سلّم إنجازات الجيش للمجتمع فى آخر مشهد له حتى الآن كوزير دفاع باستقالة حكومة الدكتور حازم الببلاوى بكاملها، يكون سيناريو ترشح المشير عبد الفتاح السيسى للرئاسة قد تحرك خطوات واسعة للأمام وبشكل متسارع، بعد أن سبقها بيوم واحد بالكشف عن اختيار خمس شخصيات لإدارة حملته الانتخابية.
الجميع كان ينتظر طريقة استقالة السيسى من الحكومة ومغادرة ملابسه العسكرية إلى أخرى مدنية، اختبرها علنا قبل أسبوعين عندما قام برحلته إلى موسكو مع وزير الخارجية مرتديا «بدلة» مدنية فى المغادرة والعودة، وتعمدت وسائل الإعلام إبراز مغادرته من مطار ألماظة العسكرى ووصوله إلى نفس القاعدة العسكرية بملابس مدنية، ليرى المصريون رئيسهم القادم احتمالا بالشكل المطلوب فى زى مدنى.
كل التكهنات تحدثت عن تعديل وزارى محدود، يضم وزير الدفاع ووزير الإنتاج الحربى وربما بعض الحقائب للتمهيد لانتقال السيسى من قائد عسكرى إلى سياسى صرف، ولتحسين صورة حكومة الببلاوى وضخ دماء جديدة تساعد الحكومة المتعثرة على المواصلة إلى حين إنهاء استحقاقات خارطة المستقبل، وأولها انتخابات الرئاسة التى ينتظرها المصريون جميعا.. لكن باستقالة الحكومة بأكملها، أصبح السيسى خارج الحكومة ضمن كل أعضائها بما لا يسمح بمساحة لتأكيد خروجه من أجل الرئاسة، وفى نفس الوقت يحتفظ بمقعده لتسيير الأعمال إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة، وإنهاء الملفات المعلقة التى عكف على استكمالها منذ أسبوعين قبل أن يغادر منصبه.. قبل ساعات من استقالة الحكومة كشف الكاتب الصحفى إبراهيم عيسى، عن استقرار المشير السيسى على الترشح للرئاسة، لكنه قدم جديدا بالكشف عن شخصيات خمس استقر عليها السيسى لإدارة حملته الانتخابية، هم عمرو موسى المرشح الرئاسى السابق، ومحمد حسنين هيكل الكاتب الصحفى، والدكتور عبد الجليل مصطفى الناشط السياسى، ومصطفى حجازى المستشار السياسى لرئيس الجمهورية، والمخرج السينمائى خالد يوسف، أبرز المؤيدين للسيسى من التيار الشعبى الذى يدعم المرشح المحتمل حمدين صباحى.. عيسى أكد أن السيسى اجتمع بفريقه ثلاث مرات حتى الآن، وأنه أوكل إليهم الترتيب لحملته الانتخابية، وأن يكونوا مسؤولين عن نجاحه أو إخفاقه فى خوض سباق الرئاسة القادم.
وبينما سارع البعض بنفى المعلومة القنبلة مثل الكاتب محمد سلماوى عضو لجنة الخمسين، الذى نفى على حسابه للتواصل «تويتر» صحة الخبر قائلا: «الخبر الذى تردد حول اجتماع السيسى اليوم بخمس شخصيات من بينهم هيكل وموسى لمناقشة برنامجه الانتخابى لا أساس له من الصحة»، وفى اليوم التالى أعلنت الحكومة عن استقالتها بالكامل، لينفتح الباب للتساؤل حول الإطار القانونى الحالى لترشح المشير السيسى للرئاسة.
السيسى كان قد عكف على لقاء رموز بعض القوى والتيارات السياسية، فى إطار ما عرف بالتواصل المستمر بين المؤسسة العسكرية ورموز الدولة المصرية بشأن الأوضاع العامة على الساحة المصرية والأوضاع الداخلية، بينما كان آخر ظهور له كوزير فى الحكومة المستقيلة فى افتتاح مشروعات ضخمة أنجزتها القوات المسلحة لصالح خطة التنمية الشاملة والكشف عن إنجاز علمى طبى غير مسبوق بابتكار جهاز جديد للكشف عن فيروس «سى» وعلاجه، وهو المرض الذى يحقق أعلى نسبة إصابة عالمية بين المصريين فهل كانت مصادفة؟
دستوريا وقانونيا لا يوجد نص يلزم أى وزير يرغب فى الترشح للرئاسة بترك منصبه، حيث أقر الدستور الجديد وضعية قانونية جديدة، وهى أنه حال ترشح وزير أو موظف عام لمنصب معين أو لانتخابات لا يلزمه بالاستقالة من منصبه، وذلك يسرى على القضاة والوزراء وهى المدة البينية ما بين الترشح للانتخابات وإعلان النتيجة.
وفى المقابل فإن انتماءه إلى المؤسسة العسكرية يمنع اسمه من القيد فى جداول الناخبين، حيث يمنع الدستور العسكريين من ممارسة حقوقهم السياسية فى التصويت والترشح حتى ترك الخدمة، مما يعنى أن الدستور لا يلزم السيسى بالاستقالة، لكن ترشحه يلزمه بترك العسكرية والتحول تماما إلى المدنية.
وفى انتظار التعديلات التى طرحتها الرئاسة للنقاش المجتمعى على قانون الانتخابات الرئاسية، الذى سيحدد شروط الترشح لانتخابات الرئاسة، لن يكون واضحا تماما طبيعة الخطوات التى سيتبعها السيسى حال إعلان ترشحه، وربما كان ذلك ميزة أخرى تمنحه مزيدا من الوقت لإنهاء كل الأمور المعلقة فى وزارة الدفاع.