«لا رفع لأسعار أى سلع أو خدمات خلال الفترة الحالية أو فى المستقبل القريب».. رسالة تطمين واضحة أعلنها الرئيس عبد الفتاح السيسي، تصدرت جملة رسائل مهمة للغاية، حفل بها لقاء الرئيس مع الصحفيين، فى قصر «الاتحادية» أمس، فى حديث مفتوح تطرق إلى أبرز القضايا المثارة حاليا على الساحتين الداخلية والخارجية.
لن نرفع الدعم عن الفقراء قبل أن نملأ جيوبهم أولا.. وطلبت تقصير مدة إنجاز المشروعات الكبرى حتى يشعر الناس بمردودها عليهم لا بد من الحوار مع الشباب.. والقوى السياسية تأخرت فى تأهيلهم لخوض انتخابات البرلمان. اللقاء الذى استمر ساعتين ونصف الساعة، وحضره رؤساء تحرير الصحف القومية والحزبية والخاصة، بالإضافة إلى نقيب الصحفيين ضياء رشوان وعدد من أعضاء مجلس النقابة وجلال عارف رئيس المجلس الأعلى للصحافة، وأعضاء من المجلس، انتقل فيه رئيس الجمهورية من الحديث عن أزمة الكهرباء ومشروع تنمية محور قناة السويس والطرق الجديدة، إلى تطورات ما يحدث فى غزة وليبيا وسد النهضة، من دون أن يغفل الحديث عن المؤامرات التى تحاك من تنظيم «الإخوان» وحلفائه الإقليميين والدوليين ضد استقرار مصر وأمن شعبها.
«الدعم هو مشكلة مصر الأساسية التى تراكمت عبر سنوات طويلة، وتجاهلتها الحكومات المتعاقبة أو تهربت من مواجهتها، حتى أصبحنا مثل الأب الذى لا يجد قوت يومه، لكنه يستدين ليصرف على أبنائه».. مرة أخرى يعود الرئيس السيسى للضغط على هذا الجرح النازف، وهو دعم الدولة لكل شىء.. من الكهرباء والمواصلات وحتى السلع التموينية ورغيف الخبز، مؤكدًا أنه لا تعافى للاقتصاد المصرى من دون مداواة هذا الجرح، لكنه يستطرد بحزم وحسم: «لا يمكن أن نلغى الدعم نهائيا من دون أن نملأ جيوب المصريين أولًا. يجب أن نقضى على مشكلتنا الأساسية، وهى الفقر والعوز الذى يئن تحته أغلبية الشعب المصرى، التى جعلت الأنظمة والحكومات السابقة تلجأ إلى الحلول المسكنة (الدعم) حتى استفحل المرض».
البُعد الاجتماعى الذى يطرحه رئيس الجمهورية فى التصدى إلى أساس مشكلة الاقتصاد، كان الدافع الأساسى وراء تعليماته وتشديده على سرعة إنجاز عدد من المشروعات الاقتصادية والقومية «حتى يشعر الناس بمردود حقيقى، وأن هناك أملًا فى المستقبل القريب»، حسب قوله، موضحًا أن طلبه بتقصير مدة تنفيذ مشروع قناة السويس الجديدة من ثلاث سنوات إلى سنة واحدة فقط «لم يكن من قبيل العند أو المكابرة، لكن حتى يلمس الناس أن هناك إنجازًا يتحقق على الأرض، وأن هذا الإنجاز يسير بالتوازى مع الإجراءات التى تُتخذ لإصلاح حال الاقتصاد». لكن السيسى يعود ليطمئن الناس بأن تلك الإجراءات «لن تشمل أى زيادات فى أسعار السلع والخدمات، مثل الكهرباء والمواصلات العامة والسكك الحديدية والمترو، فى المستقبل القريب على الأقل».
السيسى ألمح إلى محاولات تنظيم «الإخوان» استغلال أزمة الكهرباء التى باتت تؤرق الأسرة المصرية مؤخرًا، قائلًا: «هناك مَن يسعى بكل قوة إلى استغلال هذه المشكلة، التى نعانى منها منذ سنوات واستفحلت فى الفترة الأخيرة ويعانى منها كل بيت وأسرة، لإحداث ثغرة ينفذ منها لاختراق تماسك وثبات واستقرار ومناعة الدولة المصرية». واستطرد «هم يقولون للناس: لماذا كنتم تلومون الرئيس السابق (محمد مرسى) على تلك المشكلة وتسكتون الآن؟». وتابع الرئيس متسائلًا «هيه الناس اختلفت مع الرئيس السابق علشان مشكلة الكهرباء، ولا الناس خرجت ضده لما شافت همه واخدين البلد كلها على فين؟»، مشيرًا إلى ضرورة التصدى إلى الأكاذيب التى يروج لها تنظيم «الإخوان» وأتباعه، لإثارة الناس ومحاولة هز استقرار الدولة وتماسك الشعب.
ونبه الرئيس إلى ضرورة فتح قنوات الحوار مع الشباب، وقال إن القوى السياسية تأخرت فى تأهيلهم لخوض انتخابات البرلمان.
ومن القضايا الداخلية إلى الخارجية انتقل الرئيس السيسى، فى حواره مع الصحفيين أمس، مشددًا على أنه «لا نقاش فى التزام مصر الدائم بحل القضية الفلسطينية، ورفع المعاناة عن الشعب الشقيق»، وقال: «السياسة المصرية تعمل على أن يكون هناك حل جذرى للقضية، فلا يمكن أن يكون الثمن الذى دفعه هذا الشعب والدم الذى سالَ من أبنائه من دون مقابل. لا بد من استغلال هذا الاهتمام الدولى الراهن بالأزمة فى غزة، لإيجاد حل دائم ينهى معاناة الشعب الفلسطينى».
السيسى شدد، فى معرض إجابته عن سؤال حول تأثير ما يحدث فى ليبيا على الأمن القومى المصرى، على أن مصر «لم تقم بأى عمل عسكرى فى الأراضى الليبية حتى الآن». ومضى قائلًا «لا يوجد أى جندى أو طيارة مصرية نفذت أى عمليات فى ليبيا، وكل ما تردد حول ذلك هى أكاذيب تروج لها وسائل إعلام وأجهزة ودول تعرفون تماما موقفها من مصر، وتدفع ملايين الدولارات من أجل شن حملة سياسية وإعلامية ضخمة ضد بلدنا».
حديث الرئيس تطرق إلى المحادثات الثلاثية التى ستبدأ اليوم فى السودان، وتشارك فيها مصر وإثيوبيا لإيجاد حل لأزمة «سد النهضة»، وأعرب عن تفاؤله بوجود حلول «ترضى جميع الأطراف»، مشيرًا إلى أنه أوضح لرئيس الوزراء الإثيوبى «حرص مصر على مصلحة إثيوبيا، وفى الوقت نفسه نحن نرفض وجود أى ضرر حالى أو خطر مستقبلى على مصالح مصر المائية»، وشدد السيسى على أنه «مستعد للذهاب إلى إثيوبيا فى أى وقت، إذا كان هذا سيحقق مصلحة مصر».