1) وفق المنشور الأحد 6 يونيو أن وزير خارجية مصر طالب الأوروبيين ومجلس الأمن برفع الحصار عن غزة - لا أعرف إن كان يقصد الحصار الذي تقوم به إسرائيل فقط أم أيضا يطالبهم برفع الحصار الذي يقوم به النظام المصري لغزة - وهل اكتشف النظام هذا الحصار الآن فقط، أم أنها الفضيحة المدوية التي أحدثها أسطول الحرية لكل نظام عربي سكت ووافق أن يقيم الصهاينة أكبر سجن في العالم لمليون ونصف المليون عربي.. حصار أسقط وأدان وصفع كل من يدعون سيادة.. لكن الإدانة تتعاظم للأكبر وأقرب ومن أقاموا جداراً فولاذياً علي حدودنا مع غزة وأغلقوا المعابر وسدوا الأنفاق التي تحولت إلي شرايين حياة للقطاع واعتبروا دخول غزة وجميع أشكال دعم أبنائها يستحق محاكمات عسكرية. 2) الهزيمة جمعت بين ثلاثة أحداث هذا الأسبوع - الأول هزيمة الصهاينة أمام ممثلي الضمير العالمي لكسر جريمة حصار غزة براً وبحراً وجواً - أعادت الجريمة تذكيرنا بالوجه الحقيقي للعدو الذي يزداد توحشه وتضخمه يوماً بعد يوم، وبعد أن كاد الدجل السياسي والأكاذيب والأحضان الدافئة أن يزيف وعي الأجيال - ويغيب مذابحه ومجازره وجرائم الحرب وبقر البطون وإخراج الأجنة وإحراق سكان القري الفلسطينية ودفن الأسري المصريين أحياء.. عاد الصهاينة ينعشون الذاكرة العربية التي لا تتوقف جرائم تغييبها - ووفق ما نشرته الجارديان البريطانية عن نتائج تشريح جثث ضحايا أسطول الحرية - أنهم سقطوا بطلقات نارية مباشرة في الرأس - ومعظمها من مسافات قريبة جدا - وأن القتلي الأتراك التسعة أطلق النار عليهم فيما يتجاوز ثلاثين مرة وأن أغلبهم سقطوا بطلقات مباشرة في رءوسهم!! 3) كانت الهزيمة الثانية فيما ادعي أنه انتصار عظيم للحزب الحاكم في انتخابات مجلس الشوري في تجربة تفوق كل ما سبقها في التزوير والتلفيق وتقفيل الصناديق بمعرفة أجهزة الأمن وطرد وضرب المندوبين - انتخابات تحولت إلي مهزلة ومسخرة وإهانة لشعب واستخفاف بحقه في انتخابات حرة - تجربة نقلت الصحافة المستقلة رغم إحكام الحصار علي اللجان ومنع دخول القنوات الفضائية - وطبلت وزمرت الصحف الرسمية وإن أفلتت عبارات قليلة دالة علي المهزلة مثل حصول مرشحي الحزب الوطني علي أرقام فلكية من عدد الأصوات رغم الإقبال الضعيف علي العملية الانتخابية من الناخبين!! وهو ما يثبت أن الحزب الحاكم إلي جانب أجهزته الأمنية والمحلية شاركت معه العفاريت في اختيار مرشحيه ولا جديد في الحسرة والندامة التي خرجت بها المعارضة والتي اعتبرها أمين الوطني مفاجأة أن تفوز المعارضة بأربعة مقاعد.. واتضح أنهما اثنان فقط بعد أن أدانت لجنة حزب التجمع في دمياط ما اعتبرته تزويراً سافراً وشقاً لقلب تجربة سياسية رائدة رأيتها بنفسي في زيارة سريعة منذ أيام قليلة لدمياط للقاء في منتدي ثقافي يقيمه واحد من أبناء ومثقفي ونشطاء العمل السياسي هناك الأستاذ محمد التورجي - تجربة تنسق وتجمع أطياف العمل الوطني في محافظتهم إدراكاً لخطورة اللحظة ومخاطر الانقسامات والصراعات والتشرذم بين القوي الوطنية، وجاء في البيان المحترم للجنة حزب التجمع بدمياط : «لقد حدث تقفيل لصناديق الاقتراع بمعرفة أجهزة الأمن وجري تسويد البطاقات الانتخابية بصورة منهجية ومنظمة ونحن ندين ذلك بشدة سواء كان التزوير لصالح مرشح الوطني أو للمعارضة ونعتبره خيانة لإرادة الجماهير وعدواناً مستمراً علي حقوقها السياسية والدستورية وانتهاكا لكرامتها وشرفها.. إننا نرفض أي عطايا أو منح مشبوهة أو صفقات مع النظام وحكومته وحزبه حتي وإن جاءت هذه الصفقات مع بعض المحسوبين زورا وبهتانا علي اليسار المصري وداخل حزب التجمع ذاته - إن قبول هذا المقعد يمثل عاراً لن يمحوه الزمن». أما المقعد الذي لفظته المعارضة نفسها فهو الخاص بالحزب الناصري - فالحزب نفي مبكرا أن يكون له أصلا مرشح في انتخابات الشوري!! إذن فالمفاجأة التي هلل لها أمين الوطني كانت لمقعدين فقط ولحزبين معروف ظروف تكوينهما - فهل هذا هو حجم المعارضة، أم حجم مذبحة الديمقراطية التي حدثت، أم حجم نزاهة وشفافية الانتخابات، كما أعلنت الوعود الرئاسية؟ أي أن نزاهة الانتخابات علي طريقة الوطني أسفرت عن مقعدين ، فماذا لو لم يسمح أن تكون الانتخابات نزيهة؟! هل هذه الإهانة والاستهانة بإرادة شعب تليق بمشاركة أحزاب بينها ما يفترض الناس أنها أحزاب جادة ومحترمة ولتتحول في النهاية إلي لاعبة لنفس الدور الذي تلعبه أحزاب مهجنة من الوطني وادعاءات المعارضة لمواصلة دعم النظام وإضفاء الشرعية عليه من خلال قيامه علي تعددية حزبية مضروبة وملعوب بها ومستخدمة لأهدافه واستقوائه!! لقد اختار حزب الجبهة الديمقراطية أن يقاطع هذا الدعم ويواصل المشاركة في عملية سياسية فاسدة وجاءت الانتخابات كما توقعنا وحذرنا أن يتواصل العبور للمجالس النيابية ليس بشعبية وجماهيرية وإرادة حرة للناخبين ولكن بصفقات يديرها النظام ليوزع المنح والعطايا البرلمانية وفق ما يضمن له الأغلبية التي فرض بها كل ما أراد من قوانين استذلت المصريين وبددت ثرواتهم ووفرت له الهيمنة والسيطرة والاستبداد والفساد ويحتاجها في المرحلة المقبلة ليضمن بها التمديد والتوريث.. وقائع ما حدث أكد أنها لم تكن انتخابات تخص مصر والمصريين ولكن انتخابات تخص حزباً واحداً بيده مصير ونتائج العملية كلها - وما عدا الحزب وحكومته وقوات أمنه وميليشيات محلياته الجميع معازيم وفق شروط صاحب الفرح أو المأتم الوطني. في قراءة سريعة لتقارير شباب «صوتي مطلبي» والواردة من مجموعة من المحافظات «تنوعت الممارسات ما بين إلقاء القبض علي المندوبين أو طردهم خارج اللجان وإغلاق أبواب بعض اللجان من التاسعة والنصف صباحا وسحب البطاقات الشخصية من المواطنين أو اشتراط وجود صورة للناخب علي البطاقة الوردية التي تصدر أصلا من وزارة الداخلية دون صورة واستخدام البلطجية للاعتداء علي الناخبين ومنعهم من التصويت وإطلاق الرصاص الحي علي المندوبين الذين تمسكوا بأداء مهمتهم!! لقد توقعت وحذرت في مجموعة مقالات متوالية من استنساخ النظام لنسخة جديدة مما حدث في 2000 و2005 وأثبتت انتخابات الشوري 2010 أن التراجع إلي الوراء وإلي التحدي وإلي الاستهانة بكرامة الشعب أكبر، وفشلت جميع محاولات الاحتكام إلي الشرعية والقانون - وفشلت محاولات أحزاب تقدمت بمشروعات متكاملة لممارسة الحقوق السياسية بما يضمن أو يخفف التزوير وأحدث مشروع قانون تقدمت به جماعة «مصريون من أجل انتخابات حرة وسليمة» دخل مجلس الشعب قبل انتهاء الدورة البرلمانية بقليل، وكما أشرت من قبل «لا حياة لمن تنادي». الخلاصة لا انتخابات محررة من التزوير ومن كسر وإهانة إرادة المواطن في ظل هذا النظام إنه لا انتخابات إلا بشروطه وشروط التزوير والتقفيل والهيمنة وتوزيع الدوائر والمقاعد وأن الفوز لمن رضي واستسلم وشارك.. فهل ستشارك الأحزاب علي مبادئ الشفافية والنزاهة كما تجلت في انتخابات الشوري 2010 أم ستستعين بميليشيات وبلطجية ورصاص حي لتحمي مندوبيها وصناديقها وسيتكلم الرصاص والدم كما البدايات والمؤشرات التي حدثت في انتخابات الشوري 2010، أم سترفض دعم استمرار مذابح الديمقراطية وتمتنع عن دعم التزوير ومنح النظام شرعية التعددية الحزبية التي يباهي بها - حتي تسقط وتثبت أن لها دوراً أكبر وأعظم من أن تكون مجرد سنيد وفرفور في مهزلة أو ملهاة عبثية ترفع بتبجح نادر شعارات الديمقراطية. 4) لا يقف الحدث الثالث بعيداً عن مذبحة الصهاينة ضد أسطول الحرية وحصار غزة ولا عن أحدث حلقات مذابح الديمقراطية في انتخابات شوري 2010 وأقصد به أحداث يونيو 1967 عندما انهزمت السياسة بغياب الديمقراطية وادعي ومازال هزيمة الجيش المصري - كيف يهزم جيش عظيم احترف صناعة النصر منذ فجر التاريخ وفرض عليه الفساد السياسي وغياب الديمقراطية أن ينسحب بعتاده ومعداته وآلياته وقواته من الميدان في ساعات من الميدان قبل أن يبدأ المواجهة مع العدوان الصهيوني. هل تعلمنا من درس من أقسي ما حدث في تاريخنا الحديث ومازالت بصمات السودان تفعل فعلها.. أبدا مازالت أهم أسباب الهزيمة ممتدة في تغييب وإقصاء إرادة الشعب وتحويل المراسم الانتخابية إلي مراسم إرهاب لمن يقاوم وتوزيع صدقات وحسنات وأموال بدلا من اختيار نواب يقاومون بذور وزراع الفقر والفساد واللصوص ومصاصي دماء المصريين وتوالي إقصاء شروط ومقدمات قيام حياة نيابية حقيقية تتم من خلال الرقابة الشعبية والنقد والتقويم والتصحيح. هزيمة 5 يونيو مازالت ممتدة في انتصار وسيادة الاستبداد والفساد والقرار الأوحد والفرد الأوحد والحزب الأوحد.. لم نتعلم من الهزيمة.. وكان نصر 73 خروجاً علي نص الهزائم واستدعاء للشعب ليضع انتصاره ثم أُعيد إلي مقاعد المتفرجين.. وذهب السادة ليسرقوا النصر ويبددوه، كان نصر 73 خروجاً علي نص الهزائم والفساد والاستبداد لذلك سرعان ما انطوت صفحته وعدنا إلي خطوط الهزيمة، مقاومة المعارضة الجادة والمحترمة وجماعات العمل الوطني وعلي رأسها الجمعية الوطنية للتغيير ويخيب مسعي كل من يظن أن هناك خلافات تشق صفها الواحد وسعيها للتغيير، إنها فقط إعادة ترتيب للأدوار والمسئوليات لأداء أفضل وأقوي لمقاومة استمرار هزيمة وطن وبقائه واستذلاله بالهيمنة الصهيونية والأمريكية وتنصيبهما مصدراً للشرعية والاستقواء بدلا من الشعب، إنها قضايا أكبر وأجل من المصالح الحزبية الخاصة.. قضية يعرف واجباتها الوطنية والأخلاقية، أكثر من كل وطني أمين علي هذا الوطن، بل ما وصلت إليه أحواله جعلته تحت رحمة صناديق الأموال الأمريكية التي سيرهن فيها المعونة أو ما تبقي منها لتتولي أمريكا الإشراف علي إدارتها وإنفاقها بينما بدأ البيع لممتلكات مصر بالخارج، ويبدو أن البداية ستكون ببيع مبني القنصلية المصرية في سان فرانسيسكو التي رشحت الأنباء أحد أقطاب الحزب الحاكم لشرائها. هل يختلف الأمر كثيراً بين هزيمة أو نكسة أو وكسة 1967 التي كانت هزيمة الديمقراطية وإقصاء إرادة الشعب ومشاركته من أهم أسبابها وتزوير 2010.. هل لا يجمع بين الاثنين استمرار هزيمة وإرادة وكرامة وطن وحاضر ومستقبل شعب!! في مفاجأة من العيار الثقيل تفوق المفاجأة التي أذهلت أمين الحزب الحاكم بفوز المعارضة بأربعة مقاعد، اثنين منها طعن عليهما من المعارضة نفسها. إن الحزب الوطني قرر أن ينافس نفسه في انتخابات الزعامة - وكما وصفها الأهرام الأحد 6 يونيو - في سابقة فريدة قرر الحزب الوطني منافسة نفسه في الدوائر التي تجري بها إعادة التجديد النصفي لمجلس الشوري، وأن أمين التنظيم بالحزب اعتمد أسلوب «الترشيح المزدوج بالسماح للمرشحين عن الحزب بالتنافس في جولة الإعادة أي كما يقول عنوان الخبر .. الوطني ينافس نفسه» واحد من الأسباب التي قدمها الخبر - عدم وجود مرشح قوي للمعارضة!!!!! انتهي النص المنقول من الخبر - ولا عزاء للمعارضة ولا للمصريين!! ملحوظة: لا أعرف لماذا أحسست أن كلمة «وكسة» لها أصول فصحي، لجأت إلي لسان العرب اتضح أن وكس من الوكس وهو النقص والنقصان.. بالفعل كانت وستظل الوكسة الوطنية طالما كان وسيظل هذا النقصان والانتقاص في احترام إرادة الشعب.. وفي الضمير الوطني والأخلاق والعلم والتعليم والصحة وجميع المقومات التي تتكون منها قوة الأمم، وفوقهم النقصان والانتقاص في السيادة والإرادة والقرار.