«محمد أبو الحسن» وقف أمام باب «ماسبيرو» يطلب العمل! لم يكتف بهذا القدر، بل ظهر مع «معتز الدمرداش» في برنامجه «90 دقيقة» يشكو أنه لم يعد مطلوباً في الأعمال الفنية، مؤكداً أنه لا يطلب تليفوناً ليتحدث إلي مخرج ممن كانوا تلاميذه في بداية التليفزيون ليمنحه فرصة لأن «أبو الحسن» من الرعيل الأول حيث عمل مخرجاً في برامج الأطفال وهؤلاء النجوم من المخرجين كانوا مساعدين له ثم صاروا يتنكرون له.. شعرت بالإشفاق علي «محمد أبو الحسن» وهو يستجدي العمل علي الهواء.. خاصة عندما روي أن رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون السابق استدعاه إلي مكتبه وطلب من المسئولين عن الإنتاج الدرامي أن يجدوا له عملاً! الفن هو المهنة الوحيدة الذي لا يجوز فيه الاستجداء من أحد، إنه انتخاب طبيعي تجريه شركات الإنتاج.. نعم الواسطة تلعب دوراً والتربيطات قد تضع البعض فترة خارج الأجندة، ولكن يظل أن الفنان لا يطلب العمل ولو حدث وأن استجابت الأجهزة مثلاً لطلب فنان أو رق قلب نجم كبير علي فنان مبتعد ومنحه فرصة ستصبح أولي وأخيرة سيظل يبحث بعدها دائماً عن فرصة ربما لا تأتي أبداً.. «محمد أبو الحسن» هو واحد من الفنانين الذين لم يستطيعوا الصبر طويلاً علي الظلم، والأمر هنا ليس متعلقاً بالاحتياج المادي ولكن الفنان يتنفس من خلال العمل وليس فقط «أبو الحسن» هو الذي يعاني فهناك مثلاً عشرات من الموهوبين أيضاً إلا أنهم آثروا الصمت.. ما هي الجهة المنوط بها التدخل؟ إنها بالتأكيد نقابة الممثلين لقد شهدت كواليس النقابة بعض مشروعات مثل وضع حد أقصي لعمل الفنان أربع مسلسلات وفيلم أو اثنين في العام، لكي تتيح الفرصة للآخرين وبين الحين والآخر يتردد هذا الاقتراح.. تراجعت النقابة عن التنفيذ، لأنه لا أحد يستطيع أن يفرض علي السوق ما تريده.. قانون العرض والطلب هو الذي يتحكم في الاختيار ولكن من حق النقيب أو مجلس الإدارة أن يذكر شركات الإنتاج بعدد من فنانيه، كما أن علي النقابة أن تقيم دورات تدريبية لهؤلاء الفنانين بين الحين والآخر حتي يحتفظوا بلياقتهم الإبداعية.. جزء كبير مما يحدث هو أن الفنان عندما يبتعد عن الاستديو فترة زمنية طويلة يفقد لياقته والبعض يعتقد أن الفنان يولد فناناً وتظل موهبته تتجدد بداخله.. نعم الفنان يحتفظ بموهبة، لكنها لا تتجدد تلقائياً إلا إذا كان في حالة يقظة إبداعية يشاهد ما يجري علي الساحة محلياً وعالمياً يتابع تطور فن الأداء وهناك تدريبات يمارسها الفنان ليحتفظ بقدراته الأدائية كما أن استمراره في العمل يلعب دوراً مهماً في احتفاظه بلياقته، ولكني لا أوافق أبداً علي أن أري فناناً كبيراً وهو يستجدي العمل، وكما قال الشاعر الكبير كامل الشناوي «أنا لا أشكو، ففي الشكوي انحناء وأنا نبض عروقي كبرياء».. لكنه الزمن هو الذي يدفع البعض لكي يريق كبرياءه أمام الملايين!