لا أعرف ما الذي ربط في ذهني بين قانون الطوارئ وهذا المثل الذي هو علي رأي الست دي أمي « إيه تعمل الماشطة... في الوش العكر » ؟! وللمعلومات فقط فالماشطة هي التي تمشط الشعر وتزينه أما «الوش العكر» فهو الوجه الذي لا تجد فيه ابتسامة وكله نكد من أوله إلي آخره ... حتي أصبح مكفهراً معكراً ... لا تصلح معه زينة أو أدوات تجميل . ووجه الشبه بين الطوارئ والوش العكر كبير جداً فالاثنان لا يمكن أن يجملهما شيء ... حتي كلام المنافقين من الكتاب والمذيعين والإعلاميين والساسة الذين حصلوا علي ماجستير في الكذب ودكتوراه في «مسح الجوخ» وتزيين كل باطل ... فهؤلاء جميعاً وبكل ما أوتوا من « بجاحة» لن ينجحوا في تلك المهمة الثقيلة ... وإذا كنت تريد أن تضحك حتي تقع علي ظهرك فاقرأ تلك الحملة الصحفية والإعلامية التي تبشرنا بأن قانون الطوارئ لن يطبق إلا علي الإرهاب والمخدرات وأن الإفراج عن المعتقلين سيكون في أول يونيو القادم ... وطبعاً سيتم تصوير مئات المعتقلين وهم يخرجون من السجون في أول يونيو القادم، ثم تأتي أمام الكاميرا الحاجة « أم توفيق» وهي تزغرد وتشكر قانون الطوارئ الذي أفرج لها عن ابنها « توفيق» الذي لم يكن والحمد لله إرهابياً، وإنما كان فقط مسجل خطر اغتصاب «وسرقة بالإكراه» وستجري معها المذيعة «الحلنجية» إياها حواراً تليفزيونياً لتصف فيه « أم توفيق» شعورها بعد أن اقتصر تطبيق قانون الطوارئ علي الإرهاب والمخدرات وأفرج القانون عن «المحروس توفيق» وهنا ستصيح « أم توفيق» بالفم المليان: «إرهاب إيه يا ست هانم ... الشر بره وبعيد ... المحروس توفيق محترف تزييف عملة .. وسرقة واغتصاب» المهم يا سادة أن الإفراج عن «توفيق» هو الذي ستحاول به الماشطة أن تزين «الوش العكر» ... وسيبقي قانون الطوارئ كما هو، ويكفي أن يدون الضابط في مذكرة الاعتقال أن الحاج «أسامة» إرهابي خطير فيتم اعتقاله إلي ما شاء الله ... والغريب يا أخي القارئ أنك لا تجد خجلاً من هذا الأسلوب المتدني في الضحك علي الذقون ... وعلي الذين حلقوا ذقونهم أيضاً ... فتجد هؤلاء المنافقين يتحدثون عن تطبيق قانون الطوارئ في أمريكا وبريطانيا وألمانيا ... الذي هو من وجهة نظرهم أسوأ من قانون الطوارئ المصري ... يعني تبوس إيدك وش وظهر إنك وقعت في حضن حكومة مصر التي تعتقلك لمدة عشرين سنة فقط .. لأنك لا تعلم أنك لو كنت في بريطانيا ما الذي كان سوف يحدث لك ... ذلك أن وجهة نظرهم أن الاعتقال في مصر يراقبه القضاء ... بينما في بريطانيا يراقبه شيخ الحارة» وهذا الكلام الذي لا أصل له في القانون ولا في الواقع لن تجد طبعاً من يصدقه، ذلك أن كل بيت في مصر وكل عائلة قد مرت بمحنة اعتقال واحد منها، وأحيانا أكثر من واحد في الأسرة الواحدة ... وكل بيت في مصر يعرف طريق مكتب التظلمات الذي يتم تقديم التظلم فيه من الاعتقال ثم يتحدد للمعتقل جلسة يقرر فيها القاضي إخلاء سبيله علي الورق طبعاً؛ ذلك أن المعتقل لا يخرج بقرار من القاضي حتي ولو كان هذا القاضي رئيس محكمة النقض ... ومن هنا فإن منظمات حقوقية قد أعدت كتاباً من مائة وعشرين صفحة أدرجت فيه أسماء الآلاف من المعتقلين الذين تم اعتقالهم اعتقالاً أبدياً ... ثم ولماذا نذهب بعيداً والمعتقلون في مصر قد أقاموا أكثر من ثلاثين ألف قضية تعويض أمام مجلس الدولة بطلب التعويض عن فترات اعتقالهم التي وصلت في بعض القضايا إلي أكثر من عشرين عاماً متصلة؟! ثم لماذا نتحدث عن الطوارئ وقانون الطوارئ والحكومة المصرية ليست في حاجة إلي قانون الطوارئ أو غيره، فالتعذيب مثلاً لم ينص عليه قانون الطوارئ إنما هو يتم تطبيقه في مصر واللي يموت ... يموت؟... أما تسجيل المكالمات وانتهاك الحرمات وتزوير محاضر الضبط وكتابتها بغير تاريخها وإلزام المواطنين بعلقة لكل مواطن في أقسام البوليس وغير ذلك من الاستهانة بالإنسان المصري ... فكل هذا يحدث دون أن يتم النص عليه في قانون الطوارئ يعني من المستحيل أن نصدق المنافقين من بعض الإعلاميين المصريين ونكذب ما نراه بأعيننا ومن المستحيل أن نصدق ما نقرأه في جريده الأهرام في عددها الصادر يوم 13/مايو في الصفحه الرابعة وهي تقول لنا إحمدوا ربكم أنكم لستم في بريطانيا أو فرنسا ... وأن المعتقل في مصر يخرج بحكم القضاء وأن بعض المعتقلين يطلبون استمرار اعتقالهم من حلاوة ما يجدونه من اعتقال ... يعني المطلوب أن نصدق الصحف المصرية والقنوات الفضائية ونكذب ما نراه بأعيننا ... ثم نقول ربنا يديمها علينا نعمة ... ويحفظها من الزوال . وبهذه المناسبة يروي أن الطبيب قد خرج إلي والد الطفل وهو يؤكد له أن ابنه قد مات أثناء العملية الجراحية فظل الرجل يبكي بحرارة ... إلا أنه وبعد لحظات فوجئ بطفله الصغير وهو يشد جلبابه ويقول « أنا لسه عايش يا بابا» فنظر إليه أبوه ثم نهره قائلاً: «يعني أصدقك إنت وأكدب الدكتور» وعجبي