اليوم ستبدأ محاكمة أحمد جلال عرفت حكايته من رسالة أرسلها الصديق الدكتور خالد فهمي- أستاذ التاريخ بجامعة نيويورك. خالد عضو في لجنة الحريات الأكاديمية التابعة لجمعية دراسات الشرق الأوسط (ميسا) وهي لجنة مشكلة من أساتذة جامعيين متخصصين في مجال دراسات الشرق الأوسط.. تقوم بمتابعة انتهاكات الحرية الأكاديمية سواء تلك التي تقع في بلدان الشرق الأوسط المتعددة أو تلك التي تقع في الجامعات الأمريكية والغربية بشكل عام . اللجنة مهمتها متابعة حالة الحريات الأكاديمية فيما يتعلق بمجال دراسات الشرق الأوسط بجميع تخصصاته.. هذه المتابعة تجعلها مرصداً للحريات الأكديمية بعيداً عن الهوي السياسي، أو الموقف من القضايا الكبري، إنها لجنة لا تتعامل إلا بمعايير «الحريات الأكاديمية» ولهذا لم يؤثر قوة اللوبي اليهودي مثلا في استنكار اللجنة أكثر من مرة لانتهاكات الحريات الأكاديمية في الجامعات الإسرائيلية. كما لم تهتم اللجنة باحتمال أن يكون أحمد جلال عضواً في جماعة الإخوان المسلمين وأرسلت الدكتور محمد سيد أحمد صالح الزغبي- رئيس جامعة قناة السويس- تطالبه بالتحقيق في واقعة اعتداء الحرس الجامعي علي أحمد جلال يوم 8 إبريل الماضي. اللجنة اعتبرت أن ما حدث مع طالب بالسنة النهائية في كلية الطب، اعتداء صارخ علي الحريات الاكاديمية ماذا حدث؟! 7 من افراد الحرس الجامعي اقتحموا العيادة الخارجية لقسم النساء والتوليد بالمستشفي الجامعي، وأحاطوا بالطالب وانهالوا عليه بالضرب العنيف، وسحلوه وجرجروه من العيادة أمام الطلاب والمرضي إلي مقر الحرس الجامعي. هل هو مشهد عادي؟ لماذا لم يتحرك أحد من الأساتذة للدفاع عن طالب ضد انتهاك الحرس الجامعي، حرم الجامعة والمستشفي والمرضي؟ هذا لم يدهش لجنة الحريات الاكاديمية، ما دهشها هو موقف الجامعة، التي لم تحقق في الواقعة، لكنها حققت مع الطالب بتهمة الاعتداء علي حرس الجامعة.. وأدانته بينما لم تفكر لحظة في التحقيق مع الحرس؟ في الرسالة التي وقعها روجر آلن- رئيس لجنة الحريات الأكاديمية، وأستاذ الأدب العربي والمقارن بجامعة بنسيلفانيا- طالب جامعة قناة السويس بفتح التحقيق والدفاع عن حرية التعبير داخل حرم الجامعة. المطالبة جاءت بعد الصدمة من موقف الجامعة التي بدلاً من الدفاع عن حق الطالب في التعبير عن الرأي، قدمته إلي لجنة تأديب، وأوقفته عن الدراسة 30 يوما . هكذا فإننا اأمام حالة تبدو عادية تماما. طالب يوزع مجلة (اسمها صوت الجامعة)، ويستدعيه حرس الجامعة ليطالبه بالتوقف عن توزيعها، منزعجاً من عدد يتضمن مسابقة عن المسجد الأقصي. الطالب لم يتوقف...يستدعيه الحرس لمقابلة ضابط أمن الدولة.. فيرفض فيتعرض لفرقة السحل في حرس الجامعة.. ويصبح متهما وليس ضحية ضرب الامن واعتدي علي موظف حكومي أثناء تأدية وظيفته، ويقف اليوم أمام محكمة جنح الإسماعيلية هذه حكاية مفزعة لكنها تحولت إلي حدث عادي. كيف دخل ضابط أمن الدولة الجامعة وأراد التحقيق مع الطالب (بينما لا يسمح لأحد من طلاب أو أساتذة أو شخصيات عامة بالدخول إلا بعد استئذان الحرس)؟ ما حدود مهمة حرس الجامعة؟ هل هي حفظ النظام أم أنها نقطة بوليس داخل الجامعة؟ كيف يُضرب طالب في الجامعة ويُُسحل بشكل علني ثم يُزور تقرير طبي..؟ هل لأن الطالب «إخوان»؟ وحتي لو كان عضواً وناشطاً إخوانياً، فليس من حق أحد ضربه أو سحله، أو تعريض حريته وحياته للخطر. القبول بضرب طالب في الجامعة أدي إلي القبول بضرب وقتل شاب في الإسكندرية، تحت وهم أن هذا عقاب عادي. التعذيب ليس حق كل مواطن وانتهاك الحرية ليس مهمة الأمن والجامعة بيت حريات.. وليس ثكنة يجلس علي مقاعدها موظفون لا يفهمون إلا في رضا الجهات التي عينتهم. هل يستجيب رئيس جامعة قناة السويس إلي مطالبات اللجنة التي لا تنتمي بالتاكيد إلي الإخوان، ويدافع عن الحرية الأكاديمية، ويحمي الجامعة من الاعتداء علي حرمتها، أم سيثبت أن الجامعات في مصر معسكرات بلا تعليم ولا حرية؟