ياتري..هل أكمل نظام الرئيس حسني مبارك «مجموعة» الخيبة والعار ؟! أم مازال في هذه الدنيا «شيء» أسوأ وأكثر مدعاة للشعور بالإهانة والخجل لم ينضم بعد لحزمة مظاهر خيبتنا القوية؟! هذا هو السؤال اليائس الذي كنت صباح أمس الأول أجاهد محتشداً للكتابة وليس في رأسي غيره، لكنه علي ما يبدو تحالف مع فيروس إنفلونزا صايع كان في تلك اللحظة يهاجم بدني المكدود، فكانت النتيجة أن الحلف الشيطاني نجح وهزم مناعتي بسرعة وأسقطني صريع الإعياء فلم أقو علي كتابة حرف واحد بعد السؤال المذكور. فأما موضوع «المذكور» السابق، فهو أعزك الله وعافاك شيء اسمه «سمير جعجع» لا صفة ولا حيثية له البتة سوي أنه يتزعم عصابة من عصابات الشوارع الطائفية في لبنان تدعي «الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية»، ومع ذلك فإن هذا «الشيء» تمتع أغلب أيام الأسبوع الجاري بحفاوة وكرم ضيافة مذهلين، أفاض بهما عليه حشد هائل من كبار المسئولين عندنا بمن فيهم الرئيس مبارك شخصياً، إضافة إلي الأمين العام لجامعة الدول العربية الأستاذ عمرو موسي!!! علامات التعجب الأخيرة هذه تستطيع أن تزيدها إلي مليون علامة إذا ما عرفت أن لفظة «العصابة» التي استخدمها العبد لله في الفقرة السابقة ليست من قبيل المبالغة ولا هي مجرد كناية عن الدور السياسي التخريبي والمبتذل والمشبوه الذي يمارسه «جعجع» وفرقته في الحياة السياسية اللبنانية الحالية، وإنما كلمة «العصابة» هنا محمولة علي معناها «الجنائي» المباشر، لا المعني الاصطلاحي السياسي.. ويكفي أن أسرد علي حضرتك مقتطفات سريعة من السجل الإجرامي الحافل للأخ «جعجع» وبعض ملامح سيرته المشينة حتي تدرك فوراً وزن وثقل المصيبة السوداء الجديدة التي استوردها حكامنا لكي يهبطوا بسمعة وكرامة هذا البلد وشعبه إلي أسفل سافلين وإلي درك لايكاد يصدقه عقل!! فهذا ال«جعجع» الذي لم يكمل تعليمه ويغتصب لقب «دكتور» بالنصب والتدليس (أمضي ثلاث سنوات فقط في كلية الطب بالجامعة الأمريكيةببيروت) مسئول مباشرة بل ارتكب بنفسه سلسلة طويلة جداً من أكثر الجرائم خسة ودموية وانحطاطاً في تاريخ لبنان المعاصر، ليس أسوأها عمله النشط ضمن فرقة العملاء و«المرشدين السياحيين» لقوات الغزو الصهيوني للبنان الذي اكتمل باحتلال العاصمة بيروت في عام 1982، كما ليس أبشعها تخطيطه وتنفيذه عشرات من عمليات القتل والإبادة التي طالت رجال دين وضباطاً في الجيش وعائلات وشخصيات سياسية ووطنية لبنانية مرموقة مثل رئيس الوزراء الأسبق رشيد كرامي، ونجلي رئيسين سابقين للجمهورية (سليمان فرنجية وكميل شمعون) هما النائب طوني فرنجية مع زوجته وابنته، والنائب داني شمعون وزوجته وأطفاله جميعاً، وكذلك محاولة اغتيال المناضل العروبي الكبير النائب السابق نجاح واكيم، فضلا عن تفجير كنائس ودور للعبادة ومهاجمة نحو خمسين من النسوة المسلمات العُزل وتجريدهن بالقوة من ملابسهن وهتك أعراضهن علناً في الشوارع!! إنه مجرد عينة وغيض من فيض التاريخ الأسود والسجل الإجرامي الثقيل المروع (والعابر للطوائف) الذي يحمله الأخ «جعجع»، ومع أن هذا السجل شائع ومعروف للقاصي والداني، بل هو ثابت ومؤكد بحكم قضائي نهائي صادر عن أعلي مراجع العدالة في لبنان، إلا أن ذلك لم يردع أو يمنع حكامنا من استقباله والإسراف في إغراقه (مع «أستريدا» زوجته الحسناء) في حفاوة وكرم أثارا دهشة واستغراب أقرب حلفائه الحاليين علي الساحة السياسية اللبنانية، فهؤلاء أنفسهم يبدون أشد الحرص علي ترك مسافة «حماية من سوء السمعة» بينه وبينهم!! ولعل أبلغ تعبير عن الحالة التي تشبه «الجرَب» التي يتردي فيها ذاك ال«جعجع» أن الرعاة الأساسيين لحلفه السياسي (فريق 14 آذار) أي الولاياتالمتحدةالأمريكية والسعودية (التي تلتحق حكومتنا ولا فخر بذيل سياستها اللبنانية الراهنة)، كليهما تردد وتهرب من استقباله الأسبوع الماضي، بينما استقبلناه نحن في القصر الرئاسي ومقر الجامعة العربية!! وأختم بالعودة إلي السؤال الذي بدأت به.. وأكرر: هل مازال هناك مجرم جربان في هذه الدنيا لم يحظ بعد بصورة تذكارية مع حكامنا؟!، وهل «المجموعة الفاخرة» الكبيرة التي تضم أشياء من نوع «رابين» و«شارون» و«بيريز» و«أولمرت» و«نتنياهو» و«بن أليعازر» و«سمير جعجع» أخيراً.. هل مازال ينقصها «شيء» آخر لتكتمل ؟! أم كفاية كده، عار وشنار وقلة قيمة ؟!