ممنوع عقد القران في مشيخة الأزهر بداية من أغسطس القادم.. هل أصدر فضيلة الإمام الأكبر هذا القرار القاسي علي البسطاء.. والذي نشرته الأهرام (27مايو) في صفحتها الأولي لأنه يهم الملايين.. ظني أن بعضهم- عن قصد- قد نقل للإمام الأكبر ما يسيء للتجربة وقالوا ما يذم فيها.. لا أعرف مولانا الإمام شخصيا لكن مطالعتي لما يكتبه ومشاهدتي لما يقوله في التليفزيون يؤكدان أننا في حضرة عالم جليل يعرف ما يقوله، ويعي سماحة الدين الآخر، لذا فقد أزعجني القرار لأسباب عديدة منها، أن عقد القران داخل الأزهر كان يحل مشكلة عويصة جدا أمام الفقراء لما يمثله (كتب الكتاب) من عبء مادي علي كاهل العريس وأسرته.. فجاء عقد القران بالأزهر كي يزيل هذا الكرب ويخفف عن العريس، خاصة إذا عرفنا أن كل ما يدفعه هو خمسمائة جنيه مقابل عقد القران وتأجير القاعة التي سيعقد فيها القران، حتي إن العريس في هذا اليوم يستغني عن تأجير قاعة لإقامة فرحه لارتفاع التكاليف.. لذا بدأ الشباب يجدون مخرجا كريما أمام عائلاتهم وأسرة العروس وأصدقائهم، حيث يتعامل الشاب مع قاعة المشيخة كمكان لعقد القران وإعلان الزفاف معا، خاصة أنها تسع مائة مدعو.. وبعد انتهاء عقد القران يقدم أهل العريس ما تيسر لهم من بعض الحلوي البسيطة.. ثم يأخذ الشاب عروسه عبر تبريكات الأصدقاء تاركا المشيخة مصحوباً بدعوات الأهل ليركب سيارة بسيطة لإتمام الزفة.. وهكذا يشعر العريس وعروسه بالرضا وأنهما لم يتم حرمانهما من الفرح ليلة عرسهم. حسبما نشرته الأهرام فإن القرار الذي أصدره شيخ الأزهر ليس له حيثيات مكتوبة، لأنه صدر شفويا.. لكن ترددت بعض الأسباب التي دفعت الإمام الأكبر إلي اتخاذه، منها التأثير السلبي لأجواء عقد القران في هيبة الأزهر، خاصة إذا علت الزغاريد أو ظهرت النساء متبرجات.. وهذا سبب يمكن التعامل معه عبر التنبيه بضرورة ارتداء النساء ملابس محتشمة ولائقة أثناء دخولهن المشيخة لحضور عقد القران.. أما مسألة الزغاريد فإنها تصرف عفوي طبيعي ليس به غضاضة، لأنه تعبير عن فرحة البسطاء.. ثم من الذي قال إن الزغاريد سلوك غير راق يخدش هيبة الأزهر.. فرحة بسطاء المسلمين لن تنقص من مكانة الإسلام ذاته فما بالك بمشيخته وأزهره. يذكر الخبر سببا ثانيا للمنع وهو الدواعي الأمنية.. حيث يحول دون أداء وظيفتها.. دخول أعداد هائلة للمشيخة.. وهو قول مردود عليه بأن المبني المخصص لعقد القران منفصل عن المبني الرئيسي للمشيخة، كما أنه يضم ثلاث قاعات مما يقلل من فكرة الزحام.. إذن أين المشكلة.. أخشي القول إن عقد القران داخل المشيخة مقابل رسوم زهيدة قد أدي إلي تضرر المأذونين في أنحاء متفرقة بالقاهرة الكبري فكان القرار. عندما وافق الدكتور طنطاوي- شيخ الأزهر الراحل- بالسماح بعقد القران بالمشيخة.. فإنه قد أمر بتخصيص جزء من حصيلة عقود الزواج للفقراء والأيتام وأصحاب الأمراض المستعصية.. وبالقرار الأخير سيتم وقف هذه المساعدات مما سيتضرر معه المحتاجون. أرجو أن يسمح لي فضيلة الإمام الأكبر بالاختلاف مع قراره، لأنه لم يراع التخفيف علي فقراء المسلمين.. عن طريق تيسير عقود الزواج مقابل تكلفة زهيدة.. أخشي أن يغضب عدد من المتضررين من القرار فيشكون الأمام الطيب إلي الله.. والذي أظن أن له من اسمه نصيباً. مولانا.. نرجو أن تعدلوا عن هذا القرار.. فيكفي ما أصاب الناس ولا يزال يصيبهم.. فخفف عنهم وضع ما تشاء من ضوابط معقولة لحفظ النظام داخل المشيخة أثناء عقد القران.. لكن لا تمنع الناس أفراحهم ولا تكبدهم فوق طاقاتهم.. وفرج كربة المسلم الذي يريد التحصين بالزواج ويسر ولا تعسر.. وكن هينا لينا باشًّا مع الناس.. حتي تنال رضاهم ودعواتهم التي أرجو أن تكون لك لا عليك.. فهل تفعل؟.