في إجراءات اعتبرها الكثيرون «مذبحة للصحافة والحريات الصحفية» في السودان، قامت السلطات السودانية بفرض الحظر علي صحيفتين للمعارضة وإجبار ثالثة علي الاحتجاب عن الصدور واعتقال وتعذيب صحفي، وعودة الرقابة الأمنية لبعض الصحف بعد أيام قلائل من أول انتخابات تعددية في البلاد منذ 24عامًا انتهت بفوز الرئيس عمر البشير، وبعد أقل من عام من رفع الرقابة علي الصحف، الأمر الذي قوبل بالكثير من الرفض والتظاهر من قبل الصحفيين السودانيين. كما اتهم حزب المؤتمر الشعبي المعارض السلطات السودانية باعتقال وتعذيب الصحفي أبو ذر علي الأمين، نائب رئيس تحرير جريدة «رأي الشعب» التابعة للحزب، بعد إغلاقها بأيام، وأبلغ الصحفي محامين ب «نيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة «بما تعرض له من تعذيب فاحش علي أيادي رجال الأمن، وأنه تعرض «للضرب المؤذي علي أعضاء الجسم كافة، لا سيما الظهر والرأس والأطراف، ولم يُترك حتي بعد غيابه عن الوعي»، إضافة إلي صعقات بالكهرباء «تركت آثارا بالغة ظاهرة علي الجسم وعلي عمل الكليتين، كما أصابته بنزيف في الأمعاء». فقد أغلقت قوات الأمن السودانية مقر صحيفة «رأي الشعب» المعارضة التابعة لحزب المؤتمر الشعبي، وذلك بسبب نشرها خبرًا عن أن قوات من الحرس الثوري الإيراني تصنع أسلحة متطورة في الخرطوم للحكومة السودانية ويتم تسليمها إلي حماس في غزة، بالإضافة إلي إغلاق صحيفتي «أجراس الحرية» و«الصحافة»، وفرضت منع نشر مقالات جاهزة للطبع وحذف أجزاء من أخري، رغم ميثاق يضع حدًّا للرقابة علي الصحف المطبوعة صدر في 2009. وهو الأمر الذي أوضح أن السلطة السودانية ضد الحرية ولا تستطيع احتمال صحف، وأن الرقابة عادت دون أي إخطار مسبق. واعتبر محللون أن الحكومة بهذه الإجراءات تحاول بعث رسائل لإرهاب خصومها وتخويفهم عبر الاعتقالات ومصادرة الصحف، وأنها فشلت في إدارة الحوار «وبالتالي لابد أن تلجأ لمثل هذه الإجراءات التعسفية والمخالفة للقانون والدستور»، وسط دعوات لها بالتعامل مع الآخرين وفق الدستور والقانون مع الجميع، وإلي إطلاق جميع المعتقلين من سياسيين وصحفيين، واتفق الصحفيون مع أحزاب المعارضة علي التنديد بموقف الحكومة وخطواتها الجديدة التي اعتبرها الجانبان انتكاسة جديدة وعقبة في وجه التحول الديمقراطي المنشود. وقام المعارضون والصحفيون بحملة تضامنية لمقاومة القرارات الحكومية التي تخالف الدستور والقانون بحسب قولهم، واستنكرت مجموعة شبكة «الصحفيين الديمقراطيين» ما تتعرض له المؤسسات الصحفية في السودان واعتبرت الأمر انتكاسة كبري وتراجعًا عن الحريات المنصوص عليها في الدستور الانتقالي واتفاقيات السلام المتعددة. وقد حمل ياسر عرمان - نائب الأمين العام ورئيس قطاع الشمال للحركة الشعبية - المؤتمر الوطني مسئولية ما سماه تردي أوضاع حقوق الإنسان في البلاد، مشيرا إلي ما سماه بداية عهد جديد للقهر المرفوض، ورأي أن الإجراءات القمعية ستشل حركة الوطن وتركيزه نحو استحقاق حق تقرير المصير لجنوبي السودان. جدير بالذكر أنه تصدر في السودان نحو ثلاثين صحيفة عربية وإنجليزية تعبرعن مختلف التوجهات السياسية، وكانت الرقابة علي الصحف رُفعت في يوليو 2009 علي إثر إجازة ميثاق للشرف الصحفي أعدته لجنة من مجلس الصحافة، وهو الجهاز الحكومي المشرف علي العمل الصحفي واتحاد الصحفيين ورؤساء تحرير الصحف، هذا ولم يتسنَّ الحصول علي تعليق من السلطات السودانية علي هذه الأحداث.