهاك الفاضح، وكان أولهم الدكتور مفيد شهاب.!
الدستور: هل تعد هذه التمثيلية أوضح في المجلس القومي لحقوق الإنسان باعتبارها أكبر «جونجوز»؟
- حمدي الأسيوطي: سواء كان المجلس القومي لحقوق الإنسان أو المجلس القومي للمرأة، هذه مجالس من صنع الحكومة، يعني في مسألة نائب الرصاص، ارتكبت جريمة بالفعل، والتعذيب واقع في السجون بالفعل، النائب العام يركن هذه البلاغات بالفعل، وهذا المجلس الحكومي لم يصدر انتقادًا واحدًا، إلا بيان هذيل، بعد أن أصدرت لجنة القيم بمجلس الشعب في هذا الموضوع الخطير، هذا المجلس القومي رفض أن يعطي للمنظمات تصاريح، المجلس القومي زار السجون وشاف الناس المحبوسة في الثلاجات وأماكن الاحتجاز، مؤخرا قال إنها زي الفل وتطبق المعايير الدولية، هذا كلام غير صحيح تماما، كام وكيل نيابة زار الأقسام التي في دائرته، ولا حد! يكفي أن أحد المرشحين لرئاسة المجلس القومي أحد لواءات ضباط أمن الدولة السابقين، لكن الضغط الإعلامي جعلهم يتراجعوا، هذا مجلس حكومي يبيض وجه حكومة سوداء، أمام رأي عام محبط من هذه الحكومة.
الدستور: لم نجد المجلس القومي ينتقد حتي مرة واحدة انتهاكًا من الانتهاكات التي تتعرض لها حرية الرأي والتعبير؟.
- روضة أحمد: المجلس انتقد تدهور أوضاع حرية الرأي والتعبير أمام المجلس الدولي، لكن في الحد الأدني، لأنهم ما يقدروش يقولوا إن مفيش انتهاكات تحدث تجاه الصحافة المستقلة وحرية الرأي والتعبير، الناس أصبح عندها وعي كبير جدا، لديها وعي فاضح جدا للحكومة والمنظمات شبه غير الحكومية، يعني من حوالي كأم أسبوع فوجئت أمام دار القضاء العالي بمنظمة تعتبر نفسها حقوقية منظمة وقفة احتجاجية تدافع فهيا عن ضباط الشرطة، والفارق إن الناس المارة في الشارع كانت بتضحك عليهم، لأن وعي الناس عارف إن ضباط الشرطة هم إللي بيعذبوا الناس في الشوارع والأقسام والسجون، إحنا فعلا بنعاني، وحرية التعبير في مأزق لأنها صعب تتطور في بلد رئيس جمهوريته هو من أبرز المستبدين في العالم.!
الدستور: فيما يتعلق بحرية الدين والمعتقد في مصر، كيف واقعها، وكيف ستكون في الفترة المقبلة، وهل ستلتزم الدولة بأي توصيات؟. - حسام بهجت: شوف، في ال 119 توصية التي قبلتها مصر أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان، أكثر حاجة قدرنا ننتزعها إشارة محددة للعنف الطائفي، والتزام سياسي بالتحقيق في كل حالات العنف الطائفي، ومحاكمة مرتكبيه، دي كانت أكثر حاجة قدرنا نحصل عليها، أن الدولة تعترف من الأساس أن هناك عنفًا طائفيًا، وهذه هي التوصية الأبرز والمميزة بالنسبة لنا. وفي التوصيات المعلقة التي أجلت الحكومة الموافقة عليها، كانت هناك توصيتان مهمتان، الأولي: خاصة بمشاكل بناء وترميم دور العبادة، وحرية ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين، والتوصية الثانية: الإسراع بإصدار الأوراق الثبوتية للبهائيين، من ال140 إللي عندنا ما يكفي من القواعد القانونية والتوصيات التي تجعلنا نشعر بأننا أنجزنا شيئاً في الضغط علي الحكومة.
الدستور: هل هذه تكفي لأن تكون واثقا ومطمئنا أن شيئا ما إيجابي سيحدث تجاه ملف حرية الدين والمعتقد؟
- حسام بهجت: إحنا متفائلين، لأنه يبدو أن الحكومة قررت عدم إصدار قانون موحد لبناء دور العبادة لكن إصدار قرار جمهوري جديد يغير القواعد القانونية المنظمة لمسألة إنشاء وترميم دور العبادة. هناك بنية قانونية جديدة حيث أتصور أن هذا سيعالج المعاناة التي يتعرض لها الأقباط لممارسة شعائرهم، إحنا هنقبل، هذا مكسب مرحلي.
الدستور: لكن علينا ألا نذهب بالتفاؤل بعيدًا تجاه تطور إيجابي تحدثه الحكومة بخصوص ملف حرية الدين والمعتقد؟.
- حسام بهجت: المشكلة الكبيرة في الملف الديني هي عدم المحاسبة علي جرائم العنف الطائفي الجماعية، العنف الجماعي الذي يحدث كل شهر أو شهرين، ويستهدف الأقباط في شارع أو مدينة، أو قرية حتي الآن، لم تتم إدانة أي أحد فيه، فما يحدث هو إجبار الأمن للضحايا علي التوقيع علي الجلسات العرفية التي يجبر فيها الضحية علي تغيير أقواله في النيابة، سحب المحضر أو الشكوي، أو عدم التقدم بالشكوي من الأصل، ودائما لا تقدم تعويضات عن الجرائم للأقباط، أو حتي الاعتذار، يعني حادثة نجع حمادي التي توقعنا أن تحدث فيها تحقيقات كاملة، وجدنا أن التحقيق وقع في أحداث القتل ليلة عيد الميلاد، إنما الأيام الثلاثة التي تلتها وتم فيها حرق بيوت الأقباط ومحالهم والاعتداء علي الكنائس في نجع حمادي وقرية بهجورة، وحتي الآن لم يتم التحقيق فيها!
الدستور: وهذا مقلق جدا؟
- حسام بهجت: طبعا، خليني أقولك إن أي توصية قبلتها الحكومة بخصوص حرية الدين والمعتقد ووزارة الداخلية طرف فيها هي في ذاتها مشكلة، لأنها العمود الفقري للنظام، وهي السبب الرئيسي في كل الانتهاكات لحقوق الإنسان الكبري التي نعاني منها وعلي رأسها طبعا الملف الطائفي.
الدستور: إذن مع الأسف لا شيء يجعلنا نتوقع أن تصل حدة العنف الطائفي رغم الملمح الإيجابي الذي حمله كلامك؟.
- حسام بهجت: وضع حرية الدين والمعتقد في مصر مرشح للتدهور السريع، إحنا متوقعين في أي لحظة تحصل مجزرة كبيرة، شبه حادثة نجع حمادي، لا، هتكون أكبر بكثير، ممكن يروح ضحيتها العشرات مرة واحدة، مش ست وسبع ضحايا!.
معتز الفجيري: عايز أتكلم عن موضوع قانون الأحوال الشخصية، في الدول المحترمة مفيش حاجة اسمها إن حد يغير عقيدته علشان يتجوز أو يطلق، هناك زواج مدني، لكن ما سوف يحدث في مصر أنك هتستصدر قانون يأخذ المادة نفسها التي تطبقها الكنيسة، وتسميه قانونًا مدنيًا، فطبعا ده مش هيحل مشاكل الأقباط، هذه سياسة دولة تريد أن تحتوي غضب الكنيسة، وللأسف أنا عايز أشير كمان لموقف حزب الوفد المدني الذي يرفع راية الليبرالية والحريات، أنا مش فاهم إزاي رئيسه يروح للكنيسة ويقول إن حزب الوفد يقدم دعما غير محدود لموقف الكنيسة من رفض الزواج الثاني، فهذه مفارقة كبيرة، الإخوة الأقباط لهم مطلق الحرية أن يحترموا مشاعرهم وعقائدهم داخل الكنيسة، لكن مش كل مسيحي يكون مجبرا أن يغير عقيدته علشان يطلق أو يتزوج، أو يأخذ ورقة من البابا علشان يتزوج بها، للأسف هذا الموضوع بالذات يكشف أننا مجتمع محافظ علي الشقين، مسيحي ومسلم.!.
الدستور: هل الدولة مستفيدة من أن تظل الناس منقسمة ومفتتة ومشغولة بقضاياها الخاصة كأن ينشغل الأقباط مثلا بقضية الزواج الثاني أو أن ينشغل المحامون مع القضاة، وغيرهم؟.
- حمدي الأسيوطي: طبعا الدولة مستفيدة، ومستفيدة جدا. فكل طرف يظل مشغولاً بقضيته، والدولة بذلك تصرف الانتباه عن القضايا الأساسية التي يجب أن تجمع الناس، مثل قضايا الفساد مثلا، ومحاكمة الوزراء، وقضايا الديمقراطية والحريات، والدولة هي التي تصنع هذه المشاكل، وتنظر لها من فوق، ثم تتدخل ليس لحلها حلا جذريا، لكنه حل دعائي، تتدخل بمنطق أنها دولة موجودة، وممسكة بأوراق اللعب، ففي مسألة القضاة والمحامين، الرئيس مبارك قال إنه لن يتدخل في الأزمة، لكن المشكلة عندما تتعاظم، سوف يتدخل ليؤكد تدخله أن الدولة هي الرئيس وأنها قادرة علي القمع وقتما تشاء، وقادرة علي الحل وقتما تشاء، وتزايد المشاكل التي من هذا النوع دليل علي أن هناك دولة منهارة وفي ورطة، وهذا سيؤدي في النهاية إلي انهيار هذه الدولة تماما. فالناس مدركة وستدرك أكثر أن هذه الدولة التي تستبد تقمع وتفقر الناس وتعذبهم وتحكمهم بالطوارئ لا تفرق في هذا كله بين مسلم ومسيحي، لأن قرار الاعتقال والتعذيب في أقسام الشرطة لا يفرق بين مسلم ومسيحي، ولا رجل الأعمال عندما يفصل ويشرد عمالاً فإنه لا يفرق بين عامل مسلم وعامل مسيحي.
الدستور: لماذا يحرك النائب العام سريعا دعاوي الحسبة السياسية والدينية المرفوعة ضد صحفيين وكتاب، ويقدمهم لمحاكمة جنائية عاجلة مثل واقعة وائل الإبراشي بينما يقفل أدراج مكتبه علي البلاغات التي تقدمها المنظمات والصحفيون حول انتهاكات فاضحة تقع ضدهم؟.
- حمدي الأسيوطي: النيابة العامة فقدت دورها الأساسي في المجتمع المصري كنائبة عن المجتمع، ولا توجد لدينا نقابة مستقلة للمحامين تدافع عنهم، ليست من صنع الحزب الوطني ومخبريه، فإنك لا نستطيع أن تخلق مناخًا قانونيًا صحيحًا يعمل به وكيل النيابة والمحامي. عندما يكون لدينا استقلال قضاء يمكنك أن تقول لوكيل النيابة إن هناك مواد قانونية تخالف التزامات مصر بالاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، التي هي جزء من القانون الداخلي المصري، أصبحنا نفاجأ بأن معظم وكلاء النيابة يرفض أي دفع يتعلق بالعهود والاتفاقات الدولية لحقوق الإنسان. وهذا يدل علي تعال شديد، وهذا للأسف ينطبق علي مواد في الدستور، ويقول لك ملناش دعوة يا أستاذ بالدستور وخلينا في قانون العقوبات.!. هناك تعال أيضا من وكلاء النيابة مع المحامين، وهذه أزمة، هناك تراكم طويل من الاحتقان، والأزمة الأخيرة بين المحامين والقضاة أفضل تعبير.!
الدستور: وكيف نخرج من هذا المأزق الذي أصبح ظاهرة متفاقمة؟
- رحمة رفعت: السلطة القضائية، أي سلطة تخضع لرقابة المجتمع، هذا غير موجود في أي دولة من دول العالم، والدليل علي ده ما قامت به اللجنة القضائية العليا المشرفة علي الانتخابات أثناء انتخابات الشوري، شيء مفزع. ولم يتحدث أحد بدعوي أنه لا معقب علي أحكام القضاء. أنا مالي، أنا أتحدث عن اختصاصات للجنة عليا، ولازم تتنفذ.!
معتز الفجيري: وأنا رأيي أن ما حدث في انتخابات الشوري من مهازل سوف يحدث في انتخابات مجلس الشعب والانتخابات الرئاسية، وكل هذا سيمر، لأنه لا رقابة علي أعمال اللجنة العليا للانتخابات، ولا رقابة من القضاء، ولا رقابة من منظمات المجتمع المدني، وهناك مجلس قومي يرسل مندوبيه ليضحكوا علينا بأن الدنيا زي الفل، والمجتمع الدولي يبدو أنه شايف أن مبارك حاجة مهمة له وللاستقرار في المنطقة.!
الدستور: وما ملامح دولة تحدث فيها مهازل من هذا النوع بتقديركم الحقوقي؟.
- معتز الفجيري: تمام، أنا تصوري أن الفترة المقبلة سوف تظهر أكثر فيها ملامح الدولة الفاشلة، فالأمور بدأت تخرج عن سيطرة السلطة، وأول ملامحها سيادة الصراع علي الحياة اليومية للناس دون قانون، وتآكل مؤسسات الدولة، وفشلها في حل المشاكل، وانهيار الخدمات العامة، تدهور مهني عام، وانعدام الثقة في مؤسسات الدولة، هذه مصيبة، نموذج أقرب لنموذج روسيا الآن، مفيش سلطة مركزية، فيه عصابات مافيا، وصراع رجال أعمال.!
الدستور: لو انتقلنا لقضية خالد سعيد، والتعذيب، إزاي ممكن نخلق حملة شعبية وسياسية أكبر من أجل فضح ضباط الشرطة ووقف حالات التعذيب؟.
- روضة أحمد: ده بيحصل الآن فعلا، لكن للأسف الشديد فيه تراكم لثقافة الخوف عند الناس، المواطن بيخاف قدام قسم شرطة أو خايف يعمل محضر شرطة، لأنه خايف يلفقوا له هو القضية، ولو نظرنا لقصة خالد سعيد ح نلاقي إن الناس اللي شهدوا جريمة الشرطة، لم يتدخلوا لإنقاذه، يعني صاحب مقهي الإنترنت أخرج خالد بره، وأخلي طرفه من الموضوع، وعندما طلبوا شهادته شهد باللي حصل كله لكن بعد إيه، بعد خالد سعيد ما مات. وللأسف لو ده حصل في أي مكان تاني أخشي أن يوصل لنفس النتيجة، لن يتدخل أحد، ولما يطلبوا شهادتهم هيروحوا يشهدوا، ودي في حد ذاتها كارثة.!
حمدي الأسيوطي: جريمة التعذيب هي جريمة بلا عقاب، القضاء لا يعاقب علي جريمة التعذيب إلا إذا كان التعذيب واقعًا علي مواطن علشان يعترف بجريمة، هناك مادة وحيدة يتيمة تعاقب علي هذا الأمر، وإذا عذب الضابط المواطن لوجه الله والوطن فلا عقاب عليه في القانون. إذن هي جريمة بلا عقاب، ومنهج أساسا، ولما يبقي ضابط الشرطة الصغير، واللواء الكبير نشأوا في ظل قانون الطوارئ، نكون أمام جريمة لا يعاقب عليها القانون، ولأن الاستبداد سيزيد ،سوف تزيد الانتهاكات، وأود التأكيد في مسألة التعذيب تحديدًا علي أن المسئول الرئيسي عن التعذيب في مصر هو رئيس الجمهورية باعتباره الرئيس الأعلي لجهاز الشرطة.
الدستور: هل نقدر أن نقول إن عدم موافقة مصر علي البروتوكول الاختياري الخاص بالتعذيب في مراجعة المجلس الدولي لحقوق الإنسان يؤكد أن مصر مصرة علي الاستمرار في سياسة التعذيب المنهجي؟.
- معتز الفجيري: أقسام الشرطة في مصر أماكن لا يمكن دخولها، أنا مرة بكلم ضابط عن الاحتجاز، فقال لي أنا ما بقدرش أعدي أمام أماكن الاحتجاز علشان ريحتها. التعذيب والطوارئ أضعفا القدرة المهنية لضباط الشرطة، وتحولوا لضباط مش بيعرفوا يكتبوا محاضر، ولا يقوموا بدورهم الأمني الجنائي، لأنه عارف إن أسهل حاجة في الدنيا إنه يضرب قلمين تلاتة هيخلي الواحد يعترف، ويلفق له قضية، وهذا شيء مخيف، والغريب فعلا أن الرئيس مبارك عمره ما ذكر كلمة تعذيب في أي من خطاباته السياسية، أو لقاءاته مع الحكومة أو غير الحكومة، وهو رئيس دولة يحدث التعذيب فيها بشكل يومي، حتي الدكتور مفيد شهاب في جلساتنا معه، لديه إصرار أن هذا التعذيب غير منهجي، وأن ما يحدث هو مجرد حالات فردية وعشوائية، وأنا رأيي إن المحامين ومنظمات حقوق الإنسان لديهم طريق لازم يسلكوه، والنشطاء في تونس قاموا به، وطبقوه، وهذا الطريق هو أن نذهب للمحاكم في إسبانيا وفرنسا وبريطانيا، لأنها تنظر قضايا التعذيب علي المستوي الدولي، لازم نحضر ملفات عن وزير الداخلية، وضباط الشرطة، وزير الداخلية مسئول أعلي، وعليه مسئولية أمام القانون الدولي، وهناك واقعة حدثت وتمت فيها إدانة ضابط تونسي أمام محكمة في ستراسبورج بفرنسا في هذا الموضوع، والمقرر الخاص بالأمم المتحدة يجب أن يكون عليه ضغط دائم بتقديم الشكاوي له وإبلاغه عن حالات التعذيب وتسليمها له، وعليه أن يمارس ضغطًا علي الحكومة لزيارة السجون، وبذلك نلجأ لفضح ضباط الأقسام علي المستوي الدولي، والشيء الأخير، وهو أن نلجأ للجنة الأفريقية للشعوب، وأن نستمر في رفع قضايا لديها ضد الضباط، وأنا أعتقد أن تعقب ضباط الشرطة في مصر زي تعقب ضباط الشرطة ومرتكبي جرائم الحرب في إسرائيل، وشوف إزاي ضباط إسرائيل خايفين إزاي يسافروا أوروبا، ده هيخلي الضباط بالوضع ده يخافوا يطلعوا بره مصر.!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.