لم تكن الوقاحة وحدها هى سمة التصريح الصادر عن الخارجية الأمريكية الذى يتهم مصر باستخدام «المساعدات الأمريكية» ضد شعبها، بعكس إسرائيل «الديمقراطية» «المسالمة» التى تستخدم مساعدات أمريكا ضد «الإرهابيين» من أطفال فلسطين!! لم تكن الوقاحة وحدها هى ما دفعتنا للوقوف أمام هذا التصريح الذى يفترض فيه أن يكون التعبير «الدبلوماسى» عن السياسة الأمريكية، ولكن الأهم هو ما يكشفه التصريح من ثبات السياسة الأمريكية على موقفها المعادى لمصر ما بعد 30 يونيو، والمؤيد لإرهاب الإخوان وحلفائهم من العصابات الإجرامية، والمصمم على المضىّ فى مؤامرته ضد مصر والعرب رغم السقوط العظيم للحكم الفاشى العميل فى مصر، ورغم انكشاف المؤامرة التى ترى أن إغراق المنطقة فى الفوضى والإرهاب هو الطريق لإعادة رسم خريطتها وفق مصالح أمريكا وحلفائها وأتباعها فى المنطقة. لا ينبغى أن تغيب هذه الحقائق عنا ونحن نتابع ما يجرى فى المنطقة من حولنا، ثم ونحن نواجه ما يجرى على حدودنا.. حيث العدوان الهمجى الإسرائيلى على شعبنا الفلسطينى فى غزة من ناحية، وحيث الفوضى تضرب على حدودنا الغربية فى ليبيا التى أصبحت فى قبضة عصابات الإرهاب. أول من أمس تحدث الرئيس السيسى فى أول مؤتمر صحفى يحضره مع رئيس الوزراء الإيطالى عن الموقف فى ليبيا. قال إن مصر ستحمى حدودها وستواجه الموقف داخل أراضيها لا خارجها، لتضرب الإرهاب القادم من وراء الحدود وتوقف السلاح الذى يتم تهريبه. ثم وضع السيسى المجتمع الدولى أمام مسؤولياته، وطالب حلف «الناتو» والغرب بتصحيح الأخطاء القاتلة التى تم ارتكابها عندما وقع التدخل الغربى بحجة حماية الثورة، فإذا به يهدم الدولة ويسلمها لعصابات الإرهاب. «الأخطاء القاتلة» كما نراها، تبدو سياسة متعمدة عند الآخرين!! ما فعلوه بالعراق، وما يجرى فى سوريا يؤكدان ذلك. وما شاهدناه فى العام الأسود تحت حكم الإخوان لم يكن بعيدًا عن ذلك، حيث كان يجرى تحويل سيناء إلى مركز للإرهاب وإلى مشروع إمارة خارج الدولة وفى خدمة أعدائها!! من هنا سيظل العداء لمصر ولثورة 30 يونيو يجمع بين واشنطن والإخوان وفِرق الإرهاب وأصحاب مخطط زرع الفوضى، تمهيدًا لإعادة تقسيم المنطقة. ومن هنا علينا أن ننسى مطلقًا أننا فى حالة حرب حقيقية. وأن ما أنجزناه منذ 30 يونيو كان هاما وعظيما بكل المقاييس. لكنه فى نفس الوقت يجعل أعداءنا يحاربون فى معركتهم اليائسة بكل سلاح ممكن. ويجعل «استهداف مصر» هو العنوان الكبير الذى يجمع واشنطن وهى تمنع السلاح عنا حتى لا نواجه الإرهاب، وبين إسرائيل وهى تشعل نيران حربها الهمجية على حدودنا الشرقية، وبين الإهاب وهو يحيل ليبيا إلى ساحة للاقتتال الهمجى الذى يقاسيه (مع الشعب الليبى) مليون مصرى نتحمل مسؤولية الحفاظ على حياتهم وإعادتهم إلى الوطن سالمين.. بينما الإخوان وحلفاؤهم يحاولون نشر الفوضى ويمدون إرهابهم من العريش إلى الفرافرة!! ما حدث فى ليبيا لم يكن مجرد خطأ، بل كان جزءًا من مخطط رأينا بقية حلقاته فى العراقوسوريا واليمن وغيرها. ولن تغفر أمريكا لمصر أبدًا أن 30 يونيو كشفت المخطط وفضحت أطرافه وأنقذت الدولة العربية الأكبر من هذا المصير. لن تنسى أمريكا، وستستمر فى مخططاتها لنشر الفوضى فى المنطقة، وسيظل دعمها للإخوان وباقى عصابات الإرهاب مثل دعمها لإسرائيل.. فكلهم أدوات فى محاولة الثأر من 30 يونيو باستهداف مصر وإسقاط الدولة العربية الأكبر وضرب جيشها الذى ما زال هو حائط الصد الأساسى والأهم فى وجه المؤامرة. لن تنسى أمريكا لمصر وشعبها وجيشها ما فعلوه فى 30 يونيو. هى حرة وستدفع الثمن. لكن ما ينبغى أن لا ننساه نحن، أن ما بدأ فى 30 يونيو لا بد أن يكتمل، وأن الطريق إلى ذلك لا بد أن يمر بالحرب الشاملة التى نواجهها الآن، والتى لا نملك فيها إلا خيارًا واحدًا.. أن نحارب وأن ننتصر!!