عادة لا أحب تناول موضوع واحد عدة أيام.. لكن قضية البرادعي وسفره المتكرر للخارج فرضت نفسها.. كما أن تعليقات القراء الكثيرة تجبرنا علي العودة مرة أخري للموضوع.. عندي قضية كنت أود الكتابة عنها اليوم وهي عن صدور تقرير وزارة الإسكان حول مخالفات السلاب.. والذي أيد قرارات محافظ القاهرة.. وهي قضية مهمة تاهت وسط الحديث عن البرادعي وفتح معبر رفح. عودتي الثالثة للكتابة عن البرادعي اليوم سببها تعليقات القراء التي اتسمت غالبيتها بالموضوعية.. وأورد بعضهم معلومات جديدة حول أسباب سفر البرادعي.. وحتي لا تتوه التفاصيل يمكننا الإيجاز في النقاط التالية: 1- الأستاذ حمدي قنديل - المتحدث الإعلامي للجمعية - تراجع فعلا عن تقديم استقالته ومعه الدكتور حسن نافعة.. لكن لظروف التقديم المبكر للمقال.. لم أذكر ذلك.. وقد أوضح لي حمدي قنديل تراجعه فعلا عن الاستقالة.. وأنه مستمر في موقعه عدة أشهر قادمة حتي يتم إعداد كوادر بديلة لاستمرار ديناميكية الجمعية. 2- الدكتور البرادعي سوف يسافر بعد أيام للخارج لكنه لن يمكث حتي سبتمبر القادم بشكل متصل.. مثلما ذكر الأستاذ حمدي قنديل في الشروق الأسبوع الماضي.. وسيعود في 17 الشهر الجاري لكنه سيستمر في السفر والعودة بشكل متقطع حتي نهاية سبتمبر القادم.. وهذا ما يعرفه أعضاء الجمعية.. حيث أبلغهم البرادعي أن التزاماته الدولية مستمرة حتي هذا الموعد. 3- رغم أن القارئ ياسر علي كان من أوائل الموقعين علي بيان التغيير.. لكنه يستفسر.. أين شخصيات مثل وحيد حامد وإبراهيم يسري وعبد الله الأشعل وغيرهم من عضوية جمعية التغيير.. كما أكد عدد من القراء مسئولية الدكتور البرادعي عن تزايد الإحباط بين الشباب.. بسبب تكرار غيابه ودعاه أحدهم ألا يكون سارق الحلم. 4- عرض القارئ كمال علي في تعليقه أسباب تكرار سفر البرادعي.. وجهة نظر جديدة تتعلق بقانون الوكالة الدولية للطاقة الذي يلزم مديرها عند ترك منصبه أن يلقي محاضرات لمدة عام في الجامعات الدولية.. وإذا لم يلتزم بذلك فإنه يتعرض إلي سحب لقب الرئاسة الفخرية منه.. والتي نالها تقديرًا لجهوده.. كما يحق للوكالة مقاضاته أمام المحكمة الدولية وليس القضاء المصري بتهمة إخلاله بالتزامه الوظيفي.. ونفهم من هذا التعليق أن التزامات البرادعي إجبارية.. وإذا صح ما يقوله القارئ العزيز فإن السؤال الذي ينبغي أن يتم توجيهه للبرادعي هو:هل المعلومات السابقة صحيحة أم لا.. وإذا كانت صحيحة وأن سفره للخارج له ما يبرره.. فلماذا لم يعلن ذلك للناس منذ البداية.. وما سر إصراره علي التعتيم؟. 5- قناعتي الشخصية بأن هناك حالة من الالتباس حول الدكتور البرادعي سببها طبيعته الشخصية.. فالناس بحاجة إلي أن يتحدث إليهم أكثر وأن يجيب عن أسئلة كثيرة.. طالما أصبح شخصية عامة باتت - عند قطاع ليس بالقليل من المصريين - تمثل أملا.. وأرفض سياسات اللقاءات الضيقة في الغرف.. عندي ملاحظات جوهرية تتعلق بأداء البرادعي وسأذكر واحدة منها اليوم.. وهي عن مكان إقامة البرادعي.. فقد تصورت أن الرجل بعد دعوته للتغيير سيكون متاحا أمام الناس والإعلاميين من خلال وجوده داخل مقر في وسط البلد.. يوجد فيه ويكون متاحا أمام وسائل الإعلام.. ومقصدا للقاء القوي السياسية أو الفعاليات الشبابية.. لكن الرجل آثر البقاء في مسكنه المنعزل بين الأسوار في طريق إسكندرية الصحراوي.. ومن يرغب في لقائه فعليه تكبد عناء هذا المشوار. أتذكر أن الراحل الدكتور عزيز صدقي عندما كان رئيسا لتجمع عدد من القوي السياسية منذ خمس سنوات.. ورغم سنه المتقدمة التي شارفت علي التسعين فإنه خصص مكتبه الشخصي بالزمالك لعقد لقاءاته الشخصية.. وكنت تجده يوميا بمكتبه منذ الثامنة صباحا وحتي الثالثة بعد الظهر.. وكان قامة لها تاريخها الوطني المشرف فهو أبو الصناعة المصرية.. السؤال هو: لماذا لم يفعل البرادعي مثل عزيز صدقي؟!. ظني أن إجابة هذا السؤال سوف توضح لنا كيف يفكر البرادعي ومن ثم طريقة تعامله مع الجماهير.. القائد لا يجب أن يكون انطوائيا أو يعيش في عزلة عن الجماهير.. هل وصل المعني؟!.. أرجو ذلك.